أكد القائم بأعمال السفير المصرى بالسودان وائل بركات، أن موقف السودان لم يتحدد بعد تجاه إقامة سد النهضة وأنها تقوم حالياً بعمل دراسات لمعرفة الآثار المترتبة على إنشائه، مشيراً إلى قيام كل من مصر والسودان وإثيوبيا بعمل دراسات حول السد ولكن الخلاف حول تحديد لجنه الخبراء الدوليين التى ستناقش تلك الدراسات.

وقال بركات، فى حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط، إن إقامة سد النهضة لم يكن بسبب بعد مصر عن إفريقيا، كما يقال، إنما تم استغلال الظروف السياسية التى تمر بها مصر خلال تلك الفترة، وما يبرهن على ذلك أن كثير من الدول الإفريقية مازالت تعارض موقف المفوضية الإفريقية تجاه تجميد عضوية مصر ويطالبوا بعودتها إلى الاتحاد، فضلاً عن أن جميع برامج التعاون مع مصر لم تتأثر على كافة المستويات.وأكد أن إقامة سد النهضة لم يكن مشروعا جديدا وإنما مطروحا لسنوات طويلة ولكن عقب الأحداث السياسية التى مرت بها مصر وبعد أحداث ثورة 25 يناير استغلت إثيوبيا انشغال مصر بتلك الأحداث وتحول السد من مشروع نظرى إلى مشروع عملى وتم إنجاز ما يقرب من 33% من أعماله.

ولفت إلى أن مصر ليست ضد عمليات التنمية للدول الإفريقية، بل على عكس لديه الاستعداد لتقديم كافة أشكال التعاون وتقديم الخبرات والمساعدة الفنية بما لا يضر بالمصلحة الوطنية.واعترض على موقف الاتحاد الأوروبى الصامت تجاه بناء سد النهضة فعلى الرغم من وضوح الضرر على مصر والسودان، إلا أنه لم يتطرق إلى هذا الشأن على عكس ما حدث أثناء بناء السد العالى.ونوه بركات إلى أن مصر لم تتجاهل إفريقيا، كما يذاع فى الآونة الأخيرة، فمصر قامت بإنشاء الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع إفريقيا خلال الثمانيات بين وزارة الخارجية واليابان وقائم حتى الآن ويعتبر أكبر الجهات المانحة من مصر إلى إفريقيا، ويقوم بتدريب الكوادر الفنية فى كافة التخصصات بمجالات التمريض، والصحة، والتعليم، الهندسة والزراعة وليس فقط تدريب الكوادر بمصر ولكن أيضا إرسال الخبراء إلى الدول وفقا لاحتياجاتهم.

وأضاف أنه يوجد أيضا المركز الدولى للزراعة والذى ينظم الدورات فى مجالات الثروة السمكية بالإضافة إلى مركز تدريب الصحفيين الأفارقة وكذلك أكاديمية ناصر وأكاديمية الشرطة للعلوم الأمنية، فضلاً عن المنح الدراسية التى تقدمها وزارة التعليم والتعليم العالى والأوقاف والأزهر الشريف للشعب الإفريقى وبرامج التعاون مع دول حوض النيل.ولفت إلى أن المشكلة ليس فى كون مصر بعيدة عن إفريقيا، إنما فى عدم التنسيق بين الجهات المانحة فى معرفة حجم المساعدات التى تقدمها مصر بشكل إجمالى لإفريقيا، لافتا إلى أنه جارى حاليا ضم الجهات المصرية المانحة فى كيان واحد.

وحول فتح المعابر بين مصر والسودان، أوضح القائم بأعمال السفير المصرى بالسودان السفير وائل بركات إنه تم خلال الأسبوع الجارى اجتماع لجنة المنافذ بين البلدين لبحث طريق معبر اشكيت، واتفق الوفدان على عقد الاجتماع فى مطلع ابريل المقبل لترسيم الحدود مرة أخرى فى منطقة المنفذ على أن تعاود اللجنة انعقادها مرة أخرى فى 9 إبريل المقبل بالخرطوم لوضع النقاط النهائية. وبين أنه خلال الاجتماع أظهر الجانب السودانى استعداده لفتح الطريق فور انتهاء الجانب السودانى من إعداد المبانى الخاصة بهذا المنفذ.وحول موقف السودان تجاه مصر عقب أحداث ثورة 30 يونيو، أوضح بركات أن النظام السياسى لمصر تعرض لأكثر من تغيير وكل الدول العربية لم تكن ردود أفعالها سريعة وكان هناك فترة ترقب لتطورات الأحداث فى مصر تجاه تلك التغيرات، مشيرا إلى أن ما حدث فى 30 يونيو لم يؤثر سلبا أو إيجابا فى إدارة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وأضاف أن العلاقة بين مصر والسودان علاقة أزلية ومعقدة تتعلق بمصالح الدولتين بغض النظر عن النظام الحاكم، كما أن تغيير الأنظمة من الصعب أن تؤدى إلى تأثير سلبى فجائى، مشيراً إلى أنه كان يوجد فترة ترقب من الجانب السودانى للأحداث فى مصر ولكنه بصدد الانتقال إلى مرحلة أكثر إيجابية للعلاقات المشتركة، فضلاً عن وجود رغبة صادقة لتجاوز مشكلات الحقبة السابقة.وأضح أن ذلك ظهر خلال زيارة وزير الخارجية نبيل فهمى ووزير الصناعة والتجارة والاستثمار منير فخرى عبد النور إلى السودان، ما ساعد على تمهيد الأجواء لإحراز نتائج إيجابية فى القضايا المعلقة بين البلدين، ويظهر ذلك خلال الفترات المقبلة.

