تعيش موريتانيا هذه الأيام علي وقع مظاهرات واحتجاجات غاضبة مطالبة بمحاكمة شاب موريتاني أساء للرسول صلي الله عليه وسلم .، ووسط هذه الأجواء المشحونة بالغضب أحيت العشرات من نساء العاصمة نواكشوط عادة المديح النبوي الشريف كوسيلة  أنثوية   رافضة للتطاول علي خير البرية عليه أفضل الصلاة والسلام .

سهرات ليليلة علي كثيب رملي رغم البرد القارس

علي كثيب رملي شمال العاصمة نواكشوط اختارت" مريم منت العباس" وصديقاتها تنظيم سهرات ليلية مديحية في ليالي عطلة الاسبوع)الجمعة والسبت( حيث يرفعن أصواتهن بالأناشيد الدينية  التي تتغني بآل بيت الرسول الكريم في احدث وسيلة رفض للمساس بالمقدسات الاسلامية

وحول مريم وصديقاتها يتحلق مواطنون من هواة المدح  علي هذه السهرة المديحية  و مع تأخر  لليل ورغم انخفاض درجات الحرارة  تتسع الجلسة ويتزايد اعداد الحضور.

الحاضرون للسهرة من نساء واطفال وشيوخ  يصفقون طربا ،و يتفاعلون مع تجانس أداء  مريم وصديقاتها وآلة الطبل   تلك الآلة  المحلية  المصنوعة من الجلد التي ترافق تقليديا  عند الموريتانيين   منشدي السهرات المديحية.

"مريم منت العباس"صاحبة الفكرة قالت في تصريح ل"بوابة افريقيا"ان الهدف من احياء عادة المديح التي اندثرت بفعل التمدن هو تعريف الأجيال الجديدة بسيرة الرسول صلي الله عليه وسلم بطريقة سلسة بلغة "حسانية" مبسطة  و)"الحسانية" نسبة لبني "حسان"هي اللهجة التي يتكلم بها اغلب الموريتانيين وهي قريبة من  الفصحي.

واضافت "منت العباس" أن  ما وصفته بالعولمة الجارفة التي اجتاحت موريتانيا مع ظهور  المدارس الأجنبية والغزو الفكري القادم عن طريق الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي كلها عوامل  أدت الي ظهور جيل من الشباب الموريتاني لايعرف عن سيرة "نبي الرحمة عليه افضل الصلاة والسلام" سوي النزر القليل وبالتالي اختارت المديح  علي كثبان الرمل المحاذي للعاصمة نواكشوط لجلب اكبر قدر من الشباب لتعريفهم بسيرته صلي الله عليه وسلم تحصينا لهم  وللاحتجاج علي كل المسيئين.

"المديح"خصوصية سوسيو- فنية  موريتانية  ارتبطت بالعبيد السابقين

منذ حقب كثيرة كان فن المديح النبوي في موريتانيا  فنا خاصا بالعبيد يمارسونه ضمن فعاليات فنية خاصة بهم ومع تجريم موريتانيا للعبودية أيام استقلالها 1960 اخذ هذا النوع الفني طريقه الي كل اطياف المجتمع الموريتاني من عرب وزنوج اسيادا كانوا ام من العبيد . ويعتقد  المخرج السينمائي الموريتاني " عبد الرحمن ولد أحمد سالم "أن للمديح الموريتاني مميزات وخصوصيات ارتبطت به ،ويشير ولد أحمد سالم إلى أن المديح هو في أصله جزء من موسيقى العبيد الموريتانيين، متقاطعا بذلك مع ما يعرف محليا بـ"بنج" التي هي نوع من التصالح بين السادة والعبيد، فقد جرت العادة أن يبدأ العبيد قديما في موريتانيا  سهراتهم الليلية بحضور أسيادهم بالمديح النبوي بعد يوم قاس وشاق من العمل المضني في الصحراء القاحلة، وبعد أن يغادر الأسياد ينصرف العبيد إلى موسيقاهم الخاصة (بنج) التي تحمل مضامين تختلف كليا وجذريا عن مضامين المديح.