"مشروع قانون حظر النقاب سيمر.. و النهضة الإسلامية قد تصوت له.. هذه شروطنا للتحالف مع نداء تونس في الإنتخابات البلدية المقبلة.. أطراف تدفع في اتجاه إسقاط حكومة الصيد, من بينها أحزاب بالإئتلاف الحاكم.. التوافق بين نداء تونس و النهضة أنقذ تونس من مواجهة أمنية و سياسية مع الإسلاميين..حكومة السراج تعكس عجز الليبيين على حلحلة مشاكلهم الداخلية في منأى عن التدخل الأجنبي, و إن حصلت حكومة الوفاق على تزكية برلمان طبرق تصبح شرعية.. و الدور التركي في تشريك إخوان ليبيا في السلطة مؤثر..."

هذه نبذة مما جاء في حوار أجرته "بوابة إفريقيا الإخبارية" اليوم الإثنين 18 أفريل 2016, مع نائب كتلة الحرة بالبرلمان المنشقة عن نداء تونس, الحزب الأغلبي سابقا, الصحبي بن فرج, تطرق فيه محدثنا إلى أهم الملفات السياسية و الأمنية و الإقتصادية الساخنة التي تهم بلاده, خاصة في ظل الجدل القائم حول إمكانية إقالة رئيس الوزراء الحبيب الصيد, و تعديل الدستور نحو إرساء نظام رئاسي معدل.

وفي ما يلي نص الحوار:

  بداية كيف تشخصون التموقع السياسي و البرلماني الحالي لكتلة الحرة؟

الكتلة الحرة ليست في موقع المعارضة ولا في موقع المساندة للحكومة, بل هي في موقع المتابعة والمنزلة بين المنزلتين. الكتلة الحرة تنتمي إلى العائلة الديمقراطية، وبالتالي هي تشتغل في هذا الإطار, أي على مستوى متابعة أعمال التشريع وأعمال الحكومة.

هل من الوارد أن يعود نواب الحرة إلى حضن نداء تونس مثلما أشار إلى ذلك رئيس الهيئة التأسيسية للنداء رضا بلحاج منذ فترة؟

رضا بلحاج يمكنه الحديث عن نواب حزبه, أما بالنسبة لنواب الكتلة الحرة فلهم حزب يتحدث باسمهم.

و لكن من الوارد التحالف مع الندائيين في جبهة سياسية وانتخابية موحدة لخوض رهان الإنتخابات البلدية المقبلة؟

في حال تمكن نداء تونس من معالجة أسباب الأزمة التي أدت إلى إنقسامه, فمن الممكن أن ندرس مستقبلا اليات وطرق التقارب والتحالف معه.

هل تثقون في فوز حزبكم, حركة مشروع تونس, في الإنتخابات البلدية القادمة؟

نحن نعمل على الفوز في الانتخابات البلدية، ونعمل على أن يكون حزبنا الأول في هذا الإستحقاق.

ما جديد مشروع القانون الذي عرضته كتلة الحرة على أنظار البرلمان لحظر إرتداء النقاب في الأماكن العامة؟ وهل من الوارد أن يتم تمرير هذا القانون ؟

مشروع القانون هو الان تحت أنظار اللجنة البرلمانية, وأعتقد أنه سيمر, وقد تفاجئنا حركة النهضة بالتصويت عليه.

أية علاقة تجمع بين النقاب والإرهاب في نظركم, خاصة وأن الوقائع أثبتت تورط متنقبات في عدة عمليات إرهابية هزت تونس, واخرها الهجوم الإرهابي الذي استهدف بن قردان خلال شهر مارس الفارط؟

النقاب هو رمز للمنظومة الفكرية والسياسية والعقائدية لما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية", والتي نحن في حالة حرب معها, وبالتالي نحن في حالة حرب مع كل رموزها مهما كانت. أيضا على المستوى العملي ثبت أن معظم قضايا الإرهاب في بلادنا شاركت فيها متنقبات, سواء على مستوى الدعم اللوجستي أو المشاركة الفعلية, ولعل ما يؤكد ذلك أننا نلاحظ الترحيب الكبير الذي حظي به مشروع قانون منع النقاب من طرف الأمنيين والعسكريين. النقاب ليس رمزا دينيا ولن يكون في مستوى رمزية عبارة "لا إله إلا الله, محمد رسول الله" التي تحملها راية "داعش",  والتي تعتبر ممنوعة.

ما تعليقكم على اتهام الصيد الجبهة الشعبية اليسارية وحزب التحرير السلفي بالتورط في أحداث العنف التي عاشتها جزيرة قرقنة منذ أيام؟

لا تعليق لدي على هذه الإتهامات. يجب التفريق بين مشاركة عناصر تنتمي إلى حزب سياسي معين في أحداث قرقنة, وبين تورط حزب سياسي بأكمله في هذه الأحداث.

بناء على تصريحات رئيس الحكومة هل من المنتظر أن يتم حظر نشاط حزب التحرير السلفي؟

بقطع النظر عن أحداث قرقنة, أو عن مشاركة حزب التحرير في هذه الأحداث أم لا, فإن إيديولوجيات وأدبيات و خطاب هذا الحزب تجعله في موقع متعارض مع القانون على مستوى الإلتزام بقيم الجمهورية التونسية, وبدستورها وبنظامها السياسي.

ترى بعض الأطراف أن حركة النهضة الإسلامية هي من تعرقل صدور قرار حكومي يقضي بحظر نشاط حزب التحرير السلفي, ما رأيكم؟

في نهاية الأمر حزب التحرير ينتمي إلى منظومة فكرية إسلامية, وهذه المنظومة تتمتع بحماية أو بتعاطف أحزاب سياسية تنتمي إلى نفس الفكر, وذلك بقطع النظر عن الخلافات التي قد تحدث بينهم.

هل تثقون في شعار "التونسة" الذي ترفعه حركة النهضة؟ وهل ترون أن الإسلاميين سيفصلون خلال مؤتمرهم المقبل بين مقولات التأسيس ومقولات التوافق؟

أتمنى ذلك لأن هذا الأمر سيكون في مصلحة النهضة ومصلحة الشعب التونسي. خطاب حركة النهضة الحالي يذكرنا بخطابها قبل انتخابات 2011, والذي تعارض مع خطابها وممارساتها لاحقا, أي بعد انتخابات 2011, مما يجعلنا, وبقدر ما نرحب بهذا التطور, بقدر ما نتمنى ألا يكون تطورا ظرفيا محكوما بالظروف التي تعيشها النهضة في الوقت الحالي وطنيا وإقليميا ودوليا.

هل يمكن القول إن ورقة الإسلام السياسي قد انتهت, أو بالأحرى استنفذت مهامها؟

لا أعتقد أن ورقة الإسلام السياسي قد انتهت, بل هي ما تزال موجودة. ورقة الإسلام السياسي لم تعد أولوية في الوقت الراهن, وأصبحت تحوم حولها العديد من الشكوك والتحفظات: علاقتها بالحركات الجهادية المتطرفة, كيفية تصرفها في شؤون الحكم, علاقتها المتوترة بالنخب السياسية وبجزء كبير من مجتمعاتها, وأيضا سقوط الإسلام السياسي في أول انتخابات شعبية.

في رأيكم, هل أنقذ السبسي النهضة عبر التوافق؟

في اعتقادي, التوافق الذي حدث بين نداء تونس والنهضة أنقذ تونس من مواجهة سياسية وأمنية مع الإسلاميين, ولكن هذا التوافق لم يمكن من فض المشاكل الحقيقية لحركة النهضة التي من أهمها المصالحة مع نخب المجتمع التونسي, والمحاسبة على فترة الحكم, إضافة إلى علاقتها بالتنظيمات السلفية الجهادية, وغيرها.

من يحكم تونس اليوم؟ هل هما الشيخان؟ أم أحدهما؟

أخشى أن يكون الجواب ألا جهة بعينها تمسك بجميع خيوط السلطة في تونس.

إذن من يحكم البلاد؟

خليط من الأحزاب والشخصيات السياسية وقوى نافذة.

جدل في تونس حول إمكانية إقالة رئيس الوزراء الحبيب الصيد, فهل هذا السيناريو وارد؟ ومن يدفع إليه؟

هناك من يدفع إلى إسقاط الصيد وحكومته. إسقاط حكومة الصيد موجود في أجندات بعض الأحزاب والشخصيات داخل الإئتلاف الحاكم. أعتقد أن هذا الأمر خطأ لأنه قد يحمل البلاد نحو أزمة سياسية قد لا تخرج منها إلا بانتخابات سابقة لأوانها, خاصة وأن تونس تعيش أزمة أمنية واقتصادية واجتماعية خانقة. الصيد مستهدف وهناك من يسعى إلى إسقاط حكومته.

هل يدفع الإسلاميون نحو إبعاد الصيد؟

لا, حسب علمي.

هل صحيح أن حزب افاق تونس يسعى إلى افتعال الأزمات داخل الإئتلاف الحاكم بغاية إسقاط حكومة الصيد؟ وهل يمكن أن نرى هذا الحزب خارج دائرة الرباعي مستقبلا؟

افاق تونس لديه ملاحظات على العمل الحكومي, ولكن لا علمي لدي بأن لديه أجندا لإسقاط حكومة الحبيب الصيد.

هل تتجه تونس نحو تعديل دستورها؟

ممكن, ولكن تعديل الدستور لا يجب أن يطرح من منطلق التجاذبات السياسية أو المواقف الظرفية المحكومة بالحرب على المواقع. الثابت أن النظام السياسي الحالي ليس النظام الأمثل لتونس, خاصة في ظل الظرف الإقتصادي والإجتماعي والأمني العسير الذي تمر به البلاد, ولكن الثابت أن هذا النظام يفتقد الاليات حتى يكون فاعلا, وهو مجرد واجهة لنظام سياسي يقوم على سلطة الإدارة.

تعديل الدستور يجب أن ينبثق من حوار مجتمعي وسياسي واسع يؤدي إلى إجماع وطني حول هذه المسألة, وهذا يؤكد ما كنا نقوله قبل صدور الدستور بخصوص النظام البرلماني.

يرى مراقبون أن النظام البرلماني هو من جنى على تونس, وأن الأزمة التي تمر بها بلادكم سياسية بإمتياز, بماذا تجيبون؟

من جنى على تونس ليس النظام البرلماني بل هو انعدام الرؤية الإستراتيجية لدى النخب السياسية المتحكمة والنافذة.

كيف تشخصون الوضع الأمني الراهن في تونس؟

الحكومة الحالية تمكنت من الخروج من مطبات أزمات خطيرة كانت تتهدد الدولة, لكن مع ذلك يبقى الخطر الإرهابي قائما ويتعزز أكثر في حال حدثت احتجاجات إجتماعية.

تحسن في مؤشر نمو الإقتصاد التونسي مؤخرا, فهل أن هذا الأمر كاف للخروج من عنق الزجاجة؟

تحسن مؤشر النمو مؤخرا غير كاف, والحل يتمثل في تفعيل الإصلاحات الكبرى في مجالات الإدارة والمالية العمومية والجباية, وغيرها.

وماذا تقولون عن إستشراء الفساد في تونس ما بعد بن علي؟

الدولة التونسية ليس لديها تركيزا على مكافحة الفساد، لا على مستوى القرار السياسي, ولا على مستوى الإسناد السياسي من قبل الأحزاب.

كيف تقرؤون تطورات الملف الليبي بعد تسلم حكومة السراج للسلطة في طرابلس؟

يبدو أن الوضع في ليبيا يتجه نحو إمساك حكومة السراج بدواليب الحكم, لكن على المستوى الأمني ما يزال الطريق طويلا نظرا لأن المليشيات هي من تسيطر على الميدان, إضافة إلى ذلك, فإن شبح التدخل الأجنبي ما زال قائما.

وأية تداعيات محتملة لهذا الوضع على تونس؟

ما لم تحدث تغيرات على الأرض, وما لم تبسط الحكومة الليبية التوافقية نفوذها على الأرض وعلى المعابر الحدودية والأجهزة الأمنية والعسكرية, فإنه لا يمكن الحديث إلا عن استفادة نسبية لتونس. الوضع في ليبيا قابل للتغير في كل وقت.

هل أنتم مع الرأي القائل بأن حكومة السراج هي حكومة الوصاية الأجنبية المفروضة على الليبيين؟

حكومة السراج هي حكومة تعكس عجز الليبيين على حلحلة مشاكلهم الداخلية دون تدخل أجنبي. حكومة السراج حالما تحصل على تزكية برلمان طبرق تصبح حكومة وطنية شرعية بقطع النظرعن الأطراف التي دفعت إلى تشكيلها.

هل سيكون لإخوان ليبيا نصيب في السلطة الجديدة؟ وهل أن هذا الأمر هو بدفع من عدة أطراف إقليمية, من ذلك النهضة التونسية؟

إخوان ليبيا سيكونون في الحكم لأنهم جزء من الشعب الليبي، كذلك هم يمثلون قوة على الميدان مسنودة بالمليشيات, إضافة إلى ذلك هم يمثلون ورقة هامة في المشهد الإقليمي, والمقصود هنا الدور التركي المؤثر أكثر من النهضة.

وماذا بخصوص دور النهضة التونسية في هذا الخصوص؟

دور النهضة هو التأثير في تعامل الدولة التونسية مع حكومة فجر ليبيا بطرابلس, وهي لعبت دورا كبيرا في المفاوضات التي أدت إلى تشكيل حكومة السراج ودخولها طرابلس.