نادى بثورة جبائية للخروج من الازمة الاقتصادية واعتبر ان الفساد لازال يعشش بالاماكن الحساسة في الدولة واتهم الترويكا والمجلس التأسيسي بعدم التعاطي الايجابي مع محاسبة رجال الاعمال وضرورة الحد من التهرب الجبائي 

هو المستشار الجبائي التونسي الاسعد الذوادي الذي تقدم بعديد المقترحات لاصلاح منظومة الجباية في تونس كافضل طريقة لحل الازمة الاقتصادية والذي تحدثنا اليه حول عديد التفاصيل ذات العلاقة بالجباية والتهرب منها وتبييض الاموال  

س:   اطلق رئيس الحكومة مهدي جمعة  صيحة فزع جراء استفحال الازمة الاقتصادية  بالبلاد فاعتبرت ان الحل يكمن في  القيام بثورة جبائية فماهي مرتكزاتك في ذلك ؟

يعتبر القيام بالواجب الجبائي شرطا من شروط المواطنة داخل البلدان المتطورة التي نخص بالذكر منها كندا والولايات المتحدة الامريكية. فعلى سبيل المثال، يمكن سحب الجنسية من المتهربين من دفع الضريبة بالولايات المتحدة الامريكية اضافة للعقوبات السجنية التي تسلط عليهم، علما ان حق الخزينة العامة لا يسقط بمرور الزمن خلافا لما نلاحظه من خلال التشريع الجبائي التونسي المكرس للحيف والتحيل والنهب. كما لا يمكن لذوي السوابق في مجال التهرب الجبائي المجازفة بالترشح للمناصب العامة.

 

تبعا لذلك تم التصديق خلال المنتدى الاجتماعي العالمي الذي انعقد سنة 2002 بالبرازيل على "الميثاق العالمي للحق في العدالة الجبائية" الذي صنف المتهربين من دفع الضريبة في خانة السراق "، حيث ينتفعون بالمرافق القضائية والصحية والامنية والتربوية والبنية التحتية وغيرها من الموافق ولكن دون المساهمة في تمويلها.

وباعتبار ما تتكبده سنويا الخزينة العامة من خسائر ضخمة تقدر بعشرات الاف المليارات من المليمات نتيجة لاستفحال التهرب والفساد في المجال الجبائي لم نتمكن من توفير الشغل والصحة والتعليم وكل ما من شانه مكافحة الارهاب الذي يغذيه اليوم المتهربون من دفع الضريبة. كما تم اغراق البلد في المديونية ونخر سيادته وتخريب نسيجه الاقتصادي من خلال تحرير السوق بصفة عشوائية قبل التفاوض وتكريس مبدا المعاملة بالمثل. هل يعقل ان يدفع 8000 طبيب معدل ضريبة سنوي لا يتجاوز 500 دينارا اي ما يعادل 42 دينارا شهريا، دون الحديث عن بعض اصحاب المهن الحرة الذين لم يصرحوا بمداخيلهم طيلة اكثر من 10 سنوات او الذين ينشطون في السوق السوداء اي دون "باتيندة " وهذا بامكان الادارة التعرف عليه اذا ما قامت بمقارنة عدد المرسمين بالعمادات المهنية بالمرسمين بقوائمها

س: ماهي مقترحاتكم في هذا المجال ؟

لماذا لم يبادر الماسكون بالسلطة بتفعيل احكام الفصل 10 من الدستور الذي نص على ان "اداء الضريبة وتحمل التكاليف العامة واجب وفق نظام عادل ومنصف. تضع الدولة الاليات الكفيلة بضمان استخلاص الضريبة ومقاومة التهرب والغش الجبائيين. تحرص الدولة على حسن التصرف في المال العمومي وتتخذ التدابير اللازمة لصرفه حسب اولويات الاقتصاد الوطني وتعمل على منع الفساد وكل ما من شانه المساس بالسيادة الوطنية". تبعا لذلك، كان من المفروض المبادرة فورا باصدار قانون يتعلق بمكافحة التهرب الجبائي والفساد مثلما فعلت ذلك فرنسا من خلال القانون 1117 لسنة 2013 المؤرخ في 6 ديسمبر 2013.  

