تشهد ليبيا تقلبات اقتصادية حادة، وسط تحذيرات خبراء اقتصاديين من ارتفاع وشيك لسعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار الليبي في السوق الموازية (السوداء). ويعود هذا الارتفاع المتوقع إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها تذبذب إنتاج النفط وعدم الاستقرار السياسي الذي تعاني منه البلاد منذ سنوات.

حيث تعتمد ليبيا بشكل شبه كامل على صادرات النفط كمصدر رئيسي للدخل الوطني، ما يجعل أي تذبذب في الإنتاج يؤثر مباشرة على الاقتصاد الوطني. ووفقا لتقارير رسمية، انخفضت إيرادات النفط في عام 2024 بنسبة 23%، حيث سجلت 15.50 مليار دولار مقارنة بـ20.45 مليار دولار في عام 2023. ويُعزى هذا التراجع إلى انخفاض الإنتاج وزيادة الاستهلاك المحلي للغاز، مما قلل من الكميات المتاحة للتصدير.

هذا الانخفاض في العائدات النفطية أدى بدوره إلى تراجع احتياطيات النقد الأجنبي لدى مصرف ليبيا المركزي، مما زاد الضغط على سعر صرف الدينار الليبي. ومع انخفاض المعروض من الدولار في السوق الرسمية، يلجأ التجار والمواطنون إلى السوق السوداء، حيث تشهد الأسعار ارتفاعا مستمرا.

إلى جانب أزمة النفط، يؤثر عدم الاستقرار السياسي بشكل مباشر على الاقتصاد الليبي، مما يؤدي إلى تعطيل العمليات المصرفية ونقص السيولة المالية. بالإضافة إلى ذلك، شهد المصرف المركزي الليبي اضطرابات داخلية أدت إلى تعطيل دفع رواتب الموظفين الحكوميين، مما ساهم في زيادة المصاعب الاقتصادية التي تواجه المواطنين.

ومع تراجع الإنتاج المحلي وزيادة الاعتماد على الواردات، ارتفع الطلب على الدولار الأمريكي لتلبية احتياجات السوق. وأدى هذا إلى انخفاض قيمة الدينار الليبي، مما تسبب في ارتفاع أسعار السلع المستوردة، وبالتالي تقليل القدرة الشرائية للمواطنين.

وتشير بيانات السوق الموازية إلى أن سعر الدولار مقابل الدينار الليبي شهد قفزات متسارعة خلال الأشهر الأخيرة، حيث ارتفع من 5.50 دينار للدولار الواحد في منتصف 2023 إلى قرابة 7.00 دنانير في مطلع 2025، وسط توقعات بمزيد من الارتفاع في حال استمرار العوامل المؤثرة الحالية.

يرى خبراء الاقتصاد أن الحلول الممكنة لمواجهة هذا التدهور تتطلب استقرارا سياسيا يعزز ثقة المستثمرين، إلى جانب سياسات مالية أكثر صرامة للتحكم في سوق الصرف. كما ينصح المواطنون بتوخي الحذر في التعاملات المالية ومتابعة تطورات السوق لضمان اتخاذ قرارات مدروسة بشأن مدخراتهم.

في ظل هذه المعطيات، يظل مستقبل الدينار الليبي رهينا بالقدرة على تحقيق استقرار سياسي واقتصادي يعيد التوازن إلى السوق النقدية ويحد من الاعتماد على السوق الموازية لتأمين العملات الأجنبية.