عاد الجنوب الليبي مجددا الى دائرة الضوء مع تحرك الجيش الوطني الليبي لتأمين المنطقة التي تعد من أكثر المناطق الليبية توترا في ظل استمرار تردي الأوضاع الأمنية وانتشار الجماعات المسلحة بالتزامن مع محاولات تيار الاسلام السياسي تحريك الأوضاع في هذه المنطقة بهدف تشتيت الجيش الليبي وتخفيف الضغط على العاصمة طرابلس التي تشهد منذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي هجوما يقوده الجيش الليبي بهدف انهاء سطوة المليشيات المسلحة فيها.
الى ذلك،أ‘لن الجيش الوطني الليبي سيطرته على عدة مناطق في الجنوب الليبي،وقالت شعبة الإعلام الحربي أن القوات المسلحة دخلت إلى منطقة أم الأرانب.وبثت الشعبة عبر صفحتها بموقع "فيسبوك" تسجيلا مصورا قالت إنه يظهردخول طلائع القوات المسلحة إلى منطقة أم الأرانب الواقعة جنوب سبها ضمن عمليات تأمين الجنوب الليبي.
ومن جهته،قال مصدر عسكري ليبي إن "قوات تابعة للجيش الليبي استعادت مناطق جديدة في الجنوب الليبي بعد إحكام السيطرة على مدينة مرزق، أكبر مدن الجنوب الحدودية، وذلك بعد شهور من سيطرة ميليشيات تابعة لحكومة الوفاق تضم بعض المرتزقة الأجانب".
ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن المصدر العسكري من المنطقة العسكرية،قوله أن وحدات من الجيش وصلت لبلدة أم الأرانب الواقعة في منتصف الطريق بين عاصمة الجنوب سبها ومدينة مرزق، وهي تمثل نقطة إستراتيجية هامة للربط بين أكثر من منطقة في الجنوب.وأشار المصدر إلى أن قوات الجيش وصلت إلى قاعدة الويغ، وبدأت الانتشار في محيطها وتشكيل نقاط سيطرة وحماية؛ من أجل إعادة تفعيل القاعدة كنقطة مراقبة جوية لمحيط مدن وقرى بمحاذاة الحدود التشادية والنيجيرية.
 وأضاف المصدر بأن آمر المنطقة العسكرية الجنوبية اللواء بلقاسم الأبعج وصل إلى منفذ التوم الحدودي بين ليبيا وتشاد، حيث تفقد القوات التي وصلت للمنفذ خلال عملية خاطفة قادها بنفسه، خلال اليومين الماضيين، أسفرت عن سيطرة تامة للجيش الليبي بدأت من مرزق ووصلت إلى مناطق  القطرون ومشروع الويغ الزراعي وقاعدة الويغ الجوية ومنفذ التوم الحدودي وتجرهي، وصولًا إلى أم الأرانب.
ودفع الجيش الليبي بقوات عسكرية مؤخرا بهدف تأمين الجنوب الليبي،وأعلنت شعبة الإعلام الحربي أن وحدات من القوات المسلحة تجوب الصحراء انطلاقا من نقاط تمركزاتها إلى مواقع جديدة حددتها القيادة العامة للقوات المسلحة لتنفيذ خططها لتأمين كامل تراب ليبيا.وبثت شعبة الإعلام الحربي تسجيلا مصورا يظهر عشرات الآليات المسلحة المحملة بالجنود والأسلحة المتنوعة تسير في الطرقات.
وأعلن آمر المناطق العسكرية الجنوبية بالجيش الليبي بالقاسم الأبعج ، أن القيادة العامة للجيش وضعت برنامجا متكاملا لتأمين الجنوب والحدود مع الدول المجاورة (السودان وتشاد والنيجر والجزائر).وجاء ذلك خلال لقائه مع أعيان وحكماء مكون التبو بمدينة مرزق، الخميس،حيث أوضح الأبعج أن خطة القيادة العامة للجيش تتضمن تفعيل الأجهزة الأمنية في المناطق الجنوبية (الكفرة، مرزق، أوباري، غات)، وبناء مديريات أمن وإدخال الشرطة وتسيير دوريات التأمين.
وأكد الأبعج: "البرنامج يتضمن إعادة بناء القوات المسلحة على أساس سليم تتبع الدولة الليبية ولا تتبع أي تيار قبلي أو جهوي، مشددا على سعي القيادة العامة للتنمية والإصلاح وحل مشاكل الشباب في الجنوب الليبي بعد تنفيذ الخطة الأمنية.وأشار آمر المناطق العسكرية الجنوبية، إلى أهمية تنظيم تجارة العبور وبناء سوق حرة، وخلق فرص العمل للشباب الليبي في كل المجالات.
وتأتي تحركات الجيش الليبي بالتزامن مع محاولات حكومة الوفاق ومن ورائها تيار الاسلام السياسي ادخال البلبلة في صفوف الجيش الليبي بهدف تخفيف الضغط على طرابلس.وجاء ذلك من خلال دعوة آمر المنطقة الجنوبية التابعة للوفاق علي كنة،التي وجهها الى أفراد الجيش من سبها وباقي مناطق الجنوب، بالانسحاب من مواقعهم والانضمام إلى قوات الوفاق.
وقال كنه، في كلمة مرئية بثتها فضائية "ليبيا الأحرار"،"يا إخوتي من منتسبي القوات المسلحة، من قوى مساندة ووحدات عسكرية إنه لعار عليكم أن تساهموا في الهجوم على عاصمتكم طرابلس، رئتكم ومنطقة حياتكم واحتياجاتكم وهي عاصمتكم وبيتكم، فأطلب منكم وبشكل فوري الانسحاب من القوات التي تهاجم طرابلس، وأنتم جزء كبير منكم مُهجر في طرابلس، واحتياجاتكم اليومية في طرابلس، وإنه لعار كبير".على حد تعبيره.
