بدأ البيت الأبيض في إجراءات إعلان قرار يقضي بتصنيف جماعة "الإخوان المسلمين" منظمةً إرهابية أجنبية،وذلك بحسب ما أعلنته المتحدثة باسم البيت الأبيض، التي أكدت في تصريحات صحفية أن مسألة تصنيف الإخوان منظمةً إرهابية تمر حاليًّا عبر الأطر الداخلية.
وأعلنت سارة ساندرز المسؤولة الإعلامية بالبيت الأبيض في رسالة بالبريد الإلكتروني أن "الرئيس تشاور مع فريقه للأمن القومي وزعماء بالمنطقة يشاركونه القلق، وهذا التصنيف يأخذ طريقه عبر الإجراءات الداخلية".فيما قالت وسائل اعلامية إن إدارة الرئيس دونالد ترامب، تضغط الآن من أجل تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية.
ورغم أن قرار تصنيف جماعة "الاخوان المسلمين" تنظيما ارهابيا من طرف الادارة الأمريكية قد أثار جدلا واسعا في الأوساط الأمريكية والدولية،فإنه لا يعتبر جديد حيث أثيرت الفكرة خلال السنوات الماضية التي شهدت طرح مشروعات قوانين قدمها نواب الكونجرس لاعتبار الجماعة إرهابية، ومنع أفرادها من التنقل من وإلى الولايات المتحدة.
ففي نوفمبر من العام 2015، قدم النواب دياز بلارت وجومرت ويبر وبلاك وبوميو، مشروع قانون وافقت عليه اللجنة القضائية في المجلس يعتبر فيه جماعة الإخوان منظمة إرهابية.
وفي فبراير 2016،أعلنت اللجنة القضائية بمجلس النواب الأمريكي موافقتها على مشروع قانون لتصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية، وذكرت اللجنة القضائية بمجلس النواب، في بيان نشرته على موقعها، أن مشروع القانون يدعو وزارة الخارجية إلى اعتبار جماعة "الإخوان" منظمة إرهابية من أجل حماية الأمن القومي الأمريكى بشكل أفضل.
وفي يناير 2017،قدم السيناتور تيد كروز، العضو الجمهوري عن ولاية تكساس، والنائب ماريو دياز بلارت العضو الجمهوري عن ولاية فلوريدا، للمرة الخامسة، مشروع قانون إدراج جماعة الإخوان ضمن قائمة المنظمات الإرهابية إلى كلتا هيئتَي الكونجرس، وطالبا بتصنيفها منظمة إرهابية أجنبية استناداً إلى اعتناقها أيديولوجية عنيفة تستهدف تدمير الغرب.
وفي نوفمبر 2017،وجَّه 32 عضواً من كبار أعضاء الكونجرس الأمريكي خطاباً لوزير الخارجية، آنذاك، ريكس تيلرسون، يحثونه على التحرك بشأن مشروع القرار الذي يدعو إلى تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية.وأوضح أعضاء الكونجرس فى خطابهم إنهم بينما يؤمنون بقوة بضرورة تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية أجنبية، فإنهم يؤيدون تطبيق عملية التنصيف إستنادا لكل دولة على حدة، خاصة إخوان مصر.
ويطرح قرار تصنيف جماعة "الاخوان" ارهابية تساؤلات حول المغزى من اصرار ادراة ترامب على التوجه نحو اتخاذ خطوة فعلية في اتجاه تنفيذ القرار في هذا التوقيت بالذات.حيث يربط البعض بينه وبين الأوضاع الداخلية في الولايات المتحدة فيما يعزوه آخرون الى التطورات الدولية والسياسة الخارجية.
فعلى الصعيد المحلي،يرى البعض أن اتخاذ الرئيس الأمريكي مثل هكذا قرار بشكل مفاجئ، يمكن ربطه بالانتخابات الأمريكية وصراع الأحزاب فيها، من أجل كسب الرأي العام الأمريكي والمزيد من الأصوات.
هذا الرأي أكده دانييل بنجامين، منسق مكافحة الإرهاب السابق في وزارة الخارجية الأميركية والذي يعمل بالتدريس حاليا في كلية دارتماوث،حيث وصف تحرك ترامب بأنه محير. وقال بنجامين أن الاعتبارات السياسية المحلية ربما يكون لها دور، خاصة وأن ترامب مقدم على انتخابات يسعى فيها لولاية ثانية عام 2020. وقال "لا شك في أن هناك مساعي لإرضاء قاعدة ترامب ممن يخافون من الإسلام"،بحسب ما نقلت وكالة "رويترز".
ومن جانبه،اعتبر المحلل السياسي الأمريكي ماك شرقاوي،أن التصريحات الصادرة عن "البيت الأبيض" بشأن تصنيف الإخوان على لوائح الإرهاب لها اعتبارت انتخابية بالأساس.ونقلت صحيفة "الوطن" عن شرقاوي قوله،أن "ترامب يحاول أن يخلق جديد من أجل المعركة الانتخابية، أي انتخابات الرئاسة القادمة، وهناك شبه مطلب شعبي من المواطن الأمريكي بحظر الإخوان لأنه لديه مخاوف من الجماعة وتحركاتها، ينظرون بعين الترقب لما تحمله الجماعة من أفكار، وربما تؤثر على مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط".
لكن البعض الآخر يشير الى أن القرار نابع من التطورات التي شهدتها العالم خلال السنوات الأخيرة وخاصة الحرب ضد الارهاب ومحاولة تجفيف منابعه.حيث تسعى واشنطن لتدعيم علاقاتها مع الدول التي تواجه الارهاب وتأتي في مقدمتها مصر التي تعتبر المتضرر الأبرز من وجود جماعة "الاخوان" والتي سبق أن صنفتها تنظيما ارهابيا.
