غير "الذهب الأخضر" حياة عوائل كثيرة في شمال الجزائر، ممهداً أمامهم مستقبلاً واعداً لا حاجة فيه لـ "الذهب الأسود".
الذهب الأخضر هو الاسم الذي يطلقه علماء الزراعة والأحياء على التين الشوكي أو ما يعرف أيضاً بثمار الصبار، الذي بات يزدهر في الأراضي الجبلية في شمال الجزائر.
ويمكن الاستفادة من الصبار، الذي كان مقدساً عند قبائل الآزتيك، بكل أجزائه باستثناء الأشواك لتحقيق فوائد غذائية وطبية.
فالأقراص الشوكية الخضراء تستخدم كعلف، في حين أن الثمرة الداخلية الرخوة تستخدم في الطبخ وهي نجمة في مطبخ المكسيك حيث موطن الصبار.
أما زيت بذور الفاكهة، فله فوائد مضادة للأكسدة ويستخدم في مستحضرات التجميل لخصائصه المضادة للشيخوخة، إلى جانب كونه غني بفيتامين C والكالسيوم والمغنيسيوم.
وتذهب زهور الصبار إلى صنع شاي الأعشاب، بينما يتحول لب الفاكهة الحمراء إلى عصير، وخل، ومربى، وحتى شراب.
خلصت دراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) العام 2017 إلى أن التين الشوكي قد يكون الحل لكثير من مشكلات الأمن الغذائي في العالم ومنع تآكل التربة.
في سيدي فرج، وحتى وقت قريب، كانت تتم زراعة وحصاد الصبار من أجل ثماره الشهية، التي لم تكن تحقق سوى مبالغ صغيرة في السوق المحلية.
منذ العام 2013 تغير هذا مع إنشاء تعاونية من المزارعين والعلماء والتجار، بمساعدة من المكسيك، لاستغلال وتسويق منتجات أخرى من هذا النبات.
وتم بناء مصنع صغير في العام 2015 وتم إنتاج زيت الصبار بكميات صغيرة قبل الوصول إلى 300 لتر في العام 2017 و 1000 لتر في العام 2018.
وتأمل الجمعية التعاونية في زيادة الإنتاج سبعة أضعاف بنهاية هذا العام بفضل مصنع جديد وأكبر افتتح في نهاية العام الماضي.
كل طن من الحبوب يتحول للتر واحد من الزيت، والذي يمكن أن يباع بأكثر من 2000 يورو في أوروبا.
ويتم تصدير "الذهب الأخضر" الجزائري إلى فرنسا وألمانيا، ويجري التخطيط لبيعه في الولايات المتحدة أيضًا، وفق "يورونيوز".
وعلى الرغم من أن الجزائر -حيث معظم الأراضي الخصبة خالية من المبيدات الحشرية- ليس لديها هيئة تصديق عضوية، إلا أن نفط سيدي فرج حصل على علامة "عضوية" من الوكالات الأوروبية ويباع على هذا النحو في الخارج.
وقالت الفاو في تقريرها للعام 2017: "في حين أن معظم أنواع الصبار غير صالحة للأكل، فإن أنواع الأوبونتا لديها الكثير لتقدمه، خاصة إذا تم علاجها كمحصول عوض كونها أعشاب برية".
وقالت منظمة الأغذية والزراعة في تقريرها إنه إلى جانب فوائده الهائلة، فإن "الصبار المتواضع" يمكن أن يساعد في مكافحة انعدام الأمن الغذائي، وتحسين نوعية التربة، وتشجيع زراعة الشعير ويمكن أن يساعد في الحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
وقالت الفاو إن "الصبار يخزن الماء في أوراقه، وبالتالي يشكل بئرًا نباتية يمكن أن توفر 180 طنًا من الماء للهكتار الواحد - وهو ما يكفي للحفاظ على خمسة أبقار للبالغين، وهي زيادة كبيرة عن إنتاجية المراعي الطبيعية".
وقال هانز دراير، مدير قسم الإنتاج النباتي وحماية النباتات في المنظمة في التقرير: "إن تغير المناخ والمخاطر المتزايدة للجفاف هي أسباب قوية لتحويل هذا الصبار إلى محصول أساسي في العديد من المناطق".
في الجزائر، ساعد استزراع التين الشوكي على تنويع المحاصيل كذلك، وفقاً لخضير مدني، رئيس مختبر أبحاث جامعي، حيث كان المزارعون يزرعون الحبوب والمحاصيل الأخرى فيما بينهم.