بالرغم من الضربات التي تلقتها التنظيمات الارهابية مع سقوط أكبر معاقلها وافشال مخططاتها في عدة دول،فان ذلك لا ينفي تواصل المخاطر التي مازالت تهدد دول المغرب العربي ومنطقة الساحل والصحراء، خصوصاً في ظل سعي الجماعات الإرهابية إلى استعادة أنفاسها، واستغلال الوضع الاقتصادي والاجتماعي الطارئ الناتج عن انتشار فيروس "كورونا" المستجد،ناهيك عن الوضع الأمني الصعب وغياب التنسيق في ظل الخلافات بين الدول.
الأسبوع الماضي،أعلنت وزارة الداخلية التونسية، أن الأجهزة الأمنية فككت خلية تابعة لتنظيم "داعش" في مدينة تطاوين بجنوب البلاد كانت تخطط لشن هجمات على قوات الأمن والجيش.وقالت وزارة الداخلية، في بيان، إن أفراد هذه الخلية خططوا لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف الوحدات الأمنية والعسكرية في منطقة تطاوين باستعمال عبوات ناسفة.
وكانت أجهزة الأمن التونسية قد أعلنت، قبل ذلك بيوم، الكشف عن خليّة نسائيّة تنشط بين ولايتي الكاف وتوزر في البلاد، وتقوم باستقطاب العناصر النسائية وتجنيدهن لتنظيم داعش الإرهابي.وأفادت وكالة تونس أفريقيا للأنباء بأنه بفضل عمل مشترك بين وحدات إدارة مكافحة الإرهاب للحرس الوطني وإدارة التوقي من الإرهاب بوكالة الاستخبارات والأمن للدفاع، تم مؤخرا الكشف عن خليّة نسائيّة تنشط بين ولايتي الكاف وتوزر، في مجال استقطاب العناصر النسائية في تونس.
وفي السياق نفسه، أصدرت النيابة العموميّة التونسية، بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، بطاقة إيداع بالسجن بحق عنصر تكفيري ينتمي إلى ما يسمى بتنظيم داعش الإرهابي، حيث كان يعمل على استقطاب الشباب عبر الفضاء الافتراضي، وفق ما ذكرته وزارة الداخلية، ونقلته وكالة تونس أفريقيا للأنباء.
وكثفت أجهزة الأمن التونسية ضرباتها لتنظيم داعش الإرهابي الذي شن العديد من الهجمات الدموية البشعة في البلاد على غرار  الهجوم على شاطئ في مدينة سوسة،والذي ادى الى مقتل39 أجنبياً بالرصاص ما أدى إلى نزوح جماعي للسياح وألحق أضراراً بالغة بالاقتصاد التونسي.وأصبحت الأجهزة الأمنية التونسية أكثر فاعلية في منع الهجمات والرد عليها، لكن الخلايا النائمة لا تزال تمثل تهديداً، خاصة مع عودة الجهاديين من سوريا والعراق وليبيا.
ولا تعتبر تونس الوحيدة المتخوفة من خطر الخلايا النائمة التي تعبر الحدود،فقد أعلنت الأجهزة الأمنية في المغرب، في اكتوبر الماضي، عن تفكيك خلية إرهابية موالية لتنظيم "داعش" الإرهابي في مدينة طنجة شمال البلاد.وأشارت وسائل إعلام مغربية إلى أن الخلية التي تم تفكيكها كانت تضم 5 عناصر، وهي تابعة لتنظيم "داعش" الارهابي.
وحسب بيان صادر عن المكتب المركزي المغربي، يأتي تفكيك هذه الخلية الإرهابية وإجهاض مشاريعها المتطرفة، في سياق الجهود الأمنية المتواصلة التي تبذلها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني من أجل مكافحة التنظيمات الإرهابية، وتحييد مخاطر التهديدات التي تحدق بأمن المملكة المغربية وسلامة المواطنات والمواطنين، بحسب ما ذكرت وكالة المغرب العربي للأنباء.