هل يعقل ان يتمكن من الترشح للمناصب العامة من تحيل على دافعي الضرائب وسرق مواردهم وضحك على ذقونهم من خلال الانتفاع بالمرافق العامة ولكن دون المساهمة في تمويلها مثلما نلاحظ ذلك اليوم. هل يعقل ان ينتفع بالمرافق العامة وبالدعم العمومي وان يشارك في الصفقات العمومية من تهرب من دفع الضريبة. هل يعقل ان يتصدى من تم انتخابهم من قبل دافعي الضرائب لكل المقترحات التشريعية الرامية الى مكافحة التهرب الجبائي وتبييض الجرائم الجبائية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تصدى خاصة نواب الحزب الحاكم وحزب التكتل للمقترح التشريعي المطالب بحذف السر المهني حتى تبقى مصالح المراقبة الجبائية مشلولة ولا تقوم بمهمتها الاساسية المتمثلة في تكريس العدالة الجبائية من خلال مكافحة التهرب الجبائي. كما تصدوا بشراسة للمقترح التشريعي المقدم من قبل مجموعة من النواب والمنادي بحذف احكام الفقرة الاخيرة من الفصل 16 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية الذي طور بصفة خطيرة صناعة تبييض الجرائم الجبائية من قبل المتهربين من دفع الضريبة وبالاخص الاطباء الذين يودعون مداخيلهم غير المصرح بها لدى الوسطاء بالبورصة الذين مكنتهم تلك الفقرة من مواجهة مصالح المراقبة الجبائية بالسر المهني، علما انه لا يمكن مواجهة اللجنة التونسية للتحاليل المالية ومصالح الديوانة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وحكام التحقيق بالسر المهني.

لماذا يصر نواب الحزب الحاكم ومن لف لفهم على تهميش مهنة المستشار الجبائي التي تكتسي اهمية جد بالغة في حياة الافراد والمؤسسات والتنكيل بالالاف من العاطلين عن العمل من حاملي الشهادات العليا في الجباية من خلال تعطيل مشروع القانون المتعلق بها صلب لجنتي المالية والتشريع في الوقت الذي يصرون فيه ايضا على التصدي للمقترح التشريعي الداعي الى تحوير الفصول 39 و42 و60 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية التي تسمح لكبار السماسرة ومخربي الخزينة العامة بالتدخل في الملفات الجبائية وتنمية التهرب الجبائي بواسطة الرشوة والفساد.

س: على خلفية ان  "حاميها حراميها" اعتبرت ان مشروع القانون الانتخابي المعروض حاليا للنقاش صلب المجلس التاسيسي قد اهمل هذه المسالة ليسمح بذلك لغير المواطنين من المتهربين من دفع الضريبة والمتحيلين والسراق ان يترشحوا للمناصب العامة.كيف ذلك ؟

ان مشروع القانون الانتخابي الذي لا يلزم المترشحين للمناصب العامة بالادلاء بشهادة في الوضعية الجبائية لا يمكن ان يكون الا مشروع عصابة ومافيا.

اخيرا، عندما يدرك دافعو الضرائب الذين هم اليوم موضوع تحيل أن الثورة الجبائية بإمكانها القضاء على الفاسدين والمتواطئين معهم مثلما فعل الشعب الأمريكي في القرن الثامن عشر أي قبل كتابة دستوره، عندها ستتغير الأمور نحو الأفضل. فشعار الثورة الجبائية بأمريكا كان "لا أداء بدون مساءلة" ونحن اليوم نعيش نفس الظروف التي عاشها الشعب الأمريكي في ظل الاستعمار البريطاني حيث تم إثقال كاهله بأداءات لا قبل له بها من معاليم طابع جبائي وغير ذلك دون أن يكون له حق المساءلة والمحاسبة وهذا هو السبب الذي كان وراء اندلاع الثورة الجبائية التي أدت إلى استقلال أمريكا في 4 جويلية 1776.

