« لن نتحالف مع النهضة ،وإنما سنتعامل  مع من يشبهنا من العائلة الديمقراطية التقدمية ،ومن يتوافق معنا في النموذج المجتمعي » هكذا حسم الباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس موقف حزبه من التحالفات المرتقبة بعد الإنتخبات البرلمانية التي فاز فيها النداء بالأغلبية ، مؤكدا أن الحديث عن التشكيل الحكومي القادم سابق لأوانه ،ولن يكون جدّيا ولا منطقيا إلا بعد الإنتخبات الرئاسية التي ستنتظم في الثالث والعشرين من نوفمبر القادم 

وسيكون على الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد تشكيل ائتلاف ليحصل على الأغلبية (109 مقاعد من أصل 217 مقعدا) بما يسمح له تشكيل الحكومة الجديدة

ويطمح  قائد السبسي ( 87 عاما )الى بلوغ سدة الحكم في قصر الرئاسة بقرطاج مرشّحا لحركة نداء تونس في حين لا تزال حركة النهضة صاحبة المركز الثاني في نتائج الإنتخابات البرلمانية لم تحدّد هوية المرشح الرئاسي الذي ستدعمه ، ويستبعد المراقبون ، بل يجزمون بأنها لن تدعم السبسي حتى لا تضمن له سلطة تنفيذية على مستوى الرئاسة تضاف الى قوته في البرلمان والتي تعطيه أحقية ترشيح من يراه حزبه صالحا لرئاسة الحكومة ، بمعنى أن يهيمن حزب حركة نداء تونس على الرئاسات الثلاث ، خصوصا في حالة وصوله الى تحالف قوي مع الأحزاب المتوسطة والصغيرة والمستقلين ممن حصلوا على مقاعد نيابية 

ولا يخفي قائد السبسي أن خلافه مع حركة النهضة جوهري بالأساس ، وهو يرتبط بالتوجه الفكري والعقائدي والنموذج المجتمعي  والحريات العامة والخاصّة والعلاقات الدولية ، فحركة نداء تونس التي تقدّم نفسها على أنها تنحدر من المشروع الإصلاحي التونسي ومن التجربة الحداثية المدنية لدولة الإستقلال التي أسسها بورقيبة ،ترى في حركة النهضة إمتدادا لمشروع الإسلام السياسي بالمنطقة ،وهو المشروع الذي يتناقض كليا مع المشروع الوطني الحداثي الدستوري البورقيبي الذي دخل في صراعات ومواجهات مفتوحة مع الإسلاميين في أكثر من مناسبة ، إمتدت الى فترة حكم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي 

وقال الباجي قائد السبسي  إن حزبه مستعد للحكم مع الأقرب له، وأضاف : "نحكم مع الأقرب لنا، والعائلة الديمقراطية (دون أن يذكر أسماء معينة) الأقرب لنا، ولكن ينبغى الأخذ بالاعتبار النتائج النهائية’’ غير أن  الأمين العام لحركة نداء تونس الطيب البكوش  أكّد إن حركته لن تنفرد بالحكم مهما كانت النتائج.، متابعا إن "نداء تونس حتى لو حصل على الأغلبية المطلقة، فلن نحكم وحدنا وإنما سنشرك معنا الآخرين في الساحة السياسية، وذلك من منطلق مبدئي واعتبارا بتجارب سابقة » ، وأردف  أن الحكومة لن تكون حزبية "بل سنشرك الكثير من الأطراف، أما مَن هذه الأطراف فستكون بعد ظهور النتائج النهائية ».

