ماهي دلالات وتداعيات الحوار الاستراتيجي الذي سيتم بين تونس والولايات المتحدة الامريكية خلال الأيام القادمة  ، وماهي شروط نجاحه في وقت تركزت فيه علاقات تونس الخارجية في جزء هام منها مع الدول الأوروبية ، وفي المحصلة كيف سيكون مستقبل تونس وهي تعبر الأطلسي بحثا عن شراكة جديدة ؟ 

رغم أن علاقات تونس بالولايات المتحدة تعود الى آكثر من مائتي سنة فان العلاقات الاقتصادية والسياسية ظلت ضعيفة ، وقد تكون الجغرافيا والتاريخ وراء هذا " الجفاء" في المعاملات والمبادلات٠

ولمزيد استقراء العلاقة الجديدة التي ستنشأ بين البلدين بعد الحوار الاستراتيجي وإمكان بإمضاء اتفاق شراكة أوبعث منطقة للتبادل الحر تحدثت بوابة افريقيا الإخبارية الى الأستاذين نصر بن سلطانة رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل ومحسن حسن أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية والخبير الاقتصادي والمالي ٠

يعتبر الدكتور بن سلطانة ان الحوار الاستراتيجي بين تونس وأمريكا يعتبر وضعا متقدما لين الدولتين ، اذ أن الولايات المتحدة لم تتدخل الامع دول قليلة في مثل هذا الحوار وهو تربطه بأهمية العلاقات التي توليها للدول التي تدخل معها في مثل هذا الحوار٠

ويؤكد رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل أن هذا الحوار له أهمية خاصة بالنسبة لتونس لدعم واقعها الأمني ودعم آليات التصدي للاخطار التي تهدد استقرارها أمنيا وسياسيا واقتصاديا، فالحوار سيوفر إطارا لتعاون تتوافق فيه المصالح بين البلدين على الامدين القريب والبعيد تكون فيها تونس جزءا من الاستراتيجية العالمية لأمريكا والتي تعتمدها حفاظا على مصالحها في مختلف مناطق العالم ٠

محاربة الإرهاب

ويتوقع الدكتور بن سلطانةآن يتم رفع الدعم الامريكي للمؤسستين الأمنية والعسكرية من حيث التجهيزات والتدريب وتبادل الخبرات والمعلومات والتنسيق بين المصالح المختصة في البلدين في هذا المجال وخاصة في مجال مراقبة الحدود وتعشير الوسائل والتجهيزات العسكرية ومزيد تشريك المؤسسة العسكرية في تدريبات عسكرية دولية وإقليمية ٠

هذا التعاون سيشمل أيضاً حسب الدكتور بن سلطانة مسائل إقليمية في علاقة خاصة بالوضع في ليبيا ومنطقة دول الساحل والصحراء لمحاربة تنظيم القاعدة في بلدان المغرب الاسلامي وبقية التنظيمات الإرهابية و المتطرفة الاخرى

الحوار سيمكن كذلك من دعم المسار الديمقراطي في تونس بالنظر الى المتطلبات الامريكية التي تركز على قيم الديمقراطية وحقوق الانسان كمكون أساسي في سياستها الخارجية الهادفة الى نشر هذه القيم بما يتوافق مع مصالحها الجيو استراتيجية٠

سند اقتصادي جديد

وعلى المستوى الاقتصادي يرى الاستاذ محسن حسن الخبير الاقتصادي أن الحوار الاستراتيجي مع أمريكا سيتيح لتونس تنويع قاعدة شركائها وحرفائها الاقتصاديين وعدم الاقتصار على بلدان الاتحاد الاوروبي الذي يتحكم في قرابة 80 بالمائة من المعاملات الاقتصادية لتونس والذي يعاني منذ فترة من تبعات أزمة اقتصادية عميقة ،والاتجاه نحو بلدان وأسواق أخرى مثل أمريكا اللاتينية وجنوب شرق اسيا وغيرها ٠٠٠٠٠

وعلى المدى القريب فان هذا الحوار المرتقب سيمكن تونس من الحصول على ضمانات آمريكية لدخول الاسواق المالية العالمية لتعبئة الموارد المالية التي تحتاجها خلال العام الحالي والمقدرة بنحو 5 مليار دولار وبشروط أفضل ، لان تونس اليوم بعد تراجع ترقيمها السيادي وبروز عديد المؤشرات الاقتصادية غير المطمئنة لا يمكنها بمفردها الدخول للأسواق المالية لحصول على التحويلات المطلوبة٠

كما أن الحصول على ضمانات أمريكية وإقامة الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة من شانه تشجيع المستثمرين الأمريكان وغيرهم على الاستثمار في تونس والتعامل معها ٠

و تآمل تونس آن تقف الولايات المتحدة معها وتدعمها لدى المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الذي يستعد لمنح تونس السط الرابع من القرض والذي سيكون في حدود 225 مليون دولار٠

ويرى الدكتور محسن حسن أن تطور العلاقات الاقتصادية مع آمريكا سيساهم في تحسين الترقيم السيادي بصفة غير مباشرة

ومن المؤمل أن يتوج الحوار الاستراتيجي  بإمضاء اتفاقية شراكة وبعث منطقة للتبادل الحر بين أمريكا وتونس على غرار ما تم سابقا مع المغرب ، الذي استفاد من علاقاته مع الولايات المتحدة اكثر من علاقته مع الاتحاد الاوروبي٠

لكن نجاح العلاقات الاقتصادية بين البلدين وضمان الاستفادة التونسية من هذا التقارب مع القوة الاقتصادية العظمى يفترض تحسين الوضع الأمني والتوفيق في استكمال الانتقال الديمقراطي والقيام بإصلاحات اقتصادية وحل مشاكل الربط الجوي المباشر المفقود الى اليوم