س: هل نحن في حاجة الى ميثاق جبائي؟

في الوقت الذي ترى فيه الحكومات الانقلابية التي جثمت على صدر دافعي الضرائب بعد 14 جانفي 2011 تهرول وتلهث وراء المؤسسات الدولية المقرضة وبالاخص صندوق النقد الدولي وبطريقة مهينة للشعب التونسي الذي اصبح اليوم رهينة بين ايدي المنافقين والفاسدين والخونة والجهلة لاغراق البلاد في المديونية، لا نراها تحرك ساكنا بغاية مكافحة التهرب الجبائي والفساد والحفاظ على الموارد الطبيعية الوطنية وبالاخص النفطية والمنجمية التي تنهب من قبل الشركات الاجنبية في وضح النهار عن طريق الية اسعار التحويل والفواتير المفبركة التي عادة ما تتاتى من الجنات الضريبية او من مناطق حرة ببعض البلدان العربية التي تحولت الى اوكار للفساد والجريمة المنظمة كتلك التي تؤوي عصابة بن علي. هل يعقل ان لا تبادر تلك الحكومات بالقيام بتحقيق بخصوص 120 مليارا من المليمات التي تم تحويلها سنة 2007 من شركة ذات مساهمة عمومية تنشط في مجال الاتصالات بتونس على ضوء فاتورة مزورة صورية  متاتية  من شركة مشبوهة موجودة بالمنطقة الحرة بلبنان مقابل خدمات استشارات ودراسات صورية دون ان يحرك البنك المركزي ساكنا. فدافعو الضرائب يشعرون بالغبن باعتبار انهم يجدون انفسهم مجبرين على تمويل الفساد وعلى دفع ضرائب خربت القدرات التنافسية للمؤسسة المواطنة والقدرة الشرائية للمواطن كاتاوة الدعم بنسبة 1 بالمائة التي لا تدفع من قبل المتهربين من دفع الضريبة وهم كثر. كما لا نرى تلك الحكومات تحرك ساكنا ازاء الاف المليارات من الديون الجبائية التي شطبت منذ اكثر من عشر سنوات في خرق صارخ للفصل 25 من مجلة المحاسبة العمومية في اطار اللجنة الاستشارية المكلفة بالنظر في عرائض المطالبين بالضريبة التي عوضتها عصابة بن علي بمقتضى الفصل 30 من قانون المالية لسنة 2011 بلجنة اعادة النظر في قرارات التوظيف الاجباري والتي تعتبر محكمة خارج المنظومة القضائية لكي تتواصل الجريمة ويواصل سلفهم بن علي شطب الديون الجبائية وما تصديها خلال مناقشة ميزانية 2013 للمقترح التشريعي المقدم بكتابة المجلس التاسيسي من قبل مجموعة من النواب والداعي الى حذف تلك اللجنة البدعة التي تعتبر قضاء موازيا والتي لا نجد لها مثيلا بالتشاريع الاجنبية الا خير دليل على اتباعها نهج بن علي.

ايضا لا نرى تلك الحكومات تحرك ساكنا ازاء الشركات الاجنبية المتلبسة بالالقاب والمتحيلة على معنى الفصل 15 من المرسوم عدد 14 لسنة 1961 والتي تستنزف مواردنا من العملة الصعبة بالمليارات وتتهرب من دفع الضريبة بواسطة الفواتير المضخمة والصورية المتاتية من الخارج دون ان يتحرك وزير الداخلية ووزير المالية ووزير العدل ووزير الخارجية ووزير التجارة وكذلك محافظ البنك المركزي مثلما هو الشان بالنسبة للشركات الاجنبية التي تباشر الانشطة التجارية وبالاخص السمسرة المحجر عليهم مباشرتها حسب الفصل 8 من المرسوم بعد ان اودعت تصاريح بالاستثمار مغشوشة لدى وكالة النهوض بالصناعة.

س: كيف ترى تعاطي الحكومات المتعاقبة مع ملف التهرب الجبائي ؟

كما لا نرى تلك الحكومات تحرك ساكنا ازاء عصابات الفساد والسمسرة في الملفات الجبائية رغم صيحات الفزع التي اطلقها الشرفاء من اعوان ادارة الجباية والمستشارون الجبائيون والمؤسسات المواطنة المتضررة عبر كل وسائل الاعلام علما ان الخسارة المتاتية من تلك الجريمة تقدر سنويا بعشرات الاف المليارات وهي مبالغ بامكانها القضاء على الفقر والبطالة والمديونية. الاتعس من ذلك ان يتصدى نواب المجلس التاسيسي للمقترحات التشريعية المقدمة في اطار قانون المالية لسنة 2013 بغاية تحوير الفصول 39 و42 و60 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية التي يتعلل بها مخربو الخزينة العامة لكي يتدخلوا في الملفات الجبائية ويحولوا ادارة الجباية الى وكر للفساد دون الحديث عن البعض من اعوان المراقبة الجبائية والاستخلاص وغيرهم من اعوان الادارات ذات العلاقة بالجباية الذين يغادرون اماكن عملهم للتدخل في الملفات الجبائية وايداع التصاريح الجبائية وتنشيط الندوات التي تحولت الى سوق للسمسرة في الملفات الجبائية. وقد زاد الطين بلة تهميش مهنة المستشار الجبائي من خلال اطلاق العنان للسماسرة من مخربي الخزينة العامة وتعطيل مشروع القانون المتعلق بتنظيم المهنة وحمايتها من قبل رئيس لجنة المالية ورئيسة لجنة التشريع بعد ان احاله عليهم مصطفى بن جعفر خلال شهر اكتوبر 2012 علما ان ذاك المشروع اودع بالمجلس التاسيسي خلال شهر جويلية 2012.