 

إستبعاد التحالف

ويستبعد المراقبون أن تتحالف حركة نداء تونس مع حركة النهضة لتشكيل الحكومة القادمة لأسباب عدة لعلّ أهمها أدراك قادة النداء بأن ذلك سيبعد عنهم مئات الألاف ممن إنتخبوهم رفضا للنهضة وليس حبّا فيهم ، ويرى المحلل السياسي جوهر الجمّوسي  في تصريحات ل« البيان » أن «بعض القراءات السّياسيّة التي تراهن على تحالف قادم بين حزب حركة نداء تونس وحزب حركة النّهضة لتشكيل الحكومة القادمة، تركّز على تأويلات مجتهدة لتصريحات قيادات حركة نداء تونس، بدءا برئيسها الباجي القائد السّبسي الّذي يتعمّد من تصريح تلفزيوني إلى آخر التّلاعب بالكلمات، وهو الخبير في فن المراوغة، من أجل حشد الطّاقات لمعركته السّياسيّة القادمة في ترشّحه للانتخابات الرّئاسيّة ، وتتغافل هذه القراءات عن التّباين الكبير بين حركتين لا تلتقيان كخطين متوازيين. ومردّ هذا التّباين، انبناء حزب النّهضة على فكر دينيّ ومرجعيّات عقائديّة احتكاريّة، بما يتناقض مع الرّوح الّتي أسّست عليها الجمهوريّة التّونسيّة وحركة الإصلاح الوطنيّ، ومنها ينهل حزب نداء تونس ، كما تتغافل هذه القراءات أيضا عن صراعات خفيّة بين حزب النّهضة (الإخوانجيّة) وبين بقيّة القوى الدّيمقراطيّة الّتي أسّست حزب نداء تونس، وأبرزها الدّستوريّون والنّقابيّون واليساريّون والمستقلّون...، ممّن تنعتهم جماعات حركة النّهضة بـ"العلمانيّين" وبـ"الكُفّار" أحيانا في خطاباتها الجماهيريّة التّعبويّة، ويتضاعف هذا التّباين بين خطّين لا يلتقيان من خلال الصّراع الرّهيب خلال سنوات ما بعد الثّورة بين قيادات الحزبين المتنافسين، رغم ما يحاولون تقديمه من مشاهد التّوافق عبر الضّحكات الصّفراويّة على شاشات التّلفزيون وصور الجرائد، لإخفاء أحقاد دفينة بينهم، يصعب أن تختفي في القريب العاجل »

ويضيف الجمّوسي أن « من يحلمون بهذا التّحالف بين نداء تونس والنّهضة، يتناسون اختلاف برامج الحزبين وتباينها ثقافيّا واجتماعيّا وسياسيّا أكثر منه اقتصاديّا،  ربّما، تحلم حركة النّهضة، مع هؤلاء الحالمين، بعدم مغادرة "حلاوة" الحكم بعد أن جرّبتها. وهي أيضا تتشبّث بالبقاء في الحكم خشية من المحاسبة، وعودة بعض قيادييها الّذين لا يتمتّعون بالحصانة البرلمانيّة إلى السّجون. وتعوّل النّهضة، في هذا الإطار، على حلفائها السّابقين: المؤتمر والتّكتّل والتيّار الدّيمقراطي، الّذين يسعون الآن للإيقاع بين مكوّنات المجلس النّيابيّ والنّداء، حتّى تبقى النّهضة الملجأ الوحيد أمام النّداء، فتوقعه في واقع التّحالف معها، وتفرض عليه شروطها في المقاعد الوزاريّة الّتي تستهدفها ، ولاسيّما وزارة الدّاخليّة. وتروّج النّهضة إعلاميّا وسياسيّا وجماهيريّا لفكرة مشاركة نداء تونس في تشكيل الحكومة من خلال قناعتها بأنّ النّداء سيعجز عن تجميع الـ 109 صوتا ونائبا برلمانيّا لتشكيل حكومته. هذا، وتفيد مصادر موثوقة بأنّ النّداء قد ضمن فعلا الـ 109 صوتا من خلال مجموع نوّابه الـ 88 تقريبا ونوّاب حزب آفاق تونس (10 تقريبا) حليف النّداء، ونوّاب حزب المبادرة (4)، إضافات إلى أصوات أخرى لنوّاب أفراد. دون أن ننسى إمكانيّة التّحالف بين النّداء والجبهة الشّعبيّة، الّتي ضمنت ما لا يقلّ عن 16 مقعدا»

 

