حذر الخبير المالي ومؤسس سوق الأوراق المالية الليبي الدكتور سليمان الشحومي، من خطورة توقف تصدير النفط وتأثيره على الاقتصاد الليبي، مقترحا وضع خارطة طريق مالية يتفق عليها الأطراف الليبية بشكل مباشر، تقوم على توزيع الدخل النفطي بشكل غير مباشر وآلية محددة بشكل انتقالي تعالج مسألة عدم الثقة وتقرب من توحيد مؤسسات الدولة الاقتصادية وذلك عبر مجموعة من النقاط. 

وقال الشحومي، في ورقة تحليلية بعنوان (توقف النفط وآفاق الحل) خص بوابة إفريقيا الإخبارية بنسخة منها، "إذا استمر توقف تصدير النفط فان التأثير سيكون كارثي على الاقتصاد الليبي، بدون شك فلا توجد موارد اخري للميزانية العامة للدولة الليبية المنقسمة. الخوض في سيناريو استمرار توقف تصدير النفط والغاز الليبي، وانعدام الايرادات التي تغذي الخزينة العامة لحكومة الوفاق بطرابلس يتطلب البحث عن حلول وسبل لإدارة الازمة إذا استمرت. البيانات الدولية المتعددة تندد بالتوقف وتطالب ان توزع العوائد النفطية علي كامل أرجاء البلاد. والايرادات كما هو معروف تغذي حساب الحكومة لدي المصرف المركزي طرابلس والذي يستلم الدولارات ويقيد مكانها دينارات بحساب الحكومة، والان وفِي ظل عدم اعتماد ميزانية ترتيبات مالية والتي أصبح أمر غير وارد الآن بسبب عدم وجود إيرادات منذ بداية هذه السنة فذلك يعني أن الحكومة سوف تقترض من البنك المركزي مؤقتا لتغطية النفقات الاساسية فقط وهي المرتبات مع تقليص كبير في الإنفاقات الأخرى وخصوصا العمومية ويفترض سيكون البنك المركزي والحكومة حريصين وفقا للقانون على عدم الإسراف والانفاق المرتفع بسبب انه لا توجد ميزانية معتمدة والانفاق سيكون على أساس 1/12 والذي له ضوابط في عدم الارتباط بأي نفقات جديدة".

وتابع الشحومي، "كذلك يحتم هذا الوضع عند رغبة الحكومة في اعتماد ميزانية ترتيبات مالية ان تراعي توقف الايرادات الرئيسيّة للدولة الليبية و تتجه لإصدار سندات خزانة لصالح المصرف المركزي مما يعظم الدين العام ، او ان يقوم البنك المركزي و هو السبيل الاقرب من وجهة نظري بالاستمرار في عمليات بيع النقد الأجنبي من الاحتياطي الموجود لديه و الذي يمكن ان يصمد لفترة ليمول نفقات الحكومة من عائد ضريبة بيع الدولار بالسعر التجاري، و بالتالي سوف يخفض أو يحد من التوسع في مخصصات أرباب الاسر مقابل التركيز علي البيع بالسعر التجاري والذي حتما لن يخفض في ظل هذا الوضع القائم.  سيكون على الحكومة اتباع حمية شديدة في الانفاق حتى مع توافر عوائد من ضريبة مبيعات النقد الأجنبي إذا وافق محافظ المصرف المركزي الحالي على استمرار نفس معدل البيع في السنة السابقة، وأن تركز على نفقات محددة ولا تتوسع في بنود النفقات العمومية وسيحتم عليها الوضع ان تقلص الدعم او تستبدله على أحسن تقدير. اما الحكومة المؤقتة في البيضاء فهي ليس لها موارد نفطية وتستخدم في تمويلات عبر رفع مستوي الدين العام كل مرة لتغطية نفقاتها ويمولها البنك المركزي بالبيضاء بإصدار عملة يضع الاموال في حساب الحكومة مقابل سندات دين تسدد لاحقا عند اعادة توحيد البلاد".

