إعادة توطين أكثر من 2000 سلحفاة برية كانت في طريقها للتهريب خارج ليبيا، قد يتساءل الكثير من خلال هذا الخبر، عن أهمية السلاحف حتى يتم تهريبها خارج الحدود الليبية وبأعداد كبيرة،وما الفائدة منها، وكيف يتم تهريبها؟ وعندما تصل إلى جمهورية مصر العربية كيف يتم التعامل معها؟ وفيما يتم استخدامها هناك؟
في هذا التقرير الذي حاولنا الإجابة حول هذه التساؤلات من الجانبين الليبي والمصري، بداية توجهنا إلى الباحث في مجال البيئة عبد الحفيظ القنين الذي حدّثنا عن أهمية هذه السلاحف قائلا:
"الله سبحانه وتعالى خلق الكون بتوازن وجعل لكل خلق من مخلوقاته دور يقوم به في هذا الكون حتى يخلق التوزان في البيئة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وتسهم هذه الأدوار في بقاء الإنسان واستمرار الحياة على هذا الكوكب، فالسلحفاة كباقي الكائنات لها دور كبير في المحافظة على التوازن البيئي فهي تحمي النباتات الحولية ــ التي تنمو من الربيع إلى الربيع ــ من الاندثار، إذ أنها تتغذى على هذه النباتات التي تحمل البذور من أجل أن يتم طرحها في الأرض مرة أخرى حتى تنمو من جديد".
ويوضح عبدالحفيظ هذه العملية الفسيولوجية قائلا: تتغذى السلاحف على النباتات بما فيها بذورها الحولية مثل" اكريشة الجدي، الغرنبوش، وغيرها" وتتكدس هذه البذور داخل السلحفاة ويتم تنشيطها عن طريق عملية فسيولوجية تتكون في احشائها وتضمن أن تكون عملية الانبات في الربيع القادم بنسبة 100% وتظل البذور هناك محمية من الطيور والحشرات ومن الامطار والرياح، وفي اثناء هذه العملية تكون نسبة التسميد والتخصيب 100%، باختصار أن السلاحف تقوم بعملية حماية البذور نيابة عن البشر، حتى تكتمل دورة الحياة.
ويؤكد الباحث في مجال البيئة بأن: السلاحف تواجه خطر الانقراض حيث يتم تهريبها بإعداد كبيرة، ويعتبرها المهرب مصدر كبير له، وبحكم أن السلاحف معدل تكاثرها محدود جدا، وتأخذ فترة كم أجل التكاثر، كما أن التوسع العمراني والاعتداء على الغابات كل ذلك يهددها بالانقراض.
ويشير عبدالحفيظ بأن: التهريب يتم بالدرجة الأولى إلى مصر، وقد وصل السعر السلحفاة هناك إلى 100 جنيه مصري، ويتم اقتنائها كحيوان أليف أو حيوان زينة مثل العصافير، ويتم بيعها في الأسواق الشعبية المصرية.
ويضيف القنين: للمحافظة على هذه الحيوانات من الانقراض لابد من تفعيل القوانين التي تخص القضايا البيئية، ولابد من معاقبة المهربين الذين يقومون بذلك لان التهريب وحتى وأن لم تصل السلاحف إلى مصر فإن معظمها يموت من طريقة تجميعها وحملها.
ويوضح القنين بأنه: بعد أن يتم استرجاع السلاحف يتم إعادة توطينها في الغابات الليبية في محمية أسقفة ومحمية الكوف بالجبل الأخضر، إذ أن منطقة تواجدها تمتد من منطقة وادي جازه بعد دريانة، إلى شحات بمنطقة الجبل الأخضر، بعد أن يتم عزل المريض منها، وتغذيتهن بشكل جيد، كما أننا أثناء إعادة التوطين نقوم بوضعها في الأحراش ونفرقهن ولا نقوم بوضعهن في مجموعات صغيرة حتى لا يتم العثور عليهن بسهولة.
ويؤكد القنين في نهاية الحوار: على ضرورة التوعية بأهمية السلاحف في المحافظة على البيئة، والغطاء النباتي الحولي في ليبيا وذلك عن طريق اشراك أكبر عدد من الناس في هذه العملية مثل البرامج التوعويةللطلبة في المدارس، وعن طريق وسائل الإعلام،واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي لتوضيح أهمية السلاحف فهي مخزن بذور متنقل، فلو تم القضاء عليها سوف تختفي النباتات وتختفي البيئة الرعوية في ليبيا.
من جانبه رد مدير برنامج الأمان الحيوي بوزارة البيئة المصرية الدكتور لؤي السيد أحمد دنقل مجيبا على سؤال بوابة إفريقيا الإخبارية بشأن دور وزارة البيئة المصرية في التعامل مع ملف تهريب السلاحف البرية من ليبيا إلى مصر، قائلا:
في البداية أود أن أوضح أن السلاحف البرية لها أنواع كثيرة ومهمة، وعمليات التهريب والإتجار تأتي نتيجة لهذه الأهمية، فهناك السلاحف المصرية، وهي مُتضمَّنة في الملحق الأول لاتفاقية سايتس- (اتفاقية التجارة الدولية بالأنواع المهددة بالانقراض) – وهذه الاتفاقية تقيد إمكانية الاتّجار بالسلاحف لحمايتها وإيقاف الصيَّادين غير القانونيّين عن جمعها من بيئتها الطبيعية لبيعها. وهناك نوعين آخرين وهما السلاحف السوداني، والسلاحف اليوناني، ويطلق على السلاحف اليونانية أيضا مصطلح السلحفاة الزراعية وهذان النوعان سواء السوداني أو اليوناني مدرجان ضمن المحلق الثاني لاتفاقية سايتس- بما يسمح بالتجارة بهما لكن بضوابط وحصص محددة- والسلاحف السوداني هي الأكثر تهريبا وهي الأكثر انتشارا في الأسواق والأكثر بيعا ويفضلها المربين، لأن إنتاجها كبير وتكبر سريعا، ويمكن أن يصل طولها إلى متر وأكثر في الأحجام الكبيرة منها، هذه السلاحف السوداني في البداية كانت الأكثر استهدافا في التهريب، لكثرة عددها، لكن في الآونة الأخيرة حدث تطور في مصر بحكم إنشاء مراكز الإكثار للسلاحف السوداني فأصبحت عمليات التهريب إلى السلاحف السوداني أقل.
