يقوم الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، غدا، بزيارة عمل لولاية ورڤلة، في جو يشوبه “هدوء حذر”، بينما يترقب مواطنو الولاية، من الرقم الأول في الحكومة، ما سيقوله أو يقدمه بالنسبة لمنطقة عرفت وتعرف احتجاجات متعددة الأوجه من قضية البطالين إلى الغاز الصخري، وفق ما نشرته صحيفة الخبر الجزائرية اليوم الأربعاء.

وحسب برنامج الزيارة الثالثة لسلال لهذه الولاية منذ مجيئه للوزارة الأولى، في ماي 2013، فإن هذا التنقل سيكون مناسبة لجس نبض الشارع هناك، بعد أشهر من الاحتجاجات والاعتصامات، التي اتسعت رقعتها فيما بعد لتشمل مناطق مجاورة، مثل الأغواط وعين صالح وتمنراست، مشكلة بذلك مصدرا للصداع لدى السلطة.

ويتذكر سلال الأجواء الساخنة التي استقبل بها خلال زيارتيه السابقتين، من طرف السكان وفي مقدمتهم الشباب، الذين هتفوا منددين بطريقة تعاطي السلطة وحكوماتها المتعاقبة مع مطالبهم، التي لم تخرج في أول الأمر عن نطاق التشغيل والسكن والصحة والتعليم، لتنتقل بعد ذلك إلى التضامن مع سكان عين صالح الذين احتجوا مطولا ولا يزالون ضد استغلال الغاز الصخري.

كان جواب السلطة على ذلك، أن ترأس رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، شهر جانفي الفارط، مجلسا مصغرا خصص للتنمية المحلية في ولايات الجنوب، شارك فيه الوزير الأول ومدير ديوان الرئاسة و11 وزيرا، انتهى بتقديم 10 وعود، تتمحور حول التكوين المهني والصحة العمومية وتكثيف الاستجابة لطلبات السكن، من خلال دعم البناء الذاتي وتوسيع شبكات الطرقات وزيادة عروض التشغيل واستصلاح مليون هكتار من الأراضي لصالح الشباب.

ويسعى عبد المالك سلال، من خلال زيارته، لاستدراك المشاكل التي يتخبط فيها سكان المنطقة، خاصة بعد فشل الحلول التي تبناها نفس المسؤول قبل أعوام قليلة ماضية، وعلى رأسها مشكل البطالة، ومطالب الشباب بأحقيتهم في العمل بشركة سوناطراك، لكن ومن ناحية أخرى، هناك سعي من قبل السلطة في طريق سحب مشاكل جنوب البلاد، وبهذه الولاية خصوصا، من تحت أقدام المعارضة، التي اتهمتها السلطة باستغلال مشاكل الشباب لأهداف سياسية، بينما كثيرا ما نظرت المعارضة إلى الإجراءات الحكومية المتبناة بورڤلة على أنها محاولة أخرى لذر الرماد في العيون ولـ«تسكين الصداع” الذي تعاني منه منذ ثلاث سنوات، بربح مزيد من الوقت.

وقد لا يتأتى ذلك إلا باللجوء إلى سياسة قديمة جديدة تتقنها السلطة، وهي شراء السلم الاجتماعي، على حساب برامج إنمائية فعالة تقضي على أسباب الغضب.

زيارة سلال إلى ورڤلة ما هي إلا اعتراف صريح بتقصير كبير تجاه أبناء هذه الولاية، التي ظلت طيلة العقود الماضية “معزولة ومحاصرة” بشكل رسمي، صنفتها في خانة المناطق الأكثر “أمنا وتأمينا” من جانب السلطة.. إلى أن جاءت انتفاضة الشبان البطالين المطالبين بـ«نصيبهم من ثروتهم”.

كما تعتبر هذه الزيارة، وما سيتخللها من تدشين ووضع حجر أساس وتوزيع القطع الأرضية المخصصة للبناء على السكان، أحد المطالب المرفوعة خلال الاحتجاجات، اختبارا حقيقيا لردود الفعل في المناطق المجاورة، على غرار عين صالح الغاضبة من إصرار السلطة على التنقيب واستغلال الغاز الصخري، والأغواط التي عاشت شوارعها على وقع مظاهرات واحتجاجات شلت الحياة العامة وحولتها إلى قضية رأي عام، بعد أن اتسعت رقعة المتضامنين معها داخليا، بعد دخول المعارضة والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية على الخط.