أكد الكاتب الصحفي عبدالرزاق الداهش، أن مشروع المصالحة الوطنية في ليبيا يحتاج إلى اختبار قدرة الشعب على المصالحة الفعلية، وليس قدرته على المجاملة.
وقال الداهش في تدوينة نشرها عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بعنوان موضة المصالحة، "المصالحة مفردة مضغناها نحن الليبيين أكثر من العلكة، حتى صارت مملة، وثقيلة كالنكت القديمة، لم نفتح على أنفسنا سؤال: (من يتصالح مع من)، السبتمبري مع الفبرايري، أم الكرامة مع الفجر، أم الفجر مع نفسها، والكرامة مع نفسها، إلى أخر هذا الصراع أو الصداع العنقودي، أما السؤال الثاني: ألسنا محتاجين للتصالح مع أنفسنا، وهي المعركة الأكثر صعوبة، حتى وأن كانت أقل تضحيات، مشكلتنا أننا لم نتفق على ما لا نختلف عليه: (وحدة ليبيا، استقلالها، وحرمة دم الليبيين، ومقدراتهم)، ولم نستطع أن نتفق على هذا المشترك، والمقدس الوطني، ولنعتبر ما غيره مجرد صراع سياسي يحتمل الصواب كما يحتمل الخطأ؟ نحن للأسف قدسنا ما هو سياسي على حساب ما هو وطني، رغم هذا الهائل من خطاب التخوين الذي نجلد به بعضنا، ونحن بدل أن نضحي بخياراتنا السياسية من أجل الثوابت الوطنية ضحينا بما هو ثابت من أجل ما هو متغير، كما لو أن ليبيا هي من جاءت من أجل سبتمبر أو فبراير أو الفجر أو الكرامة، وليست هذه التحولات قد جاءت من أجل ليبيا وفقا لما يفترض، ربما نحن في حاجة للتسليم أولا بأنه لا يوجد ملائكة وشياطين في هذا النزاع، حتى نكون مختلفين لا أعداء، ثم نحترم هذا الخلاف، ونتفق على قواعد إدارته، فهل نحن قادرين على إعادة تنقيح قاموسنا اليومي، من مفردات مثل شهداء، تحرير، وغيرها من معجم ألفاظ تخوين الأخر المختلف أو تكفيره، فعندما نقول شهيد يعني أن الأخر مات على غير حق، وهو ما يعني قدسنة ما هو سياسي، فهل نحن قادرين على اعتبار كل ما فقدناهم في كل الأحداث هم ضحايا صراع سياسي، من جميع الأطراف؟ قبل أن نبدأ مشروع مصالحة نحتاج إلى أن نختبر قدرتنا على المصالحة، لا قدرتنا على المجاملة، وسيظل الطريق طويل، والوصول صعب، وسنحتاج كثيرا لثقافة التسامح غير المتوفرة، والنسيان كملاك طيب بدل ذاكرة الأحقاد المميتة".