نداء تونس تحت ضغط ناخبيها

ويرى المحلل السياسي منذر ثابت أن الحديث عن تحالف بين نداء تونس وحركة النهضة يعني الميل الى تشكيل سلطات حاكمة قوية مقابل معارضة ضعيفة في حين أن المطلوب هو وجود سلطة قوية وسلطة مضادّة ( معارضة ) تمتلك مقومات التأثير السياسي الفعلي ، هذا أولا ، وثانيا ، إن الخلافات العقائدية والسياسية والثقافية بين الحزبين تمنعهما من الإلتقاء حول برنامج واحد ، خصوصا وأن النهضة مرتبطة ضمنيا بمشروع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين ، وبتحالفاته المحورية الخارجية ، التي أثّرت سلبا على موقع تونس الإقليمي والدولي ،وثالثا ، تدرك حركة نداء  تونس أن أغلبية من صوّتوا لها الأحد الماضي في الإنتخابات البرلمانية هم ممن يرفضون تحالفها مع حركة النهضة ومع قوى الإسلام السياسي عموما ،وبالتالي سينفضّون من حولها حال تقاربها مع الحركة الإسلامية مثلما حدث مع حزب التكتل الديمقراطي الذي كان فاعلا في الساحة السياسية قبل أن يحترق نهائيا بنار الإقتراب من حركة النهضة على حساب توجهاته اليسارية التقدمية السابقة 

وفي هذا الإتجاه يعتقد المحلل جوهر  الجمّوسي إن «حزب النّداء، يراهن على قصر قرطاج في انتخابات 23 نوفمبر 2014، ويراهن على من انتخبوه ليعيدوا انتخاب الباجي قائد السّبسي رئيسا للجمهوريّة التّونسيّة. وحزب النّداء يعلم جيّدا أن من صوّتوا له في التّشريعيّة ليسوا جميعا من مناضليه، بل إنّ نسبة محترمة جدّا منهم لا ينتمون للنّداء أصلا، والتجأوا لانتخابه من منطلق معاداة حركة النّهضة ورفضها بشكل مبدئيّ، بحيث لم يكن أمامهم من مخرج لإخراجها من الحكم سوى الاصطفاف بشكل حاشد آليّ مع ناخبي النّداء. وحزب النّداء يدرك جيّدا أنّ هذا العدد الكبير من النّاخبين سيرفض الباجي قائد السّبسي إن تحالف النداء مع النّهضة في تشكيل الحكومة. ويحتاج النّداء لأكبر عدد ممكن من النّاخبين ليقدر على مواجهو المرشَّح المتخفّي إلى حدّ الآن عن حركة النّهضة، ومواجهة أيضا المرشّحين التّجمّعيّين كمال مرجان وعبد الرّحيم الزّواري ومنذر الزّنايدي، إضافة إلى مصطفى كمال النّابلي وبقيّة قائمة الـ 27 مرشّحا للرّئاسة. المعركة، ستكون شرسة من أجل المرور إلى الدّور الثّاني للانتخابات الرّئاسيّة. والباجي قائد السّبسي، خبير في التّكتيك السّياسيّ، ويحلم بقصر قرطاج كغيره من الفاعلين السّياسيّين. ولن يترك الورقة تطير من بين يديه بريح عابر،  لذلك، ولكلّ الاعتبارات سالفة الذّكر، لن يفعلها النّداء، ولن يتحالف مع النّهضة. وسيبقى الصّراع قائما بين حزب النّهضة الإخوانيّ وبين ورثة حركة الإصلاح الوطنيّ الّذين أسّسوا حزبا سياسيّا في أقلّ من سنتين، استطاعوا عبره ومن خلاله أن يسقطوا حزب النّهضة القديم تاريخيّا في أوّل انتخابات تشريعيّة بعد الثّورة والحال أنّه يُمسك بآليّات الحكم»

 

النهضة والبحث عن موطأ قدم

وبالمقابل قال نائب رئيس حركة النهضة، عبد الحميد الجلاصي، إن "الخط السياسي لحركة النهضة والتحالفات المحتملة مع باقي الأحزاب ستكون مشروطة بتطبيق البرنامج الثوري وضمان استقرار تونس وعلى تحقيق أهداف الثورة وأن الموقع السياسي غير مهم بقدر أهمية البرنامج الذي ستضطلع به مستقبلا » ،وأضاف  أن "الحركة سيكون لها دور رئيسي في السنوات القادمة وستكون ضمن مفاتيح المشهد السياسي الجديد فهي قوة وطرف رئيسي". 

