تعد الجزائر من أكبر البلدان في القارة السمراء، وأكثرها تنوعا في مناخها وتضاريسها، لكنها تصنف من بين الدول الأقل جذبا للسياح إفريقيا وعالميا.  على الرغم من توفرها على أماكن سياحية لا توجد ببلدان أخرى، كصحرائها الشاسعة ( 70 بالمائة من المساحة الإجمالية للبلاد)، ومناخها المعتدل في العموم. ولأن السياحة لم تعد ذلك الفرد الذي يحمل حقيبة صغيرة ويسافر الى بلد ما ليقضي عدة ايام في الفنادق ويتجول بين معالم البلد الأثرية، فإن الجزائر مرغمة على النهوض بقطاعها السياحي طالما لديها الإمكانيات الطبيعية والتاريخية و المادية المساعدة على ذلك، لان السياحة أصبحت من أهم الصناعات التي تدر عملة صعبة في العالم .

السياحة.. أكبر ضحايا العشرية السوداء

يؤكد الخبراء الاقتصاديون و المتخصصون في المجال السياحي، أن عدو السياحة الجزائرية و سبب تراجعها المخيف، كانت أزمة البلاد الامنية و التي عرفت بالعشرية السوداء، حيث لم يعد الجزائري يأمن في بلاده فكيف بسائح الذي كان قبلها يأتي الى الجزائر و هو مطمئن، ويجوب صحرائها الخلابة دون أي مشكل يعترضه، لكن سنين الجمر التي اكتوت بها الجزائر  غيرت خريطة السياحة برمتها فقد فقدت الجزائر خلالها 97 بالمائة من سياحها حسب أرقام حكومية، كما أن  إهمال الحكومة للقطاع عمق مشاكله حيث لم تهتم الحكومات الجزائرية المتعاقبة بقطاع السياحة، و لم تمنحه الأولوية في مخططاتها المستقبلية، فالميزانية المرصودة للقطاع السياحي في البلاد، دائما ما تكون متدنية و لا ترقى إلى المطلوب. وتحصلت السياحة في السنة الحالية على ميزانية قدرها 3 مليار دينار جزائري، وهي ما قبل الأخيرة من حيث الانفاق الحكومي خلال ميزانية 2014.

الاستثمار الأجنبي لا تستهويه السياحة في الجزائر

 قد لا يصدق البعض أن الاستثمارات الأجنبية في القطاع السياحي بالجزائر تكاد تنعدم، حيث أن المستثمر الأجنبي في هذا البلد عليه أن يواجه بيروقراطية كبيرة، قبل أن يوافق له على الاستثمار، بالإضافة إلى النسبة التي تفرضها الحكومة الجزائرية على المستثمرين الأجانب، حيث لا تسمح لهم التملك لمشاريعهم، و تأخذ النسبة الأكبر من رأس مال الاستثمار و هو ما يطلق عليه (51/49) أي أن الحكومة الجزائرية لها 51 بالمائة من الأرباح بينما الباقي لشريك الأجنبي و هذا ما هو كفيل بجعل أي مستثمر لا يفكر حتى في زيارة الجزائر و ليس الاستثمار فيها.

انعدام البنية التحتية وعدم مطابقتها للمعايير الدولية

من المعروف أن السائح الذي يزور بلد ما، يكون غرضه الأول هو الراحة و الاستجمام، وراحة البال، حيث أن جل الدول السياحية الكبرى كفرنسا و تركيا تتمتع ببنية تحتية من فنادق و ملاهي و مراكز تسوق عالمية تجذب أي سائح، و هو الغير موجود في الجزائر بتاتا، فأعداد الفنادق ذو الخمسة نجوم في الجزائر بأسرها يعدون على أصابع اليد الواحدة، أما مراكز التسوق فحدث و لا حرج فالعاصمة الجزائرية و هي اكبر المدن في البلاد لا يوجد بها سوى مركزين فقط و هما لا يضاهيان المراكز العالمية قطعا

الصحراء .. الأمل الوحيد

 رغم كل المشاكل التي تقف في وجه السياحة الجزائرية، إلا أن الأمل يبقى موجود من أجل اعادة القطاع إلى سابق عهده، عندما كانت الجزائر في سبعينيات و ثمانينيات قبلة ألاف السواح، ومصدر دخل هام للدولة، فالصحراء الجزائرية تتمتع بمناظر خلابة و أمكان جميلة، جعلت الكثير من السواح الأجانب يجعلونها وجهتهم في كل سنة، حيث بلغ عددهم في السنة الماضية 20 آلف سائح زائر كل من تمنراست،واليزي، وتيميمون، وهو ما أدر على القطاع 173 مليون دولار، و رغم أن هذا المبلغ يعتبر زهيدا جدا بالمقارنة ما تجنيه كل من الجارتين تونس و المغرب إلا أنه يبقى أمل تتشبث به السياحة الجزائرية على أمل إحيائها يوم ما .