تتواصل المعارك على تخوم العاصمة الليبية طرابلس بين قوات الجيش الليبي والقوات الموالية لحكومة الوفاق وسط أحداث متسارعة تكشف خبايا الصراع.ففي الوقت الذي صعد فيهالجيش الليبي من ضرباته مستهدف الدعمالتركي الذي تتلقاه قوات الوفاق،سرع تيار الاسلام السياسي دعواته للتعويل على أنقرة في محاولة عرقلة القوات المسلحة ومنع سقوط المليشيات في آخر معاقلها.
مع دخولها شهرها السادس،تبدو معركة طرابلس أكثر تعقيدا في ظل الدعم التركي المتصاعد للمليشيات ضد الجيش الليبي،وهو ما دفع الأخير الى توجيه ضربات قاسمة مستهدفا تمركزات الطائرات المسيرة التركية وغرف العمليات الخاصة بها في محاولة لتحييدها ما يسهل العمليات العسكرية على الأرض في المرحلة القادمة.
وأعلنت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي في بيان لها الثلاثاء أن أجهزة الاستخبارات التابعة لها رصدت أماكن متفرقة في مطاري معيتيقة ومصراتة تستخدم في تجهيز وتخزين الطائرات المسيرة التركية.وحسب بيان القيادة العامة للجيش الليبي الذي صرح به الناطق الرسمي للجيش الليبي اللواء أحمد المسماري فإن هذه الأماكن عبارة عن مستودعات تستخدم لتجهيز الطائرات المسيرة وتخزين صواريخها في مطار معيتيقة.
وأشار المسماري إلى أن الاستخبارات العسكرية التابعة لقيادة الجيش رصدت أيضا عدد 2 دشم "مخازن أسلحة " وكذلك تقنية للطائرات المسيرة في مطار مصراتة.وأكد المسماري أن قيادة القوات المسلحة أعطت الأوامر لعمليات سلاح الجو التابع لها بالتعامل مع الأهداف المذكورة ، وكشف البيان أن الطائرات التابعة للجيش أقلعت من عده قواعد ليبية لضرب هذه الأهداف وفي نفس الوقت.
وختم المسماري بالتأكيد على تحقيق هذه الحملة الجوية أهدافها بكل دقة، مبينًا بأن المقاتلات الحربية دمرت المرافق المستخدمة في تخزين وتجهيز الطائرات المسيرة بنسبة 100% وعادت الطائرات لقواعدها سالمة بعد تنفيذها لواجباتها بنجاح.
وتعتبر الطائرات المسيرة التركية من أخطر الأسلحة التي يواجهها الجيش الليبي حيث تسعى لشن هجمات على تمركزاته ومنعه من التقدم.وكان العقيد عبد الوهاب المقري آمر اللواء التاسع والشقيقين النقيب محسن الكاني، والجندي عبد العظيم الكاني،لقوا حتفهم إثر قصف طيران تركي مُسيّر جنوب العاصمة طرابلس منتصف سبتمبر الماضي.
وقال المركز الإعلامي لغرفة "عمليات الكرامة" التابع للجيش الوطني،حينها بأن الثلاثة "قتلوا على يد عدو غاشم استباح أرضنا بفعل خيانة الخونة وعمالة العملاء الذين انبطحوا لتنظيم الإخوان الإرهابي وإردوغان وحكام قطر"، وأضاف "اغتالتهم اليد التركية القذرة بطائرة مسيّرة يقودها ضباط أتراك... هذه هي تركيا التي تعتدي على أرضنا وتدعم الإرهاب وأدواته من المجرمين والمخربين والمهربين الذين يحاربون قيام دولة المؤسسات حتى يستمر الفساد والفوضى".
ولم يكتفي الطيران التركي باستهداف القوات المسلحة بل ارتكب مجازر في حق المدنيين،على غرار استهداف احداها لعدد من السيارات المدنية بالقرب من محطة وقود السايح "شيل السايح" ،في الرابع من يوليو الماضي، مخلفة عددًا من القتلى والجرحى.وبينت شعبة الإعلام الحربي حينها عبر صفحتها بموقع "فيسبوك" أن استهداف المدنيين جرى باستخدام طائرات تركية وقطرية،معتبرة أن الاستهداف يعد انتهاك صارخ لحقوقهم واستمرار لمسلسل الانتهاكات.وبثت شعبة الإعلام الحربي تسجيلا مصورًا يظهر تعرض عددا من السيارات للاحتراق والتدمير جراء القصف.
