واكبت الأقلام الأمريكية الأوضاع بليبيا منذ اندلاع الحراك الشعبي في السابع عشر من فبراير بعام 2011 مع تباين وتناقض تلك المواكبة.

ففي 24 من أغسطس من عام 2011 أي بعد اندلاع الحراك الشعبي بستة أشهر خصصت قناة الـCNN الأمريكية ثلاثة مقالات مطوله لشرح السيرة الذاتية لبعض الشخصيات السياسية الليبية والتي شملت كلا من - مصطفى عبد الجليل - محمود جبريل - عبد الحفيظ غوقة تحت عنوان موحد "من هم قادة ليبيا الجدد؟ " دونما الخوض في توجهات هذه الشخصيات أو استعراض لهوياتهم السياسية.

ففي تلك الفترة لم تفصح الأقلام الأمريكية عن نواياها ولا توجهاتها السياسية ورؤية الولايات المتحدة الأمريكية للسياسة المستقبلية لـ ليبيا، لكن سرعان ما تغير هذا الخطاب مع اكتساح التيار المدني للانتخابات البرلمانية الثانية بعد ثورة فبراير والتي كانت نقطة البداية لتغير مسار الخطاب الاعلامي الأمريكي.

ففي 25 من أغسطس من عام 2014 نشرت CNN الأمريكية مقالا بعنوان "عملية الكرامة - جريمة - و إقالة الثني وتكليف عمر الحاسي بتشكيل حكومة انقاذ واعلان النفير العام "، وقد تبعه عدد كبير من المقالات بنفس الوكالة وفي صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية والتي شنت حربا اعلامية شعواء علي حراك الكرامة بقيادة اللواء المتقاعد خليفه حفتر دونما الخوض في ظهور العامل الجديد بالوضع الليبي وهو تنامي الجماعات الارهابية، حيث اكتفي الاعلام الأمريكي وقتها بتسليط الأضواء علي هوية الصراع بين التيار المدني وتيار الاسلام السياسي والذي منحته وكالة الـCNN الأمريكية تسمية " حرب الوكالة " فعنونت في الـ27 من أغسطس عام 2014 مقالا مطولا تحت شعار "حرب بالوكالة في ليبيا..مصر والسعودية والإمارات بكفة وقطر وتركيا بالأخرى"، حيث تناولت بصورة سطحية دور كل تلك الدول المذكورة في الصراع الليبي.

ومع أن الولايات المتحدة الأمريكية قد اكتوت بجحيم تنامي المجموعات المتطرفة في ليبيا، عندما تم الهجوم على مقر السفارة الأمريكية بمدينة بنغازي شرق ليبيا والذي نتج عنه مقتل السفير الأمريكي " كريستفر استيفنز " وقتها، إلا أن الاعلام الأمريكي اكتفى بتسليط الضوء على عملية الهجوم على السفارة.

فالواشنطن بوست الأمريكية مثلا نشرت في 22 من شهر نوفمبر عام 2014 مقالا بعنوان " هجوم ببنغازي " دونما التلويح بخطر الارهاب و التطرف من ناحية وتراشق الاتهامات بين الديموقراطيين و الجمهوريين والبحث عن أسباب حدوث الهجوم ومقتل السفير ومن ثم القاء القبض على كل من - أبو ختالة و أبو أنس الليبي، والذي أخذ حيزا كبيرا من التغطية ولفت الأنظار والتسويق للإنجاز بعيدا عن الوضع الليبي من ناحية أخرى.

ومع ذلك فان الاعلام الأمريكي لمح منذ عام 2013 لوجود تنام للجماعات المتطرفة علي الأراضي الليبية، ففي 15 من مارس عام 2013 نشرت وكالة الـCNN الأمريكية مقالا بعنوان " عودة 6 أقباط من ليبيا بعد ترحيلهم دون سبب " والذي كان الأخير من نوعه حتي وقوع حادثة مقتل 21 مواطنا مصريا قبطيا " ذبحا " علي أيدي مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية بليبيا، لتنشر صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية عدة مقالات حول هذه الفاجعة والتي كانت احداها في 16 من فبراير عام 2015 الجاري بعنوان " مقطع فيديو يعرض ذبح مصريين مسيحيين بليبيا " ونال العنوان ضجة كبيرة بالأوساط الاعلامية بالولايات المتحدة الأمريكية التي اصطفت الى جانب الدول التي تحث الليبيين على الحوار لحل النزاع الدائر في ليبيا وطرح الحوار كحل وحيد للخروج من الأوضاع الراهنة.

في نفس الوقت يضل الاعلام الأمريكي يسلط الضوء علي التلويح بالقوة واستخدامها من جانب آخر، ففي 17 من فبراير من العام الجاري 2015 نشرت وكالة CNN الأمريكية مقالا بعنوان " محلل عسكري أمريكي - قد تضطر أمريكا لقتال داعش في ليبيا وعلينا إعادة تقديم السلاح للجيش المصري"، في تلميح للخطر الذي يشكله الارهاب والتطرف علي الأمن والاستقرار العالمي.

وكلمحة عامة لعموم وكالات الأنباء والصحف الأمريكية يظهر جليا التخبط والتناقض في اتجاه وهوية الطرح الصحفي وتغطية الأحداث بما يدور على الساحة الميدانية والسياسية الليبية.