أكد مؤسس سوق الأوراق المالية في ليبيا سليمان الشحومي أنه لا يوجد في ليبيا مشروع إصلاح اقتصادي حقيقي مكتوب ومقر ومعتمد على مستوي الدولة سواء لدى المجلس الرئاسي أو لدى الحكومة المؤقتة أو على مستوى الجهات الرقابية والتشريعية.
وقال الشحومي في تدوينة له بعنوان "المشروع الاقتصادي" "خرج الشباب وبدأ يعبر عن استيائه الشديد لواقعه المعاش يوميا، وبدأ سقف المطالب يتغير أمام استمرار العجز وعدم القدرة للاستجابة منذ سنوات" مضيفا "صعوبات حياتية تواجه المواطنين في كل مكان بليبيا، فتكاليف المعيشة مرتفعة، واستمرار انهيار الخدمات وعلى رأسها الكهرباء والخدمات العامة الأساسية، وعلى جانب آخر فشل البنك المركزي في معالجة أزمة السيولة وانهارت قدرته على الدفاع عن قيمة العملة المحلية بسبب إدارته المرتبكة والخلل في إدارته وآلية عمله، كما أن فشل الحكومة في إدارة مشروع واقعي ومنظم لإصلاح المالية العامة وخصوصا إصلاح نظام دعم الوقود وتحسين الدخل الحقيقي للمواطن في ظل ارتفاع الأسعار بالسوق واختفاء أي منظومة للحماية الاجتماعية والاقتصادية، وغيرها من مشتملات الإصلاح المالي والتجاري التي غابت عن الحكومة".
وأضاف الشحومي "الارتباك في كل مكان والانهيار مستمر والواقع أن كل الكلام عن الإصلاح الاقتصادي والمالي وإصلاح أنظمة الكهرباء والتحول إلى تفعيل الإدارة المحلية عبر تفويض الصلاحيات للبلديات وتخصيص موازنات لها، وإطلاق جملة من القرارات لامتصاص الغضب، كل ذلك هو واقعيا مجرد كلام مجالس واجتماعات ولا يوجد أي مشروع إصلاحي حقيقي مكتوب ومقر ومعتمد على مستوي الدولة سواء لدى المجلس الرئاسي أو لدى الحكومة المؤقتة أو على مستوي الجهات الرقابية والتشريعية، فإذا سألت عن وثيقة الإصلاحات الحكومية، سوف يشيرون إلى قرار حكومي وحيد وهو فرض رسوم على مبيعات النقد الأجنبي والذي كان مفترض أن يلبي أي طلب على النقد الأجنبي مهما كانت الاستخدامات المطلوب من أجلها متوافقة مع القانون، وقلنا مرار وتكرارا ذلك ليس إصلاح فهو أوجد سعرين أو أكثر للصرف وخلق تشوهات وفساد اكثر مما هو موجود".
وتابع الشحومي "الآن حصحص الحق، وصار الجميع يتسابقون لرفع أصواتهم بضرورة إجراء إصلاح على وقع صوت الشارع المتعاظم بطلباته الحياتية الأساسية، ولكن هل بإمكان المنظومة المتشبعة بالفساد الآن أن تصبح أداة فعالة لتنفيذ مشروع إصلاح غير واضح المعالم وغير مكتوب وغير محدد برنامج زمني وأهداف محددة ، هل نحن في حاجة لإصلاح المنظومة قبل السير في نهج الإصلاح عبر آلياته الاقتصادية والاجتماعية؟ وهل سيكون الإصلاح السياسي هو المحرك الحقيقي لإصلاح المنظومة وإقرار مشروع اقتصادي واضح للنهوض الاقتصادي؟".
وأردف "اعتقد جازما، أن الموقف لم يعد يجدي معه إجراء معالجات متسرعة قد لا يكتب لها النجاح وقد تزيد من تأزيم الموقف أكثر أو تقديم وعود غير منطقية ودون دراسة مستوفية وتنسيق واضح بين المؤسسات المسؤولة عن تنفيذ تلك الإصلاحات الموعودة".
وتابع الشحومي "المطالب هي حقوق أساسية فشلت الحكومة والبنك المركزي في إرساء الشفافية ومجابهة الفساد المالي والإداري المركب في أعمالهما والذي حتما سيحتاج إلى معالجة اشمل تكتب على ورقة بيضاء وتحدد جملة الإجراءات والمعالجات الإصلاحية الهيكلية على مستوي كل من الحكومة والبنك المركزي والمدي الزمي للتطبيق، ومع ذلك كله فإن المشهد القائم حاليا ليس مهيئا أو جاهز لإقرار وتنفيذ مشروع إصلاحي متكامل، وقد يقودنا واقع الحال إلى ضرورة إنتاج سلطة متماسكة وقادرة على إنفاذ مشروع إصلاح شامل بجناحيها التنفيذي والتشريعي، فإصلاح الدعم واستبداله سيحتاج إلى إصلاح نظام المرتبات وعلاواته، وإصلاح الإنفاق الحكومي بالداخل والخارج وتعزيز شفافيته، وإطلاق مشروع للشراكة بين القطاع الخاص والعام وتعزيز مقدرة القطاع الاقتصادي الخاص عبر تهيئة البنية الأساسية ومتطلبات إطلاق المشروعات الاقتصادية وتعزيز قدرتها على المساهمة في التنمية، فالواقع أن هناك أكثر من 600 مؤسسة حكومية تحصل على ميزانيات تمول من الحكومة وجلها فاشلة في حين لا تحصل المشروعات الخاصة سواء كانت صغيرة أو متوسطة أو كبيرة على قدر من ذلك الدعم المهدر برغم أنها لا تحتاج إلا لمقومات أساسية، لذلك لابد من إصلاح شامل حقيقي مكتوب ومحدد الملامح والآثار المحتملة ومعرفة المستهدفات والعمليات والمخرجات الممكن قياسها، نحن في حاجة إلى مشروع اقتصادي يقوم على ثوابت مشروع سياسي واضح ويخلق الاستقرار المنشود".