اما المشروع الضحل لمجلة الاستثمار فقد ابقى على كل الجرائم التي نمتها مجلة التشجيع على الاستثمارات التي لا زال العمل بها متواصلا رغم صيحات الفزع التي اطلقها المهنيون والمراسلات التي بعثت بها الهياكل المهنية للمستشارين الجبائيين لمختلف الوزارات، كاهدار عشرات الالاف من المليارات من المال العام في امتيازات مالية وجبائية لا زلنا نجهل مردوديتها وتبييض الاموال والتحيل والجريمة المنظمة وتحويل وجهة الامتيازات والتهرب من دفع الضرائب وتحويل تونس الى وكر للخردة وغير ذلك مثلما اتضح ذلك جليا من خلال التقرير المنشور اخيرا ببلجيكا من قبل خلية مكافحة تبييض الاموال والجريمة المنظمة الذي صنف تونس في المرتبة الخامسة من حيث الخطورة التي تشكلها على الدولة البلجيكية وكذلك عملية تحيل "سيدي سالم" التي تقوم بها شركة مصدرة كليا مبعوثة من قبل اجانب لتباشر نشاط مركز نداء. الاتعس من ذلك ان يتصدى نوابكم خلال مناقشة ميزانية 2013 للمقترح التشريعي الذي يرمي الى ايقاف تلك الجرائم وبالاخص ظاهرة استيراد البطالة من خلال ادخال تحويرات على الفصلين 3 و16 من مجلة التشجيع على الاستثمارات وامرها التطبيقي الفاسد عدد 492 لسنة 1994 الذي حول تونس الى وكر للجريمة المنظمة والتحيل ومكن الاجانب بما في ذلك المتقاعدين من قطع رزق التونسيين الناشطين في مجال الخدمات قبل التفاوض والتحرير وتكريس مبدا المعاملة بالمثل. يبدو ان مهزلة مشروع مجلة الاستثمار تندرج في اطار تبرير الهبة المالية التي تحصلت عليها الحكومة من اجل اعداد مشروع قانون يتعلق بالشراكة بين القطاع الخاص والعام ومشروع مجلة الاستثمار من قبل مكتب اجنبي اثبت جهله بالواقع التونسي.

س: ماهي تحفظاتك حول منظومة الاصلاح التي تم تداولها من قبل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة ؟

ان اجراء حوار فولكلوري بخصوص اصلاح المنظومة الجبائية بنفس الاساليب القذرة لبن علي وبنفس الطرق البائدة وبنفس الوجوه التي ساهمت في هندسة المنظومة الجبائية الاجرامية التي تقتل المؤسسة والمواطن وتحصن المتهربين من دفع الضريبة جاء لتبرير التوصيات الواردة بالتقرير التقييمي الذي اعده صندوق النقد الدولي والذي لم ياخذ بعين الاعتبار المشاكل الجوهرية التي ادت الى الغبن وحتى الارهاب الجبائي مثل التهرب والفساد في المجال الجبائي. الاتعس من كل ذلك ان لا تمدوا الحاضرين الذين جاؤوا على حسن نية من غير عصابات الفساد من اعضاء لجنة البرنامج الجبائي المستقبلي لبن علي ومخربي الخزينة العامة بنسخة من ذاك التقرير الضحل الذي بقي سريا الى حد الان رغم انه ممول من دم دافعي الضرائب الذين تسخرون منهم وهذا يكشف زيف الشعارات المتعلقة بالحوكمة المفتوحة والرشيدة وحق النفاذ الى المعلومة الذي بقي حبرا على ورق.