كما اعتبر القيادي في حركة النهضة العجمي الوريمي  أنّ حزبه في موقع قوّة داخل المشهد السياسي المنبثق عن الانتخابات التشريعية رغم فوز نداء تونس بالمركز الأوّل ،مضيفا أنّ النهضة لن تستجدي أحدا من أجل المشاركة في الحكم مؤكدا أنّ حزبه سيكون جديّا ومسؤولا في المرحلة المقبلة من خلال اعلاء المصلحة الوطنية.

وأعلن الوريمي أنّ مجلس شورى النهضة سيدرس كلّ الخيارات الممكنة، مشدّدا على أنّ هناك مبادئ عامة لن تتنازل عنها النهضة في علاقة بمسألة المشاركة مع نداء تونس في حكومة ائتلافية، مشيرا الى أنّ حزبه يرى أنّ البلاد تحتاج في المرحلة المقبلة إلى حكومة قوية تستند على قاعدة اجتماعية واسعة تحظى بدعم سياسي كبير من داخل البرلمان ومن خارجه.

وبحسب المراقبين فإن حركة النهضة تعمل كل ما في وسعها لتكون جزءا من منظومة الحكم خلال المرحلة القادمة لأسباب عدة منها : أن قاعدتها الإنتخابية غير مستقرة ،وأن نسبة مهمة ممن إنتخبوها ،إنما صوّتوا لها من باب الإنتهازية السياسية والإعتقاد بأنها ستكون المنتصرة لا محالة وصاحبة الحكم خلال المرحلة القادمة ، وهو ما يعني أن هذه النسبة ستترك الحركة ، وتتجه الى الحزب الأقوى وهو حزب حركة نداء تونس خلال الموعد الإنتخابي القادم ، 

كما أن حركة النهضة تدرك أن عدد من صوتوا لها والذي يتجاوز 800 ألف ناخب بقليل ، يمثّل فقط 10 بالمائة من عموم من يحق لهم الإنتخاب في تونس وعددهم ثمانية ملايين و500 ألف ، وبالتالي فإن الغطاء المجتمعي الذي تتحدث عنه يبدو ضعيفا وغير قادر على حمايتها من الإنهيار السياسي 

يضاف الى ذلك أن عدد من صوّتوا لحركة العام الأحد الماضي هو تقريبا نصف من صوّتوا لها في العام 2011 ومن دفعت بهم من أنصارها آنذاك لإنتخاب حليفيها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمكقراطي للعمل والحريات ،و لا تستطيع حركة النهضة غض الطرف عن مستجدات الواقع الإقليمي ،وعن إنحصار وتراجع مشروع الإسلام السياسي وخاصة في مصر وليبيا ،وهو ما أثر سلبا على المشروع الذي كانت مندفعة للإنتخراط فيه 

ومن أجل هذا وغيره ، تبحث حركة النهضة عن موقع قدم لها في الحكم ولو عبر تحشيد الضغط الخارجي ( وخاصة الأمريكي والأوروبي ) على حركة نداء تونس لتشريكها في الحكم ، أولا للدفاع عن موقعها والإحتفاظ بمخزونها الإنتخابي ، وثانيا للإقناع بأن مشروع الإسلام السياسي لا يزال جزءا من الحكم في تونس 

 

السيناريوهات الممكنة 

 

سيكون أمام نداء تونس سيناريوهات عدة لتحالفات المرحلة القادمة ، ومنها التحالف مع حزب «آفاق تونس » الليبيرالي و تحالف «الجبهة الشعبية» اليساري وحزب المبادرة أو بعض المستقلين

