تبحث الجزائر مع الحكومة المالية وقادة جماعات وفصائل أزوادية تطالب بالانفصال عن مالي، وكذا القوات الإفريقية والأممية، في اجتماع يعقد في تمنراست نهاية هذا الشهر، ترتيبات الأمن على الحدود الجزائرية المالية، خاصة مع تطورات على الميدان شمالي مالي، تحكمها اشتّداد المواجهات المسلّحة في وقت تتّجه مساعي الجزائر بخطى ثابتّة في إنجاح الحوار بين الماليين.

كشفت مصادر موثوقة لـ «المحور اليومي» أنّ ممثلين عن الجزائر بحثوا، مؤخرا، موضوع تأمين الحدود مع  ممثلين عن  دول الميدان، ودرسوا الترتيبات العسكرية والأمنية اللازمة من أجل مساعدة قوات الأمم المتحدة التّي تقرّر نشرها في مالي الشهر المقبل. و أفادت مصادرنا أنّ اجتماعا عسكريا عالي المستوى يجري التحضير له، حاليا، على مستوى  وزارة الخارجية وقيادة الجيش ومسؤولي الأمم المتحدة المكلفين بمتابعة تنفيذ قرار إنشاء وإرسال قوة حفظ السلام الأممية إلى شمال مالي سيتناول عدة نقاط أهمها التنسيق الأمني بين القوات الأممية والقوات الجزائرية في الحدود، وكذا التنسيق في إطار اتفاقات دول الميدان العسكرية والأمنية، والتعامل مع التهديدات الإرهابية، ودراسة إمكانية مساعدة القوات الأممية في الجانب اللوجيستي الذّي بقيت الجزائر وفيّة له ضمن حرصها على الثبات على مبدأ التّدخل العسكري ومشاركة القوات الجزائرية خارج التراب الوطني، أين سبق للجزائر التّي عارضت بشدّة التّدخل العسكري شمالي مالي أن قدّمت دعما لوجستيا للقوات المالية وفق ما تلتّزم به من اتّفاقيات مشتركة لمكافحة الإرهاب، أبرزها لجنة العمليات المشتركة بين الجزائر، ومالي، والنيجر وموريتانيا التي أنشئت بتمنراست في 21 أفريل 2010، وتلقى عسكريين ماليين بكيدال في ديسمبر 2011 قبل انفجار الأوضاع في أزواد تدريبات على يد القوات الخاصة التابعة للجيش الجزائري.  وأشارت مصادرنا إلى أنّ التحركات الأخيرة من جانب الجزائر في اتّجاه التّنسيق وتقديم دعم لوجستي للقوات الأممية، فضلا على دراسة تأمين الحدود المشتركة مع مالي بالتّنسيق مع الحكومة المالية وقادة جماعات وفصائل أزوادية تطالب بالانفصال عن مالي، وكذا القوات الإفريقية، على غرار القوات الأممية، تأتّي تبعا لمخاوف قوات الجيش من تدهور الوضع الأمني في إقليم أزواد بعد انسحاب القوات الفرنسية وسيطرة قوات السلام الأممية على المنطقة، وأضافت أنّ قوات الجيش تعمل على ضبط الأوضاع وتنسيق التعاون مع قوات الأمم المتحدة المقدر عددها بـ12ألف و600 جندي، وكشفت مصادرنا أنّ الجزائر قرّرت منح تسهيلات هامة ومساعدات لوجيستية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة المنتّشرة في مالي «مينوسما»، وذلك قبل أول اجتماع تنسيقي بين قيادة الجيش الوطني الشعبي وقادة من قوات حفظ السلام الأممية. وتهدف الجزائر من وراء منح تسهيلات لقوات الأمم المتحدة إلى المساعدة في إنجاح مهمتها، إذ تتضمن هذه التّسهيلات تقديم مساعدات لوجيستية  و تموينية، فضلا عن تسهيلات في مجال النقل الجوي عند اقتضاء الضرورة. ويتناول الاجتماع الأول بين قيادة الجيش وقيادة قوات الأمم المتحدة في مالي التنسيق الأمني في مجال مكافحة الإرهاب، والتعاون عند اقتضاء الضرورة في عمليات المطاردة الساخنة وضبط الحدود البرية بين الجزائر ومالي، التي يبلغ طولها 1376 كلم، وتمكنت القوات البرية والجوية المشاركة في الحملة العسكرية الفرنسية على شمال مالي رغم أنّ الكثير من المتابعين أكّدوا أنّ عملية «سارفال» المنتّهية حقّقت نصرا سياسيا للإليزي دون أن تتمكن القوات الفرنسية من تحقيق الأهداف العسكرية، بفرض الأمن بإقليم أزواد وحصار آلاف المسلحين التابعين للقاعدة في بلاد المغرب و«أنصار الدين» و«التوحيد والجهاد» في جبال إيفوغاس الوعرة قرب الحدود الجزائرية،  لكن في المقابل تحيط الكثير من الأسئلة حول إمكانية القوات متعددة الجنسيات حول ضبط الأمن والتعامل مع المنظمات الإرهابية التي سيطرت على إقليم أزواد، ما دفع بالجيش الجزائري إلى التعاون مع هذه القوات من أجل ضمان ضبط الأمن على الحدود.

 

*نقلا عن "المحور اليومي" الجزائرية