في ضوء حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تعاني منه ليبيا وانعكاسه المطلق على علاقاتها مع الدول الأخرى، تعمل إيطاليا على زيادة نفوذها الاقتصادي في ليبيا في قطاع النفط والغاز وإنتزاع نصيب الأسد منه أمام العديد من دول العالم المتزاحمة على ثروات الليبيين.

وظهر ذلك جلياً من خلال اللقاءات المتبادلة التي قامت بها رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في طرابلس وروما. وتشديد المسؤولين الإيطاليين في الآونة الأخيرة على أهمية العلاقة مع ليبيا في إطار خطة ماتي.

وخطة ماتي وضعت من قبل الإيطاليين في إطار برنامج التعاون الحكومي الإيطالي الذي يركز على الطاقة والمُسمى بـ"خطة ماتي" لأفريقيا، على اسم مؤسس شركة "إيني" للنفط إنريكو ماتي، والذي يتضمن برنامج واسع من الاستثمارات والشراكات في قطاع الطاقة والبنية التحتية وغيرها. 

وقد سبق وأن وقعت شركة "إيني" النفطية الإيطالية العديد من الإتفاقيات مع حكومة الوحدة الوطنية، كان أكثرها إثارة للجدل الإتفاقية المشتملة على حقل الحمادة النفطي الذي يحتوي على إحتياطيات كبيرة من النفط والغاز.

فقد ذكر بيان للمجلس الأعلى للدولة حينها أن الاستثمار الأجنبي للحقل يشمل تنازل حكومة الدبيبة عن نسبة تقارب 40% من إنتاج الحقل لصالح ائتلاف الشركات الأجنبية.

ومنذ فترة ليست ببعيدة توافقت إيني مع المؤسسة الوطنية للنفط الليبية على إستثمار حقل الشرارة النفطي، أحد أكبر حقول إنتاج النفط في ليبيا، والذي يعمل بطاقة إنتاج تبلغ نحو 300 ألف برميل يومياً.

حيث كشفت مصادر ايطالية عن إجتماع عُقد في روما بين رئيس المؤسسة الوطنية فرحات بن قدارة ومديرة الاتصالات الخارجية في شركة إيني "إيريكا ماندرافينو"، نهاية شهر يوليو الماضي، وصفته بالمثمر.

في حين وثقت شبكات إعلامية محلية وصفحات على مواقع التواصل الإجتماعي تسريبات لملفات من هذا اللقاء تتناول خطة عمل شركة "إيني" المستقبلية في حقل الشرارة، على الرغم من أن هناك عقود مُبرمة مسبقاً مع شركتي النفط "توتال" الفرنسية و"ريبسول" الإسبانية، لتشغيل الحقل.

وبحسب محللين إقتصاديين، فإن محاولة بدء "إيني" للعمل في حقل الشرارة بموجب إتفاقها مع المؤسسة الوطنية للنفط إصطدمت بوجود خصمتيها الأوروبيتين في الحقل أصلاً، وهو ما يمنع المؤسسة إعطاء الضوء الأخضر لإيني لإستثمار الحقل كما يرغب الإيطاليون. وهو ما يؤكد الصراع الأوروبي الخفي على مصادر الطاقة في أفريقيا.

وأكدوا أن الحكومة في إيطاليا وضعت نصب عينها السيطرة على أكبر حقل في ليبيا "الشرارة" نظراً لحاجتها الماسة لكي تصبح أكبر موزع للنفط والغاز في أوروبا على حساب مصالح الفرنسيين والإسبان وغيرهم من الأوروبيين، وهي قد بدأت بالفعل بالتأثير على مصالحهم باستخدام عدة أدوات محلية وأقليمية، ويرجح بعض المحليين أن يكون إغلاق حقل الشرارة المفاجئ مؤخرا جاء نتيجة هذه التحركات.