تمكنت قوات الأمن التونسية من توجيه ضربتين قاصمتين الى المجموعات الإرهابية بقتل ثمانية عناصر وإيقاف أربعة في عمليتين جدتا في نفس المنطقة وفي اقل من أسبوع ، وهو ما يعني انها استعادت عافيتها ونجاعتها ٠

أهمية العمليتين تتأتى من خطورة العناصر التي تم القضاء عليها أو إيقافها باعتبارها من أخطر العناصر المطلوبة من الأمن و القضاء اذ انها متورطة في اغتيال السياسيين شكري بالعيد ومحمد البراهمي وفي التخطيط للقيام بعمليات ارهابية تستهدف استقرار البلاد وضرب عديد المؤسسات بها٠

هذا النجاح الذي حققته مختلف الأجهزة الأمنية ترك عديد التساؤلات عند السياسيين و الخبراء الأمنيين وجزء مهم من الرأي العام في تونس تعلقت بتوقيت العمليتين ، التي جاءت أولاهما ليلة الاحتفاء بالذكرى الاولى لاغتيال الزعيم اليساري شكري بالعيد ، وبعد خروج النهضة وحلفائها من الحكم بأسبوعين فقط ، وتأثير ذلك على ملف اغتيال السياسيين ،الذي مازال مطروحا على التحقيق القضائي ، اضافة الى سبب تمركز الإرهابيين في نفس المنطقة ( ولاية أريانة) التي شهدت عمليتي الاغتيال السياسي و اكتشاف مخازن للأسلحة ، خاصة وان النقابات الأمنية وعديد الأحزاب السياسية كانت شككت قبيل الاغتيال الاول في وجود تواطؤ من القيادي الأمني الاول في المنطقة وعدم قيامه بالواجب ضد العناصر الإرهابية ٠

الجبهة الشعبية التي فقدت زعيمين اغتالهما الإرهاب الأعمى لم ترض بقتل الأمن لكمال القضقاضي ، المتهم الاول في اغتيال بالعيد وإلقاء القبض على أحمد المالكي ، المكنى بالصومالي ، المتورط في اغتيال البراهمي ، واعتبرت ذلك مسرحية سيئة الإخراج وان مقتل القضقاضي والمجموعة التي كانت معه وإلقاء القبض على عناصر أخرى فيه محاولة لغلق ملف التحقيق في عمليتي الاغتيال وان المطلوب اليوم الوصول الى من مول وخطط للعملية وحما الإرهابيين

٠

الكشف عن المخططين و الممولين

 

 

ولا يخفي أنصار الجبهة الشعبية توجيه الاتهام الى حركة النهضة و المتحالفين معها بالوقوف وراء الاغتيالين ،وهو ما يتم ترديده في كل مظاهراتهم و تجمعاتهم ولعل اخرها بمناسبة احياء ذكرى اغتيال بالعيد يوم السبت ، في حين يقول قياديو الائتلاف أن النهضة تتحمل المسؤولية السياسية على الأقل باعتبارها في الحكم خاصة وانه تم تحذيرها من خطر التيار السلفي وأنصار الشريعة لكنها لم تهتم ونفت وجود أي خطر إرهابي وهو ما اعتبر تسترا عليهم وحماية لهم٠

السيدة مباركة البراهمي ارملة الزعيم السياسي محمد البراهمي قالت ان أحمد الصومالي جارهم وسبق لعائلتها أن ساعدته نتيجة فقره وساهمت في تزويجه لكنه كافأها بالمساهمة في أغتيال البراهمي ، معتبرة انه مغرر به وان المطلوب اليوم الكشف عمن خطط ومول وبرمج لعملية الاغتيال وعدم الاكتفاء بمن نفذ فقط ٠

من جهته قال المحامي ناصر العويني القريب من الجبهة الشعبية ، أن لديهم وثائق ستفضح من وقف وراء اختفاء المجموعات الإرهابية في منطقتي رواد وبرج الوزير في ولاية أريانة ٠

 

عوامل دولية

 

الدكتور نصرالدين بن سلطانة ، رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن التونسي ، تحدث عن نجاح العمليتين الإرهابيتين واستعادة الأجهزة الأمنية لعافيتها وأوضح ان هذا النجاح جاء بعد تصنيف تيار أنصار الشريعة وقائده ابو عياض كتنظيم إرهابي من قبل الولايات المتحدة وبعد التعاون بين تونس وليبيا والجزائر في مكافحة الإرهاب والتهريب ٠

الخبير بن سلطانة بدوره طرح تساؤلا حول علاقة السياسة بالأمن والإرهاب ليلتقي بانتقادات صدرت عن سياسيين وقيادات نقابية أمنية حول تدخل السياسيين في عمل الأمنيين وهو ما عرقل عمليات ايقاف عديد العناصر الإرهابية رغم ان الأجهزة الأمنية كانت قريبة منها ، على غرار أبو بكر الحكيم ، المتهم الرئيس في اغتيال البراهمي ، الذي أفلت من الأمن في عديد المناسبات بعد تحديد مكان تخفيه ومحاصرته٠

هذه الملاحظات والانتقادات دفعت عديد الأطراف الى المطالبة بإبعاد القيادات الأمنية المنتمية حزبيا ، أو التي تحوم حولها شبهة الانتماء الى طرف سياسي ، وهو ما جعل الوزير لطفي بن جدو يقرر ابعاد خمسة من الكوادر في ديوانه اضافة الى توقع اجراء تغييرات كبيرة في القيادات

الأمنية تفرضها بنود خارطة الطريق ٠

 

تدويل قضية الاغتيالات 

 

عدم رضا قيادات و أنصار الجبهة الشعبية بما قامت به الأجهزة الأمنية ، التي قتلت واعتقلت كبار القيادات الإرهابية التي شاركت في تنفيذ الاغتيالين ، وما وصلت اليه التحقيقات القضائية جعلتها تتمسك بتدويل القضية ،باللجوء الى القضاء الدولي أو لجنة تحقيق دولية ، مثلما تم في قضية اغتيال رفيق الحريري في بيروت، وهو طلب يفترض أن يصدر عن الدولة التونسية وليس عن طريق الأفراد أو الأحزاب السياسية، التي لا تبدو متحمسة لهذا الطلب الذي يصفع السلطة القضائية التونسية ويضرب استقلاليتها وحيادها، مما يجعلها مجرد وسيلة ضغط تمارسها الجبهة للتسريع في كشف الحقيقة وتقديم الضالعين في التخطيط والتمويل والتحريض الى المحاكمة