ويشير الدكتور لؤي بأن:القانون المصري يجرم ويمنع حيازة أي نوع من أنواع السلاحف أو الاتجار بها دون ترخيص -بمعنى أنه أما أن تكون في مراكز إكثار مرخصة أو يكون هناك ترخيص بصيدها لأغراض معينة- ولذلك عمليات الضبط التي تتم على الحدود في منفذ السلوم أو في مدينة مرسى مطروح المصرية يتم خلالها مصادرة هذه السلاحف ، ووضعها في أقرب مركز رعاية، أو حديقة حيوان سواء كان في الإسكندرية أو الجيزة، وأغلب عمليات التهريب التي يتم ضبط أعداد كبيرة من السلاحف خلالها نجدها من نوع السلاحف السوداني، ولكن كما ذكرت أن عمليات التهريب قلت خلال الآونة الأخيرة، لأن معظم المهتمين بتربية السلاحف البرية في مصر قاموا بإنشاء مراكز إكثار وإنتاجها جيد جدا، أيضا كان لدينا مركز إكثار في برنامج الحماية خارج الموقع في مدينة شرم الشيخ، وهذا المركز تمكن من إنتاج أمهات كثيرة للسلاحف السوداني وأصبحت موجودة بكثرة وهذا أدى في النهاية إلى تقليل عمليات التهريب من ليبيا، ويضيف الدكتور لؤي على أن أغلب الحالات تكون عمليات التهريب من ليبيا إلى مصر، وهناك أيضا العكس من مصر إلى ليبيا، ولكن بنسبة أقل.
ويؤكد الدكتور لؤي بأن: السلاحف المصرية مهددة بالانقراض، لذلك هي مدرجة في الملحق الأول من اتفاقية سايتس، والسلاحف المصرية أيضا هي الأكثر أهمية لأن هناك أشخاص كثيرة تهتم بتربيتها، وهي مهددة بالانقراض أكثر من السوداني واليوناني لأن أعدادها قليلة، وهي موجودة في شريط ضيق على البحر المتوسط ابتداء من رفح والعريش وحتى السلوم وممتدة أيضا حتى الأراضي الليبية، السلحفاة المصرية صغيرة الحجم وشكلها مميزة وتستخدم كحيوانات منزلية وكحيوانات في المعارض، وخلال السنوات الأخيرة قل الطلب عليها عالميا، ولكن مازالت مهددة بالانقراض وتعتبر نادرة. وأذكر أيضا أن حالات تهريب السلاحف البرية بين ليبيا ومصر قل بشكل كبير وتحديدا منذ عام 2017 أو 2018.
ويشير الدكتور لؤي بأنه للمحافظة على السلاحف من الانقراض لابد الحفاظ على الموائل الخاصة فالسلاحف البرية المصرية، فكما ذكرنا تعيش السلاحف المصرية في المناطق الرطبة على البحر المتوسط من شرق الساحل في العريش وحتى السلوم، وهناك مهددات للسلاحف المصرية فإذا أردنا ذكر طرق الحفاظ على السلاحف لابد أن نذكر المهددات وهي عمليات التنمية (البناء) على ساحل البحر المتوسط، وعمليات الصيد الجائر والتجميع، وعمليات تلوث البحريات، وعمليات تجريف الرقعة الزراعية، ومن طرق الحفاظ على السلاحف البرية، إنشاء المحميات الطبيعية ففي مصر لدينا 5 بحيرات وهي (البردويل، المنزلة، البرلس، إدكو، مريوط)، وهذه البحيرات والبيئة الرطبة القريبة منها ساهمت في تكاثر السلاحف البحرية، وحمايتها من الانقراض، ولذلك نؤكد أن الحفاظ على البحيرات يؤدي إلى تحسن حالة السلاحف والحفاظ عليها من الانقراض، كذلك ضبط عمليات التهريب وتطبيق القانون من خلال فرض المخالفات والغرامات على المهربين والتي تصل في بعض الأحيان إلى نصف مليون جنيه مصري والحبس، وكذلك مراقبة الوضع في الأسواق كل هذا من أوجه الحفاظ على السلاحف البرية المصرية وحمايتها من الانقراض.
ويقول الدكتور لؤي بأن أسعار السلاحف مرتفعة فالسلحفاة السوداني الصغيرة يبدأ سعرها من 50 إلى 75 جنيه مصري، أما السلاحف المصرية فهي أغلى وأسعارها تبدأ من 100 جنيه مصري.
ويختم قائلا: هناك اتفاقيات بين ليبيا ومصر وكذلك مع السودان ومثلث تشاد وذلك بحكم مظلة اتفاقية تنظيم الاتجار في الأنواع المهددة بالانقراض في الحيوانات والنباتات البرية -اتفاقية سايتس-وهناك اجتماع إفريقي يجمع هذه الدول، وكذلك اجتماع مؤتمر الأطراف الذي يتم كل ثلاث سنوات والذي يتم خلاله مراجعة لعمليات التهريب وسن القوانين والتشريعات والعديد من الإجراءات التي يمكن اتخاذها لحماية الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض.