تعكس التطورات في ليبيا، إستمرار الخلافات بين الفرقاء الليبيين، بالرغم من التوافقات الأخيرة بين رئيسي مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، ومجلس الدولة خالد المشري، خلال اجتماعهما في القاهرة.
وإتفق الطرفان، على إحالة الوثيقة الدستورية لإقرارها طبقًا لنظام كل مجلس، ووضع "خريطة طريق"، لاستكمال العملية الانتخابية، وتوحيد المؤسسات الليبية.هذا التوافق أعاد الأمل بامكانية الوصول لتسوية سياسية شاملة وارساء سلطة موحدة في البلاد، لكن الأمر لا يبدو سهلا في ظل الخلافات المستمرة بين الأطراف المتنازعة.
وفي مؤشر جديد، على استمرار الخلافات، أكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، أن مجلس النواب هو "الجسم التشريعي الوحيد ومجلس الدولة استشاري فقط".ووصف صالح، في كلمته خلال جلسة مجلس النواب، الثلاثاء 17 يناير 2023، بمدينة بنغازي، الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع المجلس الأعلى للدولة، بأنه مجرد "تقارب لفظي" دون أفعال.
وإتهم صالح المجلس الأعلى للدولة، بعدم التعاطي مع مجلس النواب، قائلا أن مجلس الدولة لم يستجب مع مراسلات مجلس النواب بشأن الملفات العالقة، وأمهل صالح، المجلس الأعلى للدولة، 15 يوما للرد على البرلمان بشأن ملف القاعدة الدستورية للانتخابات.
وكشف صالح، عن إستمرار الخلاف مع المجلس الأعلى للدولة حول النقطة الخاصة بترشح مزدوجي الجنسية لمنصب رئيس الدولة، وقال صالحفي كلمته، "ربما لو كنا في بلاد مستقرة قد نضع قاعدة لا تعطي الحق في الترشح إلا لاثنين أو ثلاثة ـ أما نحن في حالة من الانشقاق ويجب أن ننظر في الظروف المحيطة بنا".
ويبدو ان تصريحات صالح تأتي ردا على تصريحات سابقة، لرئيس مجلس الدولة، خالد المشري، خلال مقابلة تلفزيونية أُجريت معه منتصف الأسبوع الماضي، بشأن تضمين شروط الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة ضرورة تقدم العسكريين الراغبين بخوض الاستحقاق، باستقالتهم مقدماً، وهو ما يتعارض مع موقف صالح الذي أعلن موافقته من حيث المبدأ على ترشح الشخصيات العسكرية للانتخابات الرئاسية.
وبعد جدل استحداث محكمة دستورية عليا في بنغازي، وتعليق الحوار بين النواب والأعلى للدولة، أعلن عن استئناف الحوار بين الطرفين في خطوة مبشرة، زادت ملامحها وضوحا مع اعلان اتفاق القاهرة الذي عمق الآمال بتسوية قادمة، لكن التطورات الأخيرة تثير تساؤلات حول مدى تأثير الخلافات مجددا على التوافقات خاصة وأنه سبق أن فشلت اتفاقات عديدة بالرغم من بدايتها المبشرة.
من جهة أخرى، أعلن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، الإثنين، أن هناك شبه التقاء على إعادة النظر في الحكومة وتشكيل حكومة جديدة محايدة للإشراف على الانتخابات.وقال صالح، في مقابلة مع قناة "القاهرة الإخبارية"، إنه ستشكل لجنة على غرار لجنة الحوار السابقة، وسيجري الاتفاق بين مجلسي النواب والدولة على الحكومة الجديدة.
وإعتبر صالح أنه "ليس من المعقول أن يكون مرشح الرئاسي هو المسؤول عن تعيين موظفي الانتخابات والموظفين"، في اشارة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.وهاجم صالح الدبيبة، قائلا أن حكومته فشلت في أداء مهامها وسلمت مواطنا ليبيا دون إجراءات صحيحة، وأكد أنها فقدت الثقة وكل اعتبار وهناك شبه اتفاق على ضرورة تشكيل حكومة جديدة.
وتعيش ليبيا منذ مطلع العام الماضي، أزمة سياسية خانقة تمثلت في صراع بين حكومتين على السلطة، الأولى كلفها مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، والثانية حكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة.الصراع بين الحكومتين يمثل مأزقا جديدا في البلاد التي تعيش منذ سنوات أزمة خانقة.
وخلال الأشهر الماضية، شهدت طرابلس مواجهات مسلحة حينما حاول باشاغا دخول العاصمة لممارسة مهامه الحكومية من هناك، وهو ما رفضه الدبيبة مؤكداً أنه لن يسلم السلطة إلا بعد إجراء الانتخابات.ودخل الجانبان في مواجهات انتهت بخروج باشاغا وانطلاقه في ممارسة عمله الحكومي من مدينة سرت.
وأعرب صالح عن "التطلع لإجراء الانتخابات العامة في أي وقت وانه يجري حاليا الاتفاق على القوانين المنظمة للعملية الانتخابية" مضيفا أن "الليبيين يحتاجون لسلطة تنفيذية، ويجب وضع مصلحة الليبيين فوق كل اعتبار".وذكر أنه "بعد التوافق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين ستجرى الانتخابات قبل شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في ظل حاجة العملية الانتخابية للتجهيز بتوعية المواطنين بأهميتها وقبول نتائجها".
ولحل الأزمة، أطلقت الأمم المتحدة مبادرة تقضي بتشكيل لجنة من مجلسي النواب والدولة للتوافق على قاعدة دستورية تقود البلاد إلى انتخابات تعثر إتمامها أواخر 2021.وتضغط القوى الدولية والأمم المتحدة، من أجل التواصل الى توافقات لاجراء الانتخابات، وهددّ المبعوث الاممي الى ليبيا عبدالله باتيلي، باللجوء الى "الآليات البديلة" في حال فشل التوافق بين المجلسين.