تمتلك ليبيا ثروة أثرية تعود إلى مختلف مراحل الحضارة الإنسانية، من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر العثماني، وقد تم التنقيب عن مواقع المدن القديمة من العصور اليونانية والرومانية ودراستها، ومعظمها يقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
إثر أحداث 2011، جوبهت هذه الكنوز بالإهمال حيث بقيت ليبيا ضحية لصراعات المجموعات المسلحة حيث سادت الفوضى و غاب الإستقرار. من ذلك، تهمّش دور السياحة بشكل كبير رهبة من الأحداث الحاصلة والأجواء التي يسودها القلق، وغفل الكثير عن وجود أجمل المناطق التي تحتضنها الدولة الواقعة في شمال أفريقيا.
وفي تحقيق لها من داخل ليبيا سنة 2013 رصدت وكالة أنباء رويترز العالمية، مظاهر انهيار الأمن في البلاد وقالت إن مخاطر الانهيار الأمني يهدد السياحة في ليبيا. واختارت "رويترز" المسرح الروماني القديم في صبراته، محطة لبداية تقريرها عن الوضع الأمني قائلة "وقف أجنبيان يلتقطان صورا لمسرح روماني قديم في مدينة صبراتة الساحلية في ليبيا في مشهد نادر هذه الأيام".
هذه المدينة الرومانية القديمة كانت تجتذب اكثر من 20 ألف زائر اجنبي سنويا قبل أحداث عام 2011 التي أطاحت بالزعيم الراحل معمر القذافي. والآن أصبحت المعابد ولوحات الفسيفساء في المدينة المطلة على المياه الزرقاء للبحر المتوسط مهجورة عادة.
في نفس السياق،قال محمد أبو عجيلة مدير إدارة مراقبة الآثار في صبراتة "العدد قليل هذه الأيام.. لم يعد الناس يأتون إلى ليبيا للسياحة. زائرونا أشخاص يعملون بالفعل في ليبيا أو من يأتون إلى هنا في رحلات عمل". وأضاف "الوضع مختلف بسبب المشكلات الموجودة لدينا لكننا نأمل أن تبدأ السياحة مرة أخرى ربما في العام القادم".
ويرى مراقبون أنه من المتوقع أن أن يتصدر قطاع السياحة الليبي قائمة مصادر الدخل الوطني،خلال السنوات القليلة القادمة.
وأوضحت الهيئة العامة للسياحة في تقريرا لها باهتمامات رؤوس الاموال المحلية والأجنبية للاستثمار في القطاع السياحيالليبي ، نظراً لما تزخر به البلاد من موقع جغرافي يطل على منطقة حوض البحر المتوسط ، وعلى خلفية الصحراءالكبرى، إلى جانب الموارد التاريخية من مدن أثريه والتراث الطبيعي من جبال وصحارى وشواطئ ومناخ معتدل.
إلا أن عدم الإستقرار الأمني يبقى عائقا أمام إنجاح المشروع السياحي حيث أنه في ظل عدم سيطرة الدولة على كامل الإقليم يصعب بلورة إستراتيجية تسويقية لجذب السياح الأجانب.
في سياق متصل،تعتبر مدينة لبدة الكبرى التاريخية على الساحل الليبي رمزا للآثار الحجرية و الرخامية حيث كان من المفترض أن تكون مقصدا سياحيا من كل أنحاء العالم لكن الأوضاع الأمنية المتردية أبت دون ذلك.
ويقول السكان المحليون إن السياح الأجانب كانوا يترددون على المكان قبل أحداث العام 2011 لكن الزيارات توقفت مع تدهور الوضع الأمني سريعا في عامي 2013 و2014 حيث تسببت الصراعات في وجود حكومات متنافسة، الأمر الذي عرقل جهود الصيانة المحلية والدولية.
وأضافت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) لبدة الكبرى وأربعة مواقع ليبية أخرى إلى قائمة التراث العالمي المعرض للخطرسنة 2016.
ويرى جيانلوكا بارديلي مؤسس شركة سوفت تورز السياحية أن إمكانات ضخمة في ليبيا، منها السياحة للإيطاليين الذين استوطنت أسرهم في ليبيا في السابق، لكنه ولدواع أمنية لا ينظم رحلات إلى آثار بمدن صبراتة في غرب ليبيا وقوريني في الشرق أو إلى الصحراء.