نظمت جمعية مشعل الشهيد ب"مربع الشهداء" بمقبرة العالية وسط العاصمة الجزائرية وقفة ترحم على روح الرئيس الراحل "احمد بن بلة" في الذكرى الثانية  لوفاته. وبالمناسبة ذكر المؤرخ جمال قنان في كلمة ألقاها أن الراحل الذي تقلد منصب أول رئيس جمهورية في الجزائر المستقلة يعد "من رجالات  الجزائر الكبار ومن أهم قادة الثورة التحريرية  الذي تقلد مسؤوليات هامة خلالها  وبعد الاستقلال". عرف الرجل بوطنيته و ساهم بفضل كفاحه و التزامه في تحرير البلد من نير الاستعمار.  ولد أول رئيس للجزائر المستقلة في 25 ديسمبر 1916 بمغنية في محافظة "تلمسان" على الحدود مع المغرب وتوفي يوم 11 ابريل 2012 بمقر سكناه بالجزائر العاصمة عن عمر ناهز 96 سنة. 

"بن بلة" المجاهد    

كان ل"احمد بن بلة" الفضل في تسجيل اسمه ضمن قائمة الشخصيات البارزة خلال الثورة التحريرية المظفرة، حيث انضم في سن مبكرة إلى "حزب الشعب الجزائري"  بعد مجازر 8 ماي 1945 التي ارتكبها المستعمر الفرنسي في حق السكان الجزائريين والتي راح ضحيتها أكثر من 45 ألف شهيد في ظرف أسبوع أغلبهم استشهدوا بالشرق الجزائري. ثم التحق بالحركة من أجل انتصار الحريات و الديمقراطية حزبين أسسهما أب الوطنية الجزائرية  "مصالي الحاج" بعد تفكيك "حزب الشعب الجزائري". لعب الفقيد "بن بلة" دورا هاما في كفاح الشعب الجزائري من أجل الحرية و قدم  مساهمة كبيرة كعضو في المديرية الجزائرية للمنظمة الخاصة مكلف بمنطقة وهران (غرب الجزائر) ثم كأول  قائد لهذه الهيئة السياسية العسكرية التي كانت تعد في صفوفها أسماء بارزة في الحركة  التحررية أمثال "محمد بلوزداد" و "حسين آيت أحمد" و "مصطفى بن بولعيد" و "ديدوش  مراد" و "العربي بن مهيدي" و "محمد بوضياف" وكلها أسماء سجلت حضورها في تاريخ الجزائر بأحرف من ذهب. 

يعتبر "أحمد بن بلة" أيضا" أحد أعضاء مجموعة  ال22 الشهيرة التي فجرت الثورة الجزائرية في الفاتح نوفمبر 1954، وكان هو من أعلن للعالم عبر أمواج إذاعة القاهرة انطلاق الثورة ضد الاستعمار الفرنسي. و أصبح وزير دولة و النائب الأول لرئيس الحكومة المؤقتة  للجمهورية الجزائرية إلى غاية الاستقلال رغم أنه كان محبوسا في السجون الفرنسية  منذ تحويل الطائرة التي كانت تقله رفقة "محمد بوضياف" و "حسين آيت احمد" و "محمد خيدر"  و "مصطفى لشرف" في خريف 1956.

"بن بلة" الرئيس

كان "احمد بن بلة" أول رئيس حكومة للجزائر المستقلة في سبتمبر 1962 قبل  أن ينتخب في سبتمبر 1963 رئيسا للجمهورية وظل كذلك إلى حين  تنحيته من الحكم في 19 جوان 1965 فيما عرف بالجزائر ب"التصحيح الثوري" والذي يؤرخ على انه انقلاب قام به قائد الأركان "هواري بومدين" الذي اصبح رئيسا للجمهورية حتى وفاته عام 1978 ميلادية، و بقي "احمد بن بلة" خلال هذه الفترة  تحت الإقامة المحروسة  إلى غاية جويلية 1979 و بعدها تم وضعه تحت الإقامة الجبرية بالمسيلة (شرق الجزائر)  قبل أن يطلق سراحه في أكتوبر 1980. و بعده مباشرة انشأ بفرنسا "الحركة من اجل الديمقراطية بالجزائر" قبل العودة  إلى  الجزائر بصفة نهائية في 29 سبتمبر 1990.

في عام 2007 عين الفقيد الذي كتب على وجه الخصوص نصين تحت عنوان «الإسلام و الثورة الجزائرية" و "النسب الملعون" رئيسا للجنة العقلاء للاتحاد الإفريقي و هي هيئة من اجل الوقاية والتدخل في الأزمات التي تهز القارة الإفريقية. و اثر نبأ وفاة "أحمد بن بلة" أعلن الرئيس الجزائري "عبد العزيز بوتفليقة"  حدادا وطنيا لمدة ثمانية (8) أيام في كافة أرجاء التراب الوطني الذي يعد إبن منطقته (تلمسان) لعب دورا كبيرا في عودته إلى الساحة الإفريقية ضمن لجنة العقلاء وهو الذي كان من بين مدبري الانقلاب ضده مع "بومدين" عام 1965.