لضمان الأغلبية بالبرلمان القادم ،وفي هذا الإطار لم تتحفّظ مباركة البراهمي القيادية في الجبهة الشعبية والتي حازت على مقعد في  مجلس نواب الشعب عن دائرة سيدي بوزيد ، عن إتهام حركة النهضة بالمسؤولية عن إغتيال زوجها محمد البراهمي مؤسس التيار الشعبي والنائب بالمجلس التأسيسي ،وقالت « التحالف بيننا وبين حركة النهضة غير ممكن ، فنحن بيننا دم ، وبيننا خلافات جوهرية ،وبيننا بون شاسع في فهم الواقع والمجتمع والحرية » مشيرة الى أن « إمكانية التحالف مع نداء تونس أقرب » علما وأن النداء كان شريكا للجبهة الشعبية في جبهة الإنقاذ الوطني التي تأسست في 29  يوليو 2013 أي بعد  أربعة أيام من إغتيال البراهمي ، كما أن حزب آفاق تونس بقيادة ياسين ابراهيم ،وهو حزب ليبيرالي تقدّمي تأسس بعد الثورة ، يميل الى التحالف مع نداء تونس في المرحلة القادمة نظرا للتقارب بينهما وخاصة في الدفاع عن مقومات الحداثة والمدنية والحريات العامة والخاصة واستقلالية القرار الوطني 

وفي حالة تحقيق هذا التحالف يمكن أن تشكّل حركة النهضة ومعها صاحب المركز الثالث الإتحاد الوطني الحر وبعض الأحزاب الصغيرة والمستقلين قوة ضاربة للمعارضة داخل البرلمان ،الأمر الذي سيشلّ حركاته وسكناته ،ويعرّض الحكومة للتهديد الدائم بسحب الثقة والحلّ 

أما السيناريو الثاني فيتمثّل في أمكانية  تحالف نيابي أوسع لـ"نداء تونس" يضم بجانب الجبهة الشعبية وآفاق تونس، "الاتحاد الوطني الحر » وهو ليبيرالي كذلك ، غير أن هذا السيناريو غير مطروح حاليا ويبقى رهينا لما بعد الإنتخابات الرئاسية نظرا لخوض زعيم الإتحاد الوطني الحر سليم الرياحي  غمار التنافس من أجل سدة الحكم في قصر قرطاج ،وبالتالي فهو منافس لقائد السبسي ،وطامح الى كسب دعم حركة النهضة خلال الإنتخابات القادمة 

أما السيناريو الثالث فهو تحالف نداء تونس وحركة النهضة ، وهو ما تحاول واشنطن فرضه لتثبت إمكانية حصول وفاق بين العلمانيين والإسلاميين في المنطقة العربية ، غير أن هذا الإحتمال يقابله رفض واضح من تيار مؤثّر داخل نداء تونس يرفض مبدئيا التحالف مع قوى الإسلام السياسي ،وكذلك رفض أنصار النداء في الشارع التونسي التحالف مع النهضة ، وبحسب تقارير إعلامية فإن حركة النهضة تريد الدفع بالحوار نحو توافق على تشكيل حكومة إئتلافية يتم فيها تحييد وزارات السيادة ( الداخلية والخارجية والعدل والدفاع )وإسنادها الى كفاءات وطنية غير متحزّبة ( تكنوقراط )

يبقى السيناريو الرابع وهو تشكيل حكومة مستقلة لتسيير المرحلة القادم على غرار حكومة مهدي جمعة الحالية ، على أن تكون مدعومة بسند سياسي قوي من مختلف الأحزاب والقوى الممثلة في البرلمان ، غير أن هذا الخيار يبدو مرفوضا من حركة نداء تونس التي يؤكد زعيمها الباجي قائد السبسي أن لها رصيدا من الكفاءات قادرا على تسيير ثلاثة دول ،وفق تعبيره ، كما أن حركة النهضة لا تستسيغ هذه الفكرة خصوصا وأن اليد الطولى في إختيار الكفاءات ستكون لحركة نداء تونس ، وهو ما يعني أنها ستكون كفاءات مستقلة ولكن « ذات نكهة ندائية » 

وفيث كل الحالات فإن هناك شبه إجماع في تونس على صعوبة المرحلة القادمة وخطورتها وحساسية التعامل معها في ظل وجود قطبين كبيرين : قطب حاكم يتمثل في حركة نداء تونس وقطب معارض يتمثّل في حركة النهضة