وعين علي كنة آمراً لمنطقة سبها العسكرية،من قبل رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي فائز السراج، في فبراير الماضي،في خطوة تهدف الى خلط الأوراق في جنوب البلاد.وجاءت الخطوة حينها بضغط من تيار الاسلام السياسي وعلى رأسه جماعة "الاخوان" التي تسيطر على المجلس الرئاسي.وقال مراقبون انها تسعي لتحقيق هدفين، الأول هو عرقلة سيطرة الجيش الليبي على كامل الجنوب، والثاني الايهام بوجود قوة نظامية موازية للجيش.
ويشير متابعون للشأن الليبي أن دعوة كنة الأخيرة وظهورها المفاجئ الذي تزامن مع تقدمكبير للجيش الليبي في المعارك الدائرة في العاصمة وتشديده للخناق على القوات الموالية لحكومة الوفاق،يشير الى محاولة جديدة من تيار الاسلام السياسي للفت أنظار الجيش الليبي الى الجنوب وتشتيته عن جهوده لتحرير طرابلس الذي بات قريبا وفق التطورات الميداني والتأكيدات المتواصلة من المسؤولين العسكريين.
لكن هذه المحاولة باءت بالفشل كغيرها،وهو ما أكده الرد السريع على دعوة كنة لأفراد الجيش من سبها وباقي مناطق الجنوب، بالانسحاب من مواقعهم والانضمام إلى قوات الوفاق،حيث استنكر منتسبو منطقة سبها العسكرية التابعة للجيش، في بيان لهم،هذه الدعوة واصفين مواقف كنة بـ "الجبانة" و "المتخاذلة".وتعهد منتسبو منطقة سبها العسكرية باستمرار العمل من أجل القضاء على الإرهاب ورموزالفساد تحت راية الجيش الليبي، حتى تحرير كافة التراب الليبي، بحسب البيان المنشور عبر الصفحة الرسمية لـ "الناطق الرسمي باسم القيادة العامة" على موقع "فيس بوك".
من جهتها،أعلنت 10 كتائب تابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية رفضها لتصريحات آمر المنطقة العسكرية سبها التابعة للمجلس الرئاسي علي كنة بشأن سحب القوات التابعة للجنوب من طرابلس.وأكد آمري كتائب الجنوب في بيان لهم اليوم الخميس "دعمهم للجهود التي تبذلها القوات المسلحة العربية الليبية في سبيل تحرير كامل أرض الوطن واسترجاع كرامة المواطن التي سلبتها المليشيات والتشكيلات العشوائية الغير منظمة والتي أدخلت الوطن في دوامة الحروب التي لا تكاد تنتهي إلا بتوحيد الصفوف تحت راية واحدة وهي راية الجيش والشرطة الذين يمثلان أساسا لبناء أي دولة".
وفي غضون ذلك،أعلن المتحدث باسم الغرفة الأمنية المشتركة سبها علي الطرشاني ،السبت ،أن الجهات الأمنية والعسكرية داخل المدينة وحدت جهودها وأنشأت غرفة عمليات موحدة على الأرض ستباشر عملها في القريب العاجل.وطالب الطرشاني في تصريح صحفي ،أهالي مدينة سبها بالتعاون مع الجهات الأمنية والعسكرية لإعادة الأمن داخل مدينة سبها وضبط المجرمين والإرهابيين بعيداً عن القبلية وتوحيد الخطاب الإعلامي الترشيدي الهادف للتعايش السلمي ووضع الخلافات جانباً والتجمع على كلمة الوطن.
وأكد الطرشاني ،أن وحدات الغرفة وباقي الجهات الأمنية تمكنوا من التصدي للجريمة بحد كبير في نطاق اختصاصهم هذا العام مقارنة بالسنوات الماضية ما أسفر عن انخفاض كبير بمعدل الجريمة في الجنوب ،مشيرا إلى أن إحصائية الجرائم الواقعة في مدينة سبها هذا العام مبشرة بعودة الاستقرار إلى المنطقة والتصدي للجريمة والجريمة المنظمة.
وتمكن الجيش الليبي من خلال عملية فرض القانون التي أطلقها يناير/كانون الثاني 2019 من طرد معظم العصابات العابرة للحدود، بالإضافة إلى القضاء على قيادات إرهابية خطيرة منها القيادي البارز في تنظيم القاعدة عبد المنعم سالم خليفة، المكنّى بأبي طلحة الليبي،الذي يعتبر أحد أبرز الوجوه الإرهابية في ليبيا،والذي يعتبر القضاء عليه ضربة موجعة لكونه يمثل حلقة الوصل بين الإرهابيين في المغرب العربي وأولئك المتواجدين بليبيا.
ويمثل تحرك الجيش الليبي في الجنوب مؤشرا إيجابيا نحو إنهاء الفوضى في هذه المنطقة الإستراتيجية.حيث يؤكد مراقبون،إن سكان الجنوب الذين ضاقوا ذرعا من سطوة العصابات التشادية والسودانية يتلهّفون للاستقرار والأمان ومستعدون للالتفاف حول من يوفر لهم ذلك، وهو الأمر الذي لم تستطع الحكومات المتعاقبة توفيره فيما نجح الجيش الليبي في أيام قليلة في بسط سيطرته على عدة مناطق وفرض الأمن والاستقرار.