كما ارتكب الطيران التركي بدون طيار الذي تستعين به مليشيات طرابلس في ترهونة الليبية ما وصفه المجلس البلدي للمدينة بـ"جرائم حرب محرمة دوليا".وأدان المجلس مطلع يوليو الماضي، استهداف الطيران التركي لمنازل المدنيين، لافتا إلى سقوط عدد من الضحايا بينهم أطفال ونساء بسبب قصف الطائرات التركية المسيرة لمنازل المدنيين.
ونجح الجيش الليبي منذ يومين في استهداف عراب صفقات السلاح التركي هشام امسيمير وهو أحد أهم قيادات مصراته ويعتبر بمثابة الممول لكل المسلحين التابعين لمصراته والمسؤول عن إبرام صفقات السلاح من تركيا وجلب المسلحين إلى مدينة مصراته من عدة أماكن.وقال المركز الإعلامي لعمليات الجيش الليبي، إلى أن هشام امسيمير قام بمحاولة إغراء شباب من ترهونة ورشوتهم لاغتيال محمد الكاني أحد أعيان ترهونة مقابل 10 ملايين دينار، غير أن من حاول إغراءهم قاموا بتصفيته بعد إيهامه بالموافقة.
ويعتبر امسيمير أحد أهم من جمعوا الثروات بعد عام 2011 حيث أصبح مليارديرًا من تجارة وتهريب السلاح، ويصفه متابعون للشأن الليبي بـ"حاكم مصراته الخفي".ويعتبر امسيمير أكبر وسيط بين حكومة أردوغان ومصراتة، وكان الممول الرئيسي لحرب فجر ليبيا وكذلك داعمًا قويًا لمجلس شورى ثوار بنغازي ودرنة في حربهما ضد الجيش الليبي.
وفي الوقت الذي تكشف فيه الدور التركي المشبوه في ليبيا،يواصل تيار الاسلام السياسي وعلى رأسهجماعة "الاخوان" التغريد خارج السرب،فلم تمنع جرائم الطائرات التركية ودماء الليبيين التي تسيل كل يوم،من التغزل بالنظام التركي والاشادة يه في مشهد كشف حجم المأزق الذيتعيشهالجماعةما يجعلها تستجدي النظام التركي أملا في بقائها في المشهد الليبي.
وأشاد الصلابي،في تصريحات صحفية لـ "وكالة أنباء تركيا"، في لقاء بمعرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي بنسخته الخامسة بالموقف التركي من مختلف القضايا التي تهم العرب والمسلمين، قائلا: "إن الخطاب التركي يتميز أنه خطاب إنساني ينحاز للقضايا الإنسانية العادلة".على حد تعبيره.
وقال الصلابي: "إن الموقف التركي من قضايا الأمتين العربية والإسلامية منحاز للهوية وتاريخها وحضارتها"، مضيفا، أن تركيا تقف مع الشعوب في مطالبها العادلة، ومع الديمقراطية والحرية والتعدد السلمي ومع السلام والمصالحة ومع الرأي والرأي الآخر".وتابع القيادي الإخواني:"الخطاب التركي خطاب إنساني ينحاز للقضايا الإنسانية العادلة، وينحاز للقضايا الإنسانية الكبرى، كما يحاول دفع الظلم وإقامة العدل، والدعوة لكلمة طيبة وحقن الدماء بين الناس، وهذا انحياز للقيم الإنسانية الرفيعة".
وليس غريبا على الصلابي انحيازه للنظام التركي على حساب بني وطنه،فالرجل الذي يلقى دعماً منقطع النظير من دولتي قطر وتركيا يقيم فى الأخيرة حيث ملاذه الآمن،يعتبر بحسب المراقبين رجل ذراع الدولتين الرئيسي الذى لعب فى الساحة الليبية نفس دور مفتى الدماء يوسف القرضاوى وذلك لتمرير أجنداتها في البلاد والمنطقة عموما.
