سلط الأمين العام للمنظمة العربية لحقوق الإنسان بليبيا عبدالمنعم الحر، على ملف الأزمة الليبية، واستمرار تردي الأوضاع السياسية والأمنية والخدمية في البلاد.

وقال الحر في ورقة خص بوابة أفريقيا بنسخة منها، "أيها الليبيون اربطوا الأحزمة فلم يعد السؤال متى تسقط عاصمتكم وإنما كيف ومتى يكون الارتطام؟ منذ 2014 ونحن نعيش حروب طاحنة، أتت على الأخضر واليابس، تركت فينا جروحا غائرة تحتاج فترة من الزمن حتى تبراء...فمن بين إفرازاتها ظهور فاحش لطبقة أثرياء الحرب، الذين اتخذوا المال الملوث بدماء الأبرياء جسرا لصناعة الجاه و اقتحام عالم السياسة و التحكم في الشأن العام للشعب ... يقابلها غياب تام لطبقة عموم الشعب عن المشهد نتيجة الهجرة فرارا من جحيم فتنة عمياء، أو لمن بقي منهم في الوطن نتيجة تعرضهم للإفلاس أو النهب من أطراف الصراع. حين يبتعد المرء جانبا، و يفرض على نفسه التجرد، ليتأمل بهدوء ودون انفعال واقع ليبيا اليوم بعد تلك الحروب، أعتقد أنه سيقف على صورة صادمة، ففضلا عن كون “ليبيا” لم تعد أكثر من وعاء فارغ من أي دلالة أو أي  قيمة حسّية على أرض الواقع، يلمس المرء بيديه حالة التمزق الجغرافي والتقاتل والتشظي، وانهيار كلّي لجميع دعائم كيان “الدولة والمجتمع”، من الأخلاق و القيم، إلى العدالة الاجتماعية و الأمن بكل أبعاده، من الأمن الغذائي والصحي و الصناعي و العسكري، إلى الأمن على الأرواح والممتلكات والأعراض، انتهاء بالأمن على المقومات الحضارية لشخصية البلد".

وتابع الحر، "بغض النظر عن التفاصيل حيث تكمن الشياطين، ففي ليبيا اليوم ومنذُ الانتكاسة التي حصلت بعد انتخابات البرلمان، لم يعد هناك فاعل ومفعول به، بل المشهد العام يفيد بأن ليبيا كلها مفعول بها ومجرورة، هكذا تَعرِبها قواعد الواقع، وهكذا يا تضيفها في قواميس السياسة الدولية، فلا المهاجمون ولا من يدّعي الدفاع عن السيادة والشرعية بات فعلا يملك مثقال ذرة واحدة من الفعل على الأرض، الواقع المُر والذي يجب الإقرار والمجاهرة به، هو أن طرابلس أصبحت مسرحا للتقاتل والتخريب الذاتي، بأيدي أبنائها وبتحريض من علمائها ومُفكرّيها، وبتمويل من مؤسساتها وتجّارها، غير أن التخطيط والقرار والمصلحة، جميع ذلك يصبُّ في خدمة أطراف وجماعات أجنبية، طرابلس ليست استثناء من بين باقي المدن الليبية ،وواهم من يتصور إمكانية استثنائها؛ لقد ذكرت في مقال سابق قبل فترة، بأن إسقاط طرابلس هو ضرورة إستراتيجية لدى بعض الدول التي لن ولم ترضى بنتائج الانتخابات سابقا ، و دلّلت على ذلك بوقائع متسلسلة منذُ 2014 مرورا باجتماع دكار الموازي لاجتماع باريس .. وذكرت معطيات لا ينكرها إلا من يرى بعين واحدة وذات العين مصابة بالرمد ... حفظ الله ليبيا عامة وطرابلس خاصة".