بعد ما يزيد على ثلاث سنوات من أزمة سورية يومية تطال الحجر والبشر، لا تزال الدراما التلفزيونية تصارع من أجل البقاء على قيد الحياة على الرغم من كل التحديات التي ولدتها الحرب.

فالأوضاع الأمنية وندرة توفر مواقع التصوير الآمنة وتدني الأجور وهجرة العديد من النجوم وأسباب أخرى عديدة جعلت من إنتاج المسلسلات السورية أكثر صعوبة.

وكما معظم المسلسلات السورية في السنوات الثلاث الماضية فإن مسلسل «الحقائب، ضبوا الشناتي» هو عبارة عن سلسلة من الأحداث التي تحصل في حياة عائلة سورية خلال الحرب في إطار الكوميديا السوداء التي تبدو أقدر على محاكاة الألم بشكل أكثر عمقًا.

صعوبة التصوير
يقول مخرج المسلسل الليث حجو لرويترز: «كان من المفترض أن يتم تصوير حلقات المسلسل خلال مدة خمسين يومًا ولكن مدة التصوير تجاوزت حتى الآن 64 يومًا ولم ينته العمل على الرغم من بدء عرض حلقات المسلسل على شاشات التلفزيون، وجاء هذا التأخير في التصوير بسبب العديد من الهجمات بقذائف المورتر التي استهدفت دمشق القديمة حيث يتم تصوير المسلسل».

ومثله تحدث الممثل السوري المخضرم أيمن رضا لرويترز عن الظروف الصعبة التي يواجهها مع زملائه في المجموعة قائلاً: «بالنسبة للأعمال التي تحتوي على مجاميع والأعمال التاريخية والبدوية أصبح هناك خطورة أن نخرج إلى الصحراء للتصوير من دون أن يكون معنا أمن، فموقع التصوير عندما يكون بعيدًا عن دمشق مثل الأرياف يكون هناك مشكلة».

وأضاف: «كذلك الأجور التي نتقاضاها انخفضت مع ارتفاع الدولار، وحتى نحن في هذا البيت نزل علينا مرتين قذائف، والمنطقة التي نصور فيها مستهدفة، وفي اليوم الذي نزلت فيه القذيفة احترق شادر السقف ونزل علي زجاج وعلى الممثلة السورية أمل عرفة والحمد لله نجونا، ونظفنا المكان وأكملنا التصوير».

وأكد أيضًا أنه يوجد الكثير من الصعوبات في التنقل والحواجز، كما اختلفت الحياة كثيرًا وصار كل شيء له صعوباته.

نسبة المشاهدة
عبر أيمن الذي ينحدر من أصول عراقية عن رفضه مغادرة دمشق في ظل الظروف الراهنة قائلاً: «أحسست أنه لا يجوز أن نترك دمشق وهي مريضة».

وعن الإقبال على مشاهدة المسلسلات في البلدان العربية أكد أيمن رضا أنها قد تكون سخيفة للخروج من الحالة الراهنة قائلاً عن مسلسل الحقائب إنه:«قد لا يستهويهم.. لا يعجبهم لأنه ضمن الحالة».

وأوضح أن أخطر شيء في القرن الواحد والعشرين ونهاية القرن العشرين أن الفن كان يسبق السياسة أما الآن فإن السياسة تجاوزت الفن بمراحل وسيطرت عليها وعلى أدواتها وعلى كل ممتلكاتها والسبب هو رأس المال الذي يتحكم بهذه القصة.

مضيفًا أن الأوضاع الأمنية ليست وحدها هي التي أثرت على الدراما السورية ولكن أيضًا العقوبات التكنولوجية التي فرضت على البلاد وأثرت على نوعية التصوير، بالإضافة إلى ذلك هناك شركات الإنتاج القليلة التي تعمل الآن في البلاد.

الدراما السورية لها خصوصيتها
على عكس منه يرى الممثل السوري أيمن عبدالسلام أن الدراما السورية لا تزال لها خصوصيتها كونها تتمسك بالهوية السورية وتستهدف أساسًا الجمهور السوري.

وقال:«سورية لا يهمها كثيرًا الأحداث التي تحصل في الخارج إنما يهمها ما يجري عندنا لهذا فان المسلسل العربي لا يأخذ ضجة عندنا أو رواجًا أو رهجة كبيرة كما في باقي البلدان العربية».

وأضاف:«مثلاً مسلسل الحقائب عامل ضجة كبيرة بالشارع السوري لأن هذه مشكلتنا.. هذا يمسنا.. هذا وجعنا، في الدراما العربية نجد خليطًا نحن لسنا في دبي، في دبي نجد الخليط نجد الهندي والباكستاني والمصري والسوري والأميركي وكل الجنسيات لا يوجد هوية، بينما عندنا يوجد هوية».

صناعة التليفزيون السوري
في العام 2008 عرض نحو 36 مسلسلاً سورية على التلفزيونات تتحدث عن مواضيع مختلفة، بينما في العام 2014 فقد صور عشرين مسلسلاً معظمهم يتناول الحرب وآثارها على المجتمع السوري.

وتعد صناعة التلفزيون السوري هي أحد أفضل الإنتاجات رواجًا في بلاد الشام، لكن الحرب التي بدأت العام 2011 أثرت سلبًا على هذا الإنتاج في البلاد.

وأدت الحرب إلى مقتل 162 ألفًا على الأقل خلال ثلاث سنوات وآلاف آخرين في عداد المفقودين واضطر الملايين إلى النزوح عن ديارهم واللجوء إلى البلدان المجاورة.