وتأتي اشادة الصلابي بتركيا في سياق محاولات "اخوانية" للدفع نحو تدخل أنقرة بصفة مباشرة في الحرب الدائرة في العاصمة الليبية،وهو ما أكدته تصريحات سابقة للقيادي في جماعة الإخوان المسلمين، العضو المؤسس في حزب العدالة والبناء عبدالرزاق العرادي،والذي دعا لتوقيع اتفاق دفاع مشترك مع تركيا.
ووجه العرادي وفي منشور له عبر صفحته الشخصية على موقع لتواصل الإجتماعي "فيس بوك"،نداءً عاجلاً لرئيس الرئاسي فائز السراج يطالب فيه بأن يغادر نيويورك إلى أنقرة لتوقيع إتفاقية دفاع مع الجمهورية التركية ، قائلاً :"غادر نيويورك إلى أنقرة ووقع اتفاقية دفاع مع الجمهورية التركية تحت ضوء الشمس وبالفم المليان للدفاع عن العاصمة .. مواطنيك يقصفون في وضح النهار لاحجة لك بعد اليوم".على حد زعمه.
وإختتم العرادي منشوره بالقول :"صدر في حماية المدنيين عدة قرارات من مجلس الأمن .. إما أن تكون قادرا على حماية هؤلاء المدنيين وإما أن تطلب يد المساعدة من الدول الشقيقة والصديقة التي ترغب في الوقوف إلى جانب هذا الشعب وحكومته الشرعية".على حد تعبيره.
أما المفتي المعزول الصادق الغرياني،فقد كثف مؤخرا من ظهوره الاعلامي من مقر اقامته في تركيا محرضا ضد قوات الجيش الليبي وداعيا الى مزيد من العنف.آخر شطحات الغرياني كان خلال لقاء تليفزيوني عبر فضائية "التناصح"، رصدته "بوابة إفريقيا الإخبارية"،الأربعاء، زعم فيه وجود شركات أمنية روسية "قذرة"، بحسب وصفه، تقاتل كمرتزقة في صفوف الجيش الليبي.
ولم يتواني الغرياني عن نشر فتاويه الداعية للفتنة والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد،حيث وصف "المنطقة الشرقية بالإجرامية وترهونة الفاسدون"،وأضاف "يسلطون علينا العصابات والمرتزقة الروس، ليس لأحد أن يتأخر عن الالتحاق بالجبهة، هذا فرض عين"، متابعا: "هذه حرب مقدسة ضد هؤلاء الكفرة ومن يمولهم".على حد زعمه.
وتكشف تحركات قيادات تيار الاسلام السياسي هذه،مدى جدية المأزق الذي تعيشه مليشياتها على وقع الضربات القاسية التي تلقتها على يد القوات المسلحة.كما تكشف النوايا المشبوهة للجماعة وارتباطها بأجندات خارجية ودعمها للتنظيمات الارهابية التي تنشر الفوضى في البلاد.وباتت كل مخططات المجموعات المنتمية إلى الإسلام السياسي في ليبيا وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين مكشوفة لدى الشعب الليبي الذي أدرك أن هذه التنظيمات لا تحاول إلا السيطرة على الحكم وتنفيذ مشروعها التخريبي في المنطقة.
ويرى مراقبون أن جماعة الاخوان تسعى جاهدة لاشراك تركيا في مواجهة الجيش الليبي وذلك تحت غطاء حكومة الوفاق بعد أن استشعر تيار الاسلام السياسي قرب نهايته في آخر معاقله.ويشير هؤلاء الى أن الدعمالقطري والتركي لأذرعها في ليبيا لن يجدي نفعا في ظل اصرار القوات المسلحة على بسط سيطرتها على كامل الأراضي الليبية وانهاء نفوذ المليشيات المتطرفة فيها بما يضمن اعادة بناء مؤسسات الدولة من جديد واعادة الامنوالاستقرار للشعب الليبي بعد سنوات من الفوضى والعنف الذي تسبب فيه تدخل الدول وعلى رأسها تركيا وقطر في البلاد.