المطالب بتوزيع دخل النفط 

وأضاف الشحومي، "يطالب من قاموا بإيقاف تصدير النفط بعدالة التوزيع الثروة، والواقع أن مسألة توزيع الثروة هي مسالة سبق ان تناولتها في العديد من المرات انها لا ترتبط بالحصول او توزيع نقدي للعوائد النفطية فهي اساسا تتم عبر اليات الميزانية العامة الحكومية والتي اول اشتراطاتها ان تكون موحدة وتشمل كافة أرجاء البلاد وتقوم أساسا على تنمية الثروات المحلية من اجل اعادة توزيعا بطرق التوزيع المعروفة بخدمات ومرافق وبرامج حماية اجتماعية ومشروعات تنموية. ما برز الان بصورة واضحة وحتى في بيان برلين هو التوزيع العادل لدخل النفط، وليس توزيع الثروة، ويفهم منه على أحد الوجوه هو ان تقسم الايرادات بين الحكومتين القائمتين في البلاد فلا يوجد اي طريقة اخري لتوزيع دخل النفط سوي ان تقسم بين الحكومتين وفقا لهذا الطرح وهذا عمليا امر غير واقعي ولا يمكن تطبيقه كونه يقود تلقائيا الى انقسام البلاد لأقدر الله. ولكن ما العمل؟". 

خارطةً طريق مالية 

كما قال الشحومي، "في تقديري لابد من خارطة طريق مالية يتفق عليها الطرفين بشكل مباشر، تقوم على توزيع الدخل النفطي بشكل غير مباشر وآلية محددة بشكل انتقالي تعالج مسالة عدم الثقة وتقرب من توحيد مؤسسات الدولة الاقتصادية عبر الآتي:

اولا ان يتم الاتفاق على أعادة تشكيل مجلس ادارة المصرف المركزي الموحد ويتم إرجاع المنظومة المقاصة المصرفية بين كافة ارجاء البلاد، وان يتولى المجلس الجديد مراجعة حسابات المصرف المركزي بفترة الانقسام ويعرض النتائج والتوصيات بشأن المعالجات المطلوبة على السلطة التشريعية المنتخبة القادمة لتسوية هذا الملف وان يتم انتظار التوحيد حتى تتم عملية المراجعة.

ثانيا العمل بشكل مؤقت وحتي الوصول الى الاتفاق على اعادة توحيد المصرف المركزي و طبعا تشكيل حكومة واحدة للبلاد ، وان يتم تشكيل لجنة خبراء مستقلة تعمل بشكل دائم  و تكون في مقر محايد ترتكز اساسا متابعة الايرادات و منح الموافقات بالإنفاق للحكومتين وفقا للإيرادات المحصلة شهريا سواء ايرادات تصدير النفط بعد إرجاعها للعمل او ايرادات ضريبة بيع العملة و غيرها من الايرادات الأخرى والتمويلات المطلوبة للطرفين بما يمكن من التحكم في عمليات اقراض الحكومة من الطرفين و يحد من مخاطر الانفاق الغير منتظم او الإهدار. 

ثالثا يلتزم كل من ادارة المصرف المركزي بالبيضاء وطرابلس بقرارات لجنة الخبراء المستقلين في ادارة النقد المحلي والاحتياطيات الاجنبية من العملة الصعبة، وادارة حسابات الدين العام. وتضع لجنة الخبراء اليات وسبل توزيع الموارد المحلية على الحكومتين بما يَضمن استمرار تلبية متطلبات الانفاق الاساسية.

قد يكون هذا السيناريو يعالج حالة عدم الثقة بين الأطراف ويعيد تصدير النفط ويحقق مطالب توزيع دخل النفط بين الطرفين الرئيسيين الي حين اعادة توحيد البلاد.