هل يعقل ان يتمكن البعض من اصحاب المهن الحرة وبالاخص من بين الاطباء وتجار الخردة والسوق الموازية وغيرهم من تبييض جرائمهم الجبائية من خلال الثغرة الموجودة على مستوى الفقرة الاخيرة من الفصل 16 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية التي تمكن الوسطاء بالبورصة وغيرهم من الاحتجاج على ادارة الجباية بالسر المهني وبالتالي عدم مدها بمعلومات حول العمليات التي يقوم بها حرفاؤها خاصة من بين الاطباء وقد حال ذلك دون قيامها بمهمتها الاساسية المتمثلة في تكريس العدالة الجبائية من خلال مكافحة التهرب الجبائي.

هل يعقل ان يتمكن المتحيلون الاجانب من اشباه المستثمرين من بعث شركات صورية بتونس مصدرة كليا لا تصدر شيئا وليس لها أي وجود مادي بتونس سوى من خلال ملفها القانوني الموجود بشركة توطين متلبسة بدورها بعديد الالقاب ليقوموا بتبييض اموالهم وجرائمهم الجبائية وبيع الفواتير الصورية محولين بذلك تونس الى وكر لتبييض الاموال والجرائم.

هل يعقل ان يسمح لاجانب ببعث شركات تجارة دولية غير مقيمة ومصدرة كليا لا تعرف من التصدير الا اسمه لتقوم بتبييض الاموال والجرائم الجبائية والحال ان الامتيازات المتعلقة بالتصدير وجب ان لا تمنح الا للاشخاص الذين يصدرون منتوجات ذات منشا تونسي وان القانون عدد 42 لسنة 1994 وضع من اجل ذلك وهو يستحق المراجعة الفورية بالنظر للأخطاء الفادحة التي تضمنها. كما كان لزاما على ادارة الجباية ولجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي ورئاسة الحكومة ان تتدخل لوضع حد لتلك المهزلة.

هل يعقل ان يسمح للمتهربين من دفع الضريبة بالانتفاع بالمرفق القضائي والصحي والتعليمي وغير ذلك من الخدمات العامة وكذلك بالانتفاع بالدعم العمومي والمشاركة في الصفقات العمومية عوض ترسيمه بسجل وطني للمتهربين من دفع الضريبة والتشهير بهم مثلما فعلت ذلك الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وكندا وجنوب اقريقيا.

لماذا لم تبادر الحكومات الانقلابية بسن قانون يتعلق بمكافحة التهرب الجبائي والفساد مثلما فعلت ذلك امهم فرنسا من خلال القانون عدد 117 لسنة 2013 مؤرخ في 6 ديسمبر 2013 حتى تمكن مصالح المراقبة الجبائية من كل الاليات القانونية التي تسمح لها بالضرب بقوة على ايدي المتحيلين الذين يمتصون دم دافعي الضرائب دون المساهمة في تمويل الخدمات العامة التي ينتفعون بها. لماذا تصدى نواب الترويكا ونواب اخرين من المتواطئين مع المتهربين من دفع الضرائب للمقترحات التشريعية المنادية برفع السر المهني وحذف اجال التدارك ومكافحة الفساد الجبائي ونهب ثرواتنا من قبل الشركات الاجنبية مثلما فعلت ذلك الكارومن في اطار قانون المالية لسنة 2012.

هل يعقل ان يتمكن المتحيلون الاجانب من بعض اصحاب المؤسسات التي هي بصدد نهب مواردنا من تشغيل اجانب كاجراء بواسطة الفواتير التي يشترونها لدى شركات متحيلة منتصبة بالخارج في اطار عقود مساعدة فنية صورية. لماذا لا يبادر الفاسدون بضبط قائمة سوداء في الشركات الاجنبية المتحيلة التي هي بصدد بيع الفواتير لاستنزاف مواردنا من العملة الصعبة. ولماذا تصدوا للمقترح المقدم صلب لجنة المالية بالمجلس التاسيسي الرامي الى التنصيص صلب الفصل 14 من مجلة الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات على رفض الاعباء بما في ذلك الاستهلاكات المبررة بفواتير مغشوشة صادرة عن شركات منتصبة بملاذات ضريبية او ببلدان خاضعة لنسبة ضريبة منخفضة. فحتى الفصل 112 من مجلة الحقوق والاجراءات الجبائية المتعلق بالتثبت من الوضعية الجبائية للمبالغ المحولة الى الخارج يعتبر غير كاف باعتبار انه لا يمكن من التثبت من صحة الفواتير وحقيقة الخدمات المتعلقة بها. الاتعس من ذلك ان البعض سعى الى افراغ ذاك الفصل من محتواه  وعرقلة عملية المراقبة رغم محدوديتها في اطار مشروع قانون المالية لسنة 2013 خدمة لبعض اللوبيات غير المعنية بالمصلحة الوطنية بتعلة ان ذلك فيه تعطيل للتحويلات البنكية.

