عبر عضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر عن قلقه من التداعيات التي ستحدث نتيجة قيام مجلس النواب بتعديل الإعلان الدستوري والذي تضمن إعادة هيكلة السلطة التنفيذية وتحصين المادة السادسة من قانون الاستفتاء المعيب على مشروع الدستور المحال إليه من الهيئة التأسيسية.

وقال الشاطر في تصريح لبوابة إفريقيا الإخبارية "إن مجلس النواب يجدّف ضد التيار الوطني العام ورغبة الليبيين في الاستقرار والتمتع بوطن موحد" مشيرا "إلى قانون الاستفتاء الذي قسم ليبيا إلى ثلاثة دوائر خلافا لما نص عليه الإعلان الدستوري من ضرورة أن ينال الاستفتاء على الدستور موافقة ثلثي الناخبين وهو ما يعني ضمنيا ودستوريا أن ليبيا دائرة واحدة".

وأوضح الشاطر "أن البرلمانات في كل العالم تسعى ببلدانها إلى الاستقرار والى ما هو أفضل لمواطنيها والليبيين يريدون دولة واحدة وموحدة فلماذا يكرّس مجلس النواب ومجلس الدولة مبدأ الولايات الثلاث ضمنيا بخلق تسميات جديدة مواربة مثل الأقاليم الثلاثة والمجاميع الانتخابية الثلاثة".

ووصف الشاطر "هذا التصرف بأنه غير أخلاقي ومشين وضد إرادة كل الليبيين، وان كان يدغدغ مشاعر البسطاء الذين لا يرون في الدولة إلا فرصة للاستفادة الشخصية أو المناطقية ولا يهمهم أو لا يدركون ضرورة أن تكون الدولة متماسكة وقوية بحيث تكون رقما في الأسرة الدولية".

وأشار الشاطر إلى "أن تقسيم ليبيا إلى ثلاثة دوائر يعني عملية اغتيال مسبقة ومع سبق الإصرار والترصد لمشروع الدستور الذي سيحبطه إقليم واحد ويقضي عليه" متسائلا "لماذا يجرنا مجلس النواب إلى نتيجة محتومة ولا يعترض المجلس الأعلى للدولة؟ بل يدفن رأسه في الرمال ويهلل بعض من أعضائه بالجلسة التاريخية لمجلس النواب نعم هي جلسة تاريخية لأنها دقت إسفينا مسموما في وحدة البلاد وتعافيها".

وتابع الشاطر: "أن هذه النتيجة المسبقة معناها الدخول بالبلاد في صراعات جديدة ستأكل من عمر الدولة سنوات أخرى لتستمر محنة الوطن ومعاناة المواطن والابتعاد بمسافات غير قصيرة عن إقامة الدولة المدنية الديمقراطية المبتغاة".

ووصف الشاطر "السنوات الثلاث الماضية بأنها كانت قاسية جدا لقنتنا دروسا مؤلمة حيث زادت من تفكك الدولة وتعطل اقتصادها" موضحا "أن ما نشاهده من إصلاحات اقتصادية قد يكون مقبولا لفترة مؤقتة ولكنها لن تكون الحل الأمثل لأن المبدأ البسيط في الاقتصاد يقول أن العملة القوية تعتمد على اقتصاد منتج ورفاهية المواطن لا تخلقها إكراميات الدولة وعطاياها فذلك استنزاف للمال العام بدون مردود منتج والأجدر هو تحقيق الاستقرار ثم الأمن والأمان ثم إلغاء القطاع العام بكافة أشكاله باستثناءات محددة وقليلة العدد تتعلق بالأمن القومي للبلاد".

وأردف الشاطر "عوضا عن الاستفادة من السنوات العجاف التي ضاعت في مهاترات وشتائم يكيلها كل طرف للآخر وضيعت البلاد فان الاتجاه الجديد  للمجلسين سيدخلنا في مرحلة انتقالية جديدة وطويلة ستكون أصعب من سابقاتها لأنهما هذه المرة انقضا على مبدأ الفصل بين السلطات والتهماه في لقمة واحدة باتفاقهما الأخير بحيث يسيطر المجلسين عن طريق مرشحيهم من الجسمين على السلطة التنفيذية وبذلك تكون السلطة التشريعية قد استولت كلية على السلطة التنفيذية وانتفى مبدأ الفصل بين السلطات ما يعني أن المجلسين لا يفكران في دولة ديمقراطية وإنما في دولة لهم تستمر بوجودهما إلى أطول أجل ممكن" مضيفا بعدما "فشلوا في تقديم حل لمشاكل البلاد ومعاناة المواطن طيلة الثلاث سنوات الماضية  فان ترتيباتهما الجديدة لن تكون بريئة المقصد لأن العقل والحكمة لا يهبطان فجأة عليهم من السماء وإنما ستكون بهدف الاستغوال على الوطن والمواطن واحتكار السلطتين التنفيذية والتشريعية في ما بينهما فقط".

واختتم الشاطر "يبدو أن الإحساس بالوطن وألأمه شعار يدعيه ويستغله كل من يفكر لنفسه فقط ما يعني تلاشي العقلانية والحكمة وعندما نصل إلى هذا المستوى تكون تصرفاتنا كتصرفات المغرورين المدللين المعتدّين بأنفسهم ولا يرون في المشهد ألا هُم وحدهم حينها نكون بحاجة إلى أب يردعهم ويعيد لهم التوازن" مضيفا "وأنا ألتجئ إلى راعينا وولي أمرنا ومصدر السلطات الشعب الليبي".