لم يمض وقتا طويلا حتى تكشف بجلاء السيناريو المكرر الفاشل الذي اعتادته ميليشيات طرابلس باستهداف مناطق سكنية أو مباني عامة أو مقار دبلوماسية ومحاولة إلصاق التهمة بالجيش الليبي محاولة تأليب الرأي العام المحلي والدولي ضده، بعد أن قصفت حي زاوية الدهماني بالعاصمة طرابلس، مساء الخميس، بالقرب من سفارة تركيا ومقر إقامة السفير الإيطالي.

فبعد أقل من 72 ساعة تكشفت المؤامرة، واتضح أن القصف كان مخططا له بإيعاز من المحتل التركي، حيث هددت وزارة الخارجية التركية، اليوم الأحد، باستهداف قوات الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر.


وقالت الوزارة التركية، في بيان نشرته وكالة رويترز، "إنها ستعتبر قوات الجيش الليبي أهدافا مشروعة إذا واصلت هجماتها على مصالحها وبعثاتها الدبلوماسية في ليبيا".

وأضافت الوزارة في بيانها "إذا تعرضت بعثاتنا ومصالحنا في ليبيا للاستهداف فسنعتبر قوات حفتر أهدافا مشروعة"، على حد وصف البيان.

فبعد الأنباء الحزينة المزلزلة التي تلقاها أردوغان من قاعدة عقبة بن نافع "الوطية"، بعد دحر مرتزقته والميليشيات الموالية له على أسوارها، والتقدمات التي تحرزها قوات الجيش في محاور العاصمة طرابلس والأنباء المتواترة عن انهيارات في صفوف المليشيات، وفي ظل الموقف الرخو من المجتمع الدولي حيال الاعتداء التركي على السيادة الليبية وتواطؤ بعض دول الجوار، يبدو أن أردوغان قد جُن جنونه، وهو ما دفعه لإعادة تدوير سيناريوهات بالية لم تعد تنطلي على أحد باستهداف مناطق قريبة من المقار الدبلوماسية لتأليب الرأي العام والمجتمع الدولي من ناحية كما ذكرنا آنفنا، وكي يظهر في دور المعتدى عليه ويتخذه مبرر لمغامرة أخرى له في ليبيا، لن يجن منها سوى المزيد من الخسائر.

القيادة العامة للجيش كانت يقظة، منذ اللحظة الأولى، للمسلسل التركي الفاشل تأليفا وإخراجا، فبعد أقل من 24 ساعة على قصف الميليشيات لحي زاوية الدهماني، أصدرت القيادة العامة للجيش الليبي، الجمعة، بيانا أشارت فيه إلى أنها "تعهدت في تقدمها نحو طرابلس بشكل مباشر بحماية المقار الدبلوماسية كالسفارات الاجنبية ومقرات الهيئات والبعثات الدولية في العاصمة وكذلك مقرات الشركات الأجنبية ومؤسسات الدولة" 




ونفت القيادة العامة نفياً قاطعا قيامها بقصف مناطق السفارات، مشيرة إلى أن ذلك ينافي المواثيق والقوانين والأعراف الدولية، لافتة إلى أنه "طوال السنوات الماضية وقبل أن تبدأ عملية طوفان الكرامة كانت السفارات والبعثات الأجنبية عرضة للاستهداف والاعتداء والسرقة والنهب من المليشيات المسيطرة على العاصمة"، وفق البيان.

وعزت القيادة العامة، خلال البيان، تعهدها -المشار إليه- إلى سببين، أولهما أن "عمليات القوات المسلحة تستهدف حماية الوطن وضيوفه من الإرهاب والعصابات الاجرامية لتبرهن لليبيين والمجتمع الدولي أنها تقاتل من أجل السلام والأمن والاستقرار"

ووفق البيان، السبب الثاني هو أن القيادة العامة تعلم أن ما وصفهم البيان بـ "العصابات الإرهابية لا تتوانى عن ارتكاب جرائم وأفعال قذرة ضد السفارات الاجنبية الهيئات الدولية من أجل تأليب الرأي العام الدولي على القوات المسلحة وأهداف الحرب التي تخوضها ضد التكفريين والعصابات الإجرامية"، مؤكدة أن ما شهدته، أمس الخميس، بعض السفارات من استهداف  في طرابلس يأتي في هذا الإطار .

من جانبه، رأى الباحث في الشؤون الاستراتيجية فرج زيدان، أن ما وصفها بـ"التهديدات والعواء" الصادرة عن وزارة الخارجية التركية بشأن استهداف قوات الجيش الليبي، ناتجة عن الخسائر الكبيرة في صفوف العسكريين الأتراك في ليبيا.

وقال زيدان، في تعليقه على بيان وزارة الخارجية التركية اليوم الأحد، "ندرك تماماً بأن التهديدات والعواء الصادر عن وزارة خارجية أردوغان، ضد الجيش الليبي هي ناتجة عن الخسائر الكبيرة في صفوف العسكريين الأتراك في ليبيا والمرتزقة السوريين، وفشل خطط النظام التركي الإرهابي في الوطية وترهونة، فضلاً عن انتصارات وتقدمات قواتنا المسلحة الباهرة باتجاه عمق طرابلس"