لا ننسى ايضا ان مجال العقارات والبعث العقاري ارض خصبة لتبييض الاموال والجرائم الجبائية وهي الية يلجا اليها خاصة البعض من اصحاب المهن الحرة الذين يعولون في ذلك على قصر اجال التدارك وعدم احترام احكام الفصل 74 من القانون عدد 75 لسنة 2003 متعلق بمكافحة الارهاب وتبييض الاموال الذي يلزم الباعث العقاري باعلام لجنة التحاليل المالية بالبنك المركزي في حالة الشك. بهذا الخصوص، تاكد بما لا يدع مجالا للشك ان البعض من اصحاب المهن الحرة وغيرهم من المتهربين من دفع الضريبة يقومون بدفع تسبقات لباعث عقاري ولا يبرمون العقد النهائي الا بعد ان تصبح تلك التسبقات قد دفعت بعنوان سنوات شملها التقادم وهكذا يصبح مجال البعث العقاري ارضا خصبة لتبييض الاموال والجرائم الجبائية دون ان تتخذ اجراءات على مستوى القانون الجبائي تلزم الباعث بالتصريح بهوية من يدفع تلك التسبقات وتحميله خطية بمقدارها في حالة التخلف عن التصريح مع الاخذ بعين الاعتبار بالعقوبات المتعلقة بجريمة تبييض الاموال.

ان اغراق تونس اليوم في المديونية هو نتيجة طبيعية وحتمية للاستراتيجية اللاوطنية لتبييض الفساد والتهرب الجبائي واهدار المال العام ونهب مواردنا الوطنية من قبل الشركات الاجنبية وهي جريمة شنيعة تم تحصينها من قبل الحكومات الانقلابية لن يغفرها لها التاريخ خاصة اذا علمنا ان الديون البنكية التي شطبها بن علي لفائدة اعضاء عصابته تقدر باكثر من عشرة الاف مليار وان اجور ومنح وامتيازات وزرائه واعضاء عصابته ورئيس مجلس نوابه لا زالت تصرف الى حد الان من دم الشعب التونسي.

اخيرا، عندما يدرك الشعب التونسي أن الثورة الجبائية بإمكانها القضاء على الفاسدين والمتواطئين معهم مثلما فعل الشعب الأمريكي في القرن الثامن عشر أي قبل كتابة دستوره، عندما ستتغير الأمور نحو الأفضل. فشعار الثورة الجبائية بأمريكا كان "لا أداء بدون تمثيلية" ونحن اليوم نعيش نفس الظروف التي عاشها الشعب الأمريكي في ظل الاستعمار البريطاني حيث تم إثقال كاهله بأداءات لا قبل له بها من معاليم طابع جبائي وغير ذلك دون أن يكون له حق المساءلة والمحاسبة وهذا هو السبب الذي كان وراء اندلاع الثورة الجبائية التي أدت إلى استقلال أمريكا في 4 جويلية 1776.

س: ماهي مقاربتكم لارساء نظام جبائي عادل؟ 

ارساء نظام جبائي عادل يتطلب  اعتماد مقاربة تشاركية في إعداد النصوص القانونية والترتيبية وبرامج العمل والسياسات العامة ذات العلاقة بالمادة الجبائية وضرورة اعتماد مقاربة تقوم على تحفيز المطالب بالضريبة على الانخراط في الواجبات الجبائية المحمولة عليه والتخلي عن النزعة الردعية الطاغية على منظومة المراقبة الجبائي ومكافأة المؤسسات الشفافة.و حذف الحد الزمني لاسترجاع فوائض الأداء لتعارضه مع المبادئ العامة لحقوق الإنسان

كما يجب وضع معايير موضوعية تبرر لجوء الإدارة لاستخدام صلاحيات المراقبة الجبائية وإحاطة صلاحية الاطلاع المخولة لإدارة المراقبة الجبائية صلب الفصل 9 من مجلة الحقوق والإجراءات الجبائية بأكثر ضمانات من خلال:

- توضيح الإطار الذي تمارس فيه الإدارة صلاحية الاطلاع.