وأضاف أنه كان هناك تعليمات من وزير الخارجية للسفارة لمتابعة ما تم التوصل له، مشيراً إلى وجود رغبه حقيقة فى مصر لتحسين وتطوير تلك العلاقة.وبين أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والسودان تواجه عددا من التحديات، أهمها مشكلة تحويل العملة إلى نقد أجنبى والقيود الموضوعة عليها، لافتاً إلى أنه فى حالة تجاوز ذلك سيكون السوق السودانى سوقا واعدا لصغار المستثمرين وشباب رجال الأعمال المصريين.وعن منطقة الاستثمارات المصرية السودانية، قال بركات، إن المنطقة مقامة على نحو 2 مليون متر ولكن ينقصها المرافق، مشيراً إلى أن الحكومة السودانية تبحث حالياً عن تجهيز جزء منها وتسليمها لمصر على أن تتولى مصر استكمال المرافق وما زال الموضوع قيد الدراسة.

وأشار إلى أنه فى حال إقامة المنطقة الصناعية فإننا بحاجة إلى القيام بعمل تسويق جيد للشركات ومعرفة حجم التعاملات والسوق المستهدف من الصناعة وسيكون للإنتاج المحلى فقط أم سيكون سوقا تصديريا أيضا، مشيراً إلى اهتمام منير فخرى عبد النور وزير الصناعة بالمشروع وقيامه بعمل دراسة جادة له.وحول مساعى وزارة الخارجية فى عودة مصر إلى منظمة الوحدة الإفريقية، أشار القائم بأعمال السفير المصرى بالسودان إلى أن وزير الخارجية قام بأكثر من جولة فى دول حوض النيل وأجرى اتصالات مع زعماء وقادة الدول لتغير الموقف تجاه مصر، لافتاً إلى وجود تطور إيجابى فى الملف خاصة بعد زيارة وفد من جنوب إفريقيا إلى مصر خلال الأسبوع الماضى.

وحول أعداد الجالية المصرية بالسودان، قال بركات، إنه لا يوجد حصر دقيق لإعداد المصريين الموجودين بالسودان، فهو بالغ التعقيد، نظراً للعلاقة بين شعب مصر والسودان والذى يتطلب مشروعا قوميا بين الحكومتين لإجراء عمليه الحصر بدقه وذلك الأمر صعب فى الوقت الراهن.وأوضح أن عدد المصريين المقيدين فعلياً فى الجداول الانتخابية يصل إلى نحو 1400 مصرى فقط، وذلك نتيجة لكبر حجم دولة السودان، مشيراً إلى أن القواعد المنظمة لعملية التصويت تقصر التصويت على العواصم، وذلك "وفقا لاتفاقية فيينا" ما يتطلب إقامة الانتخابات داخل السفارات فيكون هناك صعوبة فى انتقال المواطنين من المناطق البعيدة للقدوم إلى العاصمة، ما يجعل عدد المسجلين اقل من المتواجد فعليا بالدولة، مشيرا إلى أن عملية تسجيل المصريين بالخارج فى القوائم الانتخابية تتم بشكل إلكترونى من خلال اللجنة العليا للانتخابات خلال الفترة التى تعلن عنها. وأعرب القائم بأعمال السفير المصرى بالسودان السفير وائل بركات عن تفاؤله بالجهود الملموسة بين مصر والسودان لدفع العلاقات والتحديات الإقليمية وزيادة مجالات التعاون بين الدولتين الذى أصبح أمرا حتميا، مشيراً إلى أن الوضع الداخلى فى مصر سيتحسن خلال الفترة المقبلة.