وفي 14 سبتمبر الماضي،اعلنت السلطات المغربية أنها أوقفت في مدينة الرشيدية في جنوب شرق البلاد ثلاثة أشخاص يشتبه في انتمائهم إلى الخلية نفسها، كانوا يخططون "لارتكاب جنايات ضد الأشخاص بخلفية إرهابية، حيث تم اختيار أحد الضحايا كهدف وشيك لعملية القتل بسبب اشتغاله في مرافق ذات منفعة عامة".
وبعد ذلك بأيام قليلة أعلنت السلطات المغربية توقيف أربعة أشخاص للاشتباه في انتمائهم إلى خلية "إرهابية" تابعة لتنظيم الدولة.وأوضح المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في المغرب في بيان أن "أعضاء هذه الخلية الإرهابية كانوا بصدد التحضير للقيام بعمليات إرهابية فوق التراب الوطني".
وأشار إلى أنّ "الأهداف" التي وضعتها هذه الخلية نصب عينيها تشمل "مهاجمة منشآت أمنية وعسكرية، واستهداف قائمة محددة لموظفين يعملون في مرافق أمنية وعسكرية وإدارات عمومية باستخدام أسلوب الإرهاب الفردي، إما بواسطة التسميم أو التصفية الجسدية".
من جهة أخرى، ألقت السلطات الأمنية الليبية القبض على عضو في "داعش" يدعى أعُمر عز الدين مكلف بإدخال عناصر التنظيم وتسهيل حركتهم عبر الحدود الليبية التونسية.وأعُمر عز الدين هو أحد المتورطين في الهجوم الإرهابي جنوب سرت، الذي راح ضحيته عدد من الليبيين، قبل أكثر من 6 سنوات، وفق اذاعة "موزاييك إف إم" التونسية.
وأكد الإرهابي في فيديو نشرته السلطات الأمنية الليبية، أنه تونسي من ولاية تطاوين، وقد بايع مع أخويه تنظيم "داعش" في تونس. وقال إن أحدهما يدعى بلقاسم قتل بقصف جوي على مقر "داعش" بصبراتة، أما الثاني ويدعى صلاح فقد تم القضاء عليه من قبل الجيش التونسي بهجوم بن قردان في 7 مارس عام 2016.كما ذكر أنه تم تكليفه من قبل التنظيم بتهريب الأشخاص من تونس إلى ليبيا والعكس عبر مسلك يربط بين بئر بشول وبئر شليق.
وراجت مسألة الخلايا النائمة في ليبيا عقب هزيمة تنظيم "داعش" في سرت،حيث أشارت تقارير الى فرار عدة عناصر من المدينة وتواريها في عدة مناطق.وتواجه ليبيا تحديات أمنية كبرى في مقدمتها شبكة الخلايا النائمة والنشطة التي تمكن الارهابيون من مدها في البلاد طوال السنوات الماضية مستغلين حالة اللا استقرار.
تلقي الوضعية الإقليمية الجيوسياسية والجيوإستراتيجية الشديدة التعقيد بظلالها على منطقة المغرب العربي، بسبب انتشار الحركات الإرهابية،خاصة في ظل الفوضى الخلافات الكبيرة بين دول المنطقة وخاصة الجزائر والمغرب وضعف التنسيق الأمني بين دول المنطقة الذي ضاعف من خطر تسلل العناصر الارهابية بين هذه الدول وتهديد أمنها القومي.
ويمثل تسلل العناصر الارهابية عبر الحدود أبرز التحديات التي تواجه دول المغرب العربي.ورغم الهزائم المتتالية التي لحقت بالتنظيمات الارهابية في ليبيا وعلى رأسها تنظيم "داعش"،فإن وجودها لم ينقطع تماما حيث تشير التقارير المتواصلة الى تحركات متواصلة هنا وهناك لترتيب الصفوف علاوة على الحديث عن خلايا نائمة تنشط في عدة مناطق وتهدد بمواصلة نشاطها لا فقط في الداخل الليبي وانما في دول المنطقة عموما.