ردود الفعل الصاخبة حول قرار محكمة  جنايات المنيا بإحالة أوراق 528 من قيادات وعناصر جماعة الإخوان الى المفتي لإبداء الرأي الشرعي ،أكدت مرّة أخرى أن هناك حالة من الجهل أندمجت في حالة من التأمر مع تعمّد سوء الفهم ، وتم خلطها في مشروع إعلامي موجّه ، يحاول أن يصل الى نتيجة واحدة وهي أن الجيش المصري هو الذي يحكم ويستبد ويقتل الإخوان بعد إن إنقلب على حكمهم  ، ويمارس ضدهم حرب إبادة شاملة ،في حين أن الموضوع مختلف تماما ،

فالقضاء عندما وجّه بإحالة ملفات المتهمين للمفتي لا يعني أنه أصدر حكمه النهائي إذ أن المحكمة قررت الإعلان عن الحكم النهائي يوم 28 إبريل القادم ،

 وهيئة المحكمة لم تفعل شيئا غير أنها إستندت الى القانون ، فالقضية تتعلّق بإقتحام مركز شرطة وقتل ضابط فيه والشروع في قتل أخرين ، والمرجعية التي تعتمد في هذه الحالة هي مواد واضحة ولا تقبل التأويل من القانون الجنائي المعتمد في الدولة المصرية .

تقول المادة 89 يعاقب بالاعدام كل من الّف عصابة هاجمت طائفة من السكان او قاومت بالسلاح رجال السلطة العامة في تنفيذ القوانين ، وكذلك كل من تولى زعامة عصابة من هذا القبيل أو من تولى فيها قيادة مااما من انضم إلى تلك العصابة ولم يشترك في تاليفها ولم يتقلد فيها قيادة ما قيعاقب بالاشغال الشاقة المؤبدة او المؤقتة .

بهدف الاخلال بالنظام العام او تعريض سلامة المجتمع وامنه للخطر .

وفي المادة 86 :  يقصد بالارهاب في تطبيق احكام هذا القانون كل استخدام للقوة او العنف او التهديد أو الترويع ،يلجأ إليه الجاني تنفيذا لمشروع إجوامي فردي أو جماعي بهدف الإخلال بالنظام أو تريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر ،إذا كان من شأن ذلك إيذتء الأشخاص أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حيواتهم أؤ حرياتهم للخطر ،أو إلحاق الضرر بالبيئة أو المواصلات أو بالأموال أو بالمباني العامة أو الخاصة أو إحتلالها أو الإستيلاد عليها أو منع أو عرقلة ممارسة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم لإعمالها أو تعطيل تطبيق الدستور أو القوانين أو اللوائح 

وحسب المادة 86 مكرر ، يعاقب بالسجن كل من انشأ او اسس او نظم او ادار ، على خلاف احكام القانون جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة ، يكون الغرض منها الدعوة بأية وسيلة الى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى المؤسسات العامة من ممارسة أعمالها ،أو الإعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات أو الحريات أو الحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون ،أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلم الإجتماعي 

وتؤكد المادة 86 مكرر ( أ )  أن العقوبة في هذه الحالة تكون الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة ،إذا كان الإرهاب من الوسائل التي تستخدم في تحقيق أو تنفيذ الأغراض التي تدعو إليها الجمعية أو الهيئة أو المنظمة أو الجماعة أو العصابة المذكورة في هذه الفقرة ، ويعاقب بذات العقوبة كل من من أمدها بأسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أ ومهمات أو أموال مع علمه بما تدعو إيه أو بوسائلها في تحقيق وتنفيذ ذلك 

 

وسأكتفي بهذا الجزء من القانون الجنائي المصري الذي إعتمدته محكمة جنايات المنيا في توجيه أوراق 528 متهما الى المفتي الذي سيقارن بين القانون المدني وما يقرّه الشرع في مثل هذه الحالة 

وشرعيا ، يمكن القول أن المحكمة إعتمدت تنفيذ « حد الحرابة » الذي جاء في الآية 33 من سورة المائدة « إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ »  