- تقييد طلب الاطلاع بشكليات كفرض الصيغة الكتابية للطلب والاستظهار بتكليف وتمكين المطالب بالأداء من نسخة من هذا التكليف.

- تمكين المطالب بالأداء من أجل معقول للرد على طلب الاطلاع.

-  ضبط صور استبعاد إدارة مراقبة الأداءات للمحاسبة خلال عملية المراجعة 

- ضبط أجل أقصى لرد الإدارة على الاعتراض على نتائج المراجعة الجبائية وترتيب الأثر القانوني عن عدم الرد خلال هذا الأجل.

- ضبط أجل أقصى لإصدار قرار التوظيف الإجباري على إثر استيفاء الردود على نتائج المراجعة الجبائية وترتيب الأثر القانوني في حالة عدم احترام الأجل. 

 

- تعميم مبدأ التقاضي على درجتين على كافة أصناف المنازعات الجبائية بما في ذلك الاعتراض على بطاقات الإلزام.

-إقرار مبدأ التخصص في المادة الجبائية داخل المنظومة القضائية من خلال تعميم الدوائر المختصة في المادة الجبائية بالنظر إلى خصوصية هذه المادة وما تتسم بن من تعقيدات تستدعي تكوينا خاصا لفائدة القضاة المتعهدين بالملفات الجبائية.

- إحداث قضاء استعجالي في المادة الجبائية يختص بالنظر في المسائل المتأكدة كتوقيف التنفيذة

-تكوين نيابة عمومية مختصة في تتبع الجرائم الجبائية وتمكينها صراحة وبنص خاص من سلطة التعهد التلقائي بهذه الجرائم.

- الإقرار بصفة صريحة بموقع مهنة المستشار الجبائي كمهنة مساعدة للقضاء وذلك بإعادة النظر في مقتضيات الفصل 19 من الأمر عدد 3152 لسنة 2010 المؤرخ في 1 ديسمبر 2010 المتعلق بتنظيم وزارة العدل

-تمكين المستشار الجبائي من اخذ رأي المحكمة الإدارية بخصوص كيفية تطبيق نص جبائي بهدف الحد من النزاعات المعروضة على المحاكم.

-حذف لجنة إعادة النظر في قرارات التوظيف الإجباري بوزارة المالية لتعارضها مع مبدأ المساواة أمام القضاء ولتعديها على اختصاص الدوائر الجبائية بمختلف المحاكم.

 

س: اشرتم الى الجرائم الجبائية ومكافحة تبييض الاموال فماهي الاليات التي يمكن اتباعها لتحقيق ذلك حسب رايكم؟

من الاليات التي يجب اتباعها اولا فتح آجال التدارك كلَما تعلَق الأمر بأعمال تهرُب جبائي.عدم مواجهة الإدارة الجبائيَة بالسر المهن ومتابعة المؤسسات المتمتعة بامتيازات جبائية ومراقبتها بهدف الحيلولة دون ممارستها لانشطة صورية والتصدي لتبييض الأموال والجرائم الجبائي الى جانب  تفعيل أحكام اتفاقيَة الأمم المتَحدة لمكافحة الفساد و آلية مكافحة أسعار التَحويل وتكريس التعاون وتبادل المعلومات بين الهياكل المعنية بمكافحة التهرُب الجبائي و الجريمة المنظَمة و تبييض الأموال.

اضافة الى  التأكُد من حقيقة المداخيل المصرَح بها في إطار شركات معفاة من الضَريبة على الشَركات أو خاضعة لنسبة ضريبة تفاضليَة و تخصيص الإمكانيَات الماديَة والبشريًة للجنة التُونسيَة للتَحاليل الماليَة حتَى تتمكَن من القيام بدورها.و التنصيص ضمن مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات على عدم قبول طرح الأعباء بما في ذلك الإستهلاكات المبرَرة بفواتير صادرة عن أشخاص مقيمين بالجنَات الضَريبيَة أو ببلدان يخضعون داخلها لنسبة ضريبة تفاضلية.الى جانب  إحداث سجل وطني خاص بمبيضي الأموال و الجرائم الجبائيَة والمتهربين من دفع الضريبة الصادرة بشأنهم أحكام قضائية باتة.اضافة الى حرمان المتهربين من دفع الضَريبة و مقترفي الجرائم الجبائيَة من المشاركة في الصَفقات العموميَة والانتفاع بالدَعم العمومي.