ويأتي القرار بشأن الجماعة، بعد ثلاثة أسابيع من زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للولايات المتحدة، حيث أثنى عليه الرئيس الأمريكي ترامب،قائلاً أنه "يقوم بعمل رائع".وقالت تقارير اعلامية ان الرئيس المصري طلب من نظيره الأمريكي إدراج الإخوان المسلمين في قائمة الإرهاب أثناء لقائهما في واشنطن يوم 9 إبريل الجاري، ولم يكن طلب السيسى هو الأول من نوعه؛ فعقب توليه السلطة طالب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في أكثر من مناسبة تصنيف الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية مثلما فعلت السلطات المصرية عام 2013.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز،أنه وفي اجتماع خاص من دون مراسلين صحافيين ومصورين، حضّ الرئيس السيسي نظيره الأمريكي على اتخاذ هذه الخطوة والانضمام إلى مصر في تصنيف الجماعة منظمة إرهابية.ووفق الصحيفة، قال المسؤولون الأمريكيون، إن الرئيس ترامب رحب باقتراح السيسي بوضع جماعة الإخوان على قائمة المنظمات الإرهابية، قائلاً إن ذلك سيكون منطقياً، وقد ألزم إدارته بإكمال الخطوة.
وكانت جماعة الإخوان، التي بنت قاعدة عريضة من الداعمين في الوطن العربي منذ نشأتها في 1928 في مصر، وصلت للسلطة في مصر في أعقاب ثورة 2011، إلا أن القوات المسلحة أزاحت الرئيس محمد مرسي في 2013 في أعقاب مظاهرات حاشدة ضد حكم الجماعة.
من جهة أخرى،يربط البعض القرار الأمريكي بتصنبف "الاخوان" منظمة ارهابية،بالمحاولات الأمريكية لتحجيم الدور الايراني المتصاعد في منطقة الشرق الأوسط.خاصة وأن توقيت دراسة ملف إدراج الإخوان على لائحة الإرهاب الأميركية،يأتي بعد أقل من شهر على إعلان الولايات المتحدة إدراج الحرس الثوري الإيراني على "لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية.
وقالت واشنطن إنها فرضت عقوبات على أبرز قادة الحرس الثوري وقادة الميليشيات التي يمولها"في بعض البلدان العربية مثل لبنان واليمن والعراق بهدف منع النظام الإيراني من استهداف استقرار الشرق الأوسط.كما شددت واشنطن عقوباتها الاقتصادية ضد طهران منذ أسبوع وطالبت مشتري النفط الإيراني بوقف مشترياتهم بحلول مايو/أيار أو مواجهة عقوبات منهية بذلك إعفاءات لمدة ستة أشهر أتاحت لإيران مواصلة تصدير كميات محدودة لثمانية من أكبر عملائها.
واعتبر مراقبون،أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية سيكون له انعكاس كبير على جماعة الإخوان.ونقلت صحيفة "اليوم السابع"،عن طارق البشبيشى، القيادى السابق بجماعة الإخوان، إن هذا القرار له تأثير غير مباشر على الإخوان،حيث يعتبر هذا القرار من ضمن القرارات التى تضيق الخناق على تمدد تأثير الإخوان فى المنطقة العربية.
وأضاف البشبيشي،أن الحرس الثورى له دور بشكل أو بأخر فى تدريب مليشيات العنف المرتبطة بتنظيم الإخوان فى عدد من الدول العربية، متابعا: ما كشفته الأيام هو الاتفاق الذى تم بين الاخوان و ايران ايام حكمهم لمصر هذا الاتفاق الذى يتيح إنشاء الإخوان لما يشبه الحرس الثورى فى مصر على غرار الموجود فى ايران من اجل احكام سيطرة الاخوان على السلطة.لافتا إلى أن هذا القرار الأمريكى باعتبار الحرس الثورى الإيرانى منظمة إرهابية سيحجم من تأثير النفوذ الإيرانى فى المنطقة.
وترتبط جماعة الاخوان بعلاقات مع طهران التي تسعى لمد نفوذها في العديد من الدول العربية.وطفت على السطح مؤخرا التحركات الايرانية في ليبيا وذلك في أعقاب حجز سفينة أسلحة في ميناء مصراتة أكدت تقارير اعلامية أنها جاءت بهدف دعم المليشيات الموالية لجماعة الاخوان في حربها ضد الجيش الليبي الذي يشن منذ الرابع من أبريل/نيسان الماضي هجوما لتحرير العاصمة الليبية.
وذكر المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي اللواء أحمد المسماري، أن السيفة الإيرانية مرتبطة بالحرس الثوري، و"متورطة بأعمال مشبوهة".وأشار المسماري إلى رصد رسو السفينة في ميناء مصراتة، وأنها "مدرجة على لائحة العقوبات الأميركية لارتباطها بوزارة الدفاع والحرس الثوري الإيراني، ولديها عمليات غير شرعية في نقل الذخائر والأسلحة والمعدات الحربية".
ومع تزايد الضغوط الأميركية والدولية والإقليمية ضد النظام الإيراني لثنيه عن مواصلة سلوكه العدواني في المنطقة والكف عن دعم الإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، يعد القرار المرتقب بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، ضربة أخرى لطهران التي تحاول تحريك حلفائها والجماعات الموالية لها في المنطقة والعالم للحد من تأثير الضغوط.