وفي تصريح سابق أكد الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر أنه « معلوم من الدين بالضرورة أن من أعظم الجرائم في شريعتنا هي الإفساد في الأرض - أو الإرهاب كما يسمونه الآن في عصرنا - فإن فاعلها سيلقى عند الله عقوبات عظيمة وإن أفلت بها في الدنيا، ولو نظرنا إلى العقوبات في شريعتنا السمحاء سوف نجد لكل عقوبة حكماً، فللسرقة قطع اليد، وللقتل القصاص، وللقذف الجلد، وللزنى الرجم أو الجلد، إلا الفساد في الأرض، فقد جاء لها ديننا الحنيف بأربعة أحكام في كتاب الله، وذلك لعظم هذا الذنب، والذي سُمِّي بـ "حدّ الحرابة"، فقد قال المولى سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم"، ولذلك أقول لهم: ارحموا مصر وارجعوا إلى رشدكم من قريب، فإن الأمن والأمان راجعان إلى مصر مهما بلغت الأيام، وإن الأفعال - التي وقعت منكم في مصر لا تزيد المصريين إلا إصراراً على العمل والمضي قدما إلى الأمام، ولا تخيف أحدا من المصريين، فإن جموع المصريين سينتظمون في حياتهم، وسيلتفون حول جيشهم وشرطتهم، فإن طال المصريين شيء من أمثالكم فهم شهداء عند الله تعالى، نقول لكم: عودوا إلى رشدكم قبل هلاككم، فإن رجال الجيش والشرطة - مسلمين ومسيحيين - وكل جموع المصريين، يجمعون على أنكم على باطل ولا عقل لكم ولا منطق، وكلنا متضامنون مع الجيش والشرطة على ما يقومون به »

ومن يقفون اليوم منددين بما جاء من محكمة جنايات المنيا ، يتجاهلون عن قصد حقيقة ما تقوم به عصابات الإخوان من قتل وسحل وحرق وإعتداءات على منشئات الدولة وأملاك الأفراد ومن بث الرعب في قلوب الإمنين وضرب لمصالح العامة ومن عدوان سافر على الأمن في دار من ديار المسلمين لها موقع الصدر في خدمة الإسلام والذود عنه والذبّ عن مصالح أهله ، كما يتعمّدون الدفاع عن فكر يدفع بالمجتمع الى التحارب والتطاحن والتقاتل ، ويدعو الى الإفساد في الأرض ، مستبيحا دماء المسلمين ومن واطنهم من أهل الكتاب ، إضف الى ذلك أن وراء التنظيمات العصابية مشروع جاهز لتخريب الأمة والإطاحة بمكانتها بين الأمم ، 

ومع إعتماد القانون الوضعي فإن قرار المحكمة جاء دفاعا عن روح المواطنة والسلم الإجتماعي وهيبة الدولة ومؤسساتها وردعا للخارجين عن القانون ممن يحلّون سفك دماء الأبرياء منا حدث في المنيا وكرداسة ومناطق ومدن أخرى ،وأما الشرع فقد حرّم حمل السلاح من الحاكم إذا بغى وعزلته الرعية ، وهو ما حدث في حالة ومرسي والإخوان ،وبالتالى فإن قتل المصريين عمدا وتخريب منشآت الدولة والإعتداء على رجال الجيش والأمن والأمنين من السكّان يدخل في إطار محاربة الله ورسوله والمؤمنين ، ويعتبر فسادا في الأرض 

ورغم قناعتي أن الإعدام لن ينفذ في المتهمين ،  وأن لولي الأمر ( رئيس الدولة )أن يعفو  أو يخفف من الحكم ، فإن ما حدث من ضجّة ، يؤكد أن إستهداف مصر وجيشها وأمنها ودولتها بات أمرا واضحا ومكشوفا للعيان ،خصوصا من قبل من لا علم ولا دراية بالقانون ولا بالشرع ،ومن قبل من يدركون أن القضاء المصري مستقل فعلا ،وليس تابعا للسيسي كما يحاولون الترويج لذلك .