امتد الصراع العسكري في ليبيا إلى جهات أخرى لم يكن لها دخل لا من قريب ولا من بعيد بذلك الصراع، المستشفيات شركة الكهرباء المخابز مختلف اللجان التي كونتها الحكومة ومجلس النواب للإيجاد حلول عند حدوث أي مشكلة في البلاد، معظمها يقف عاجزا عن حل تلك المشاكل، والسبب وراء ذلك هو عدم وجود ميزانية أو سيولة مالية تسير لتلك القطاعات لخدمة المواطن.

انخفاض إنتاج النفط في ليبيا وأحيانا انعدامه بسبب الصراع القائم في البلاد جعل المصدر الأساسي للدخل الليبي يتأثر على مختلف القطاعات التي تعتمد علية كمصدر لصرف المرتبات أو لصرف مختلف ميزانيات القطاعات في الدولة، فضلا عما تعرضت له مختلف الموانئ بالبلاد من أضرار نتيجة الاشتباكات المسلحة سمح هو الأخر بوجود ذلك العجز المالي بميزانية الدولة وأيضا وجو العجز الغذائي وارتفاع أسعار بعض السلع الغذائية في البلاد.

وتشير التقارير إلى أن واردات الغذاء تراجعت بشدة بما في ذلك القمح إلى ليبيا صاحبة أعلى معدل لاستهلاك الخبز للفرد في العالم مع عزوف شركات الشحن الأجنبية عن القيام برحلات مباشرة بسبب تفاقم الاضطرابات.

وتعاني ليبيا من الفوضى في ظل صراع بين حكومتين وانتشار جماعات مسلحة ومن بينها تنظيم الدولة الإسلامية المتشدد الذي هاجم حقولا نفطية. ولا يوجد ما يشير إلى نقص في الغذاء حتى الآن لكن أسعار بعض المواد بدأت ترتفع بسبب زيادة تكلفة التأمين أو بسبب الشحن البري الأعلى تكلفة عبر بلدان مجاورة.

وقال جوناثان موس مدير النقل لدى شركة المحاماة دي.دبليو.إف التي تمثل شركات للتأمين إن المخاطر حاليا باتت شديدة للغاية لدرجة أنه ينبغي لملاك السفن الاتصال بشركات التأمين قبل كل رحلة.

وأضاف “النصيحة الأمنية للسفن التي تزور ليبيا قد تتغير من يوم لآخر، تلقت السفن التي تتنقل عبر البحر المتوسط النصح بأن تظل بعيدة عن المياه الليبية.”

وتصدر ليبيا النفط لكنها تعتمد على الواردات في كل شيء من القمح إلى الحليب لتغذية سكانها البالغ عددهم ستة ملايين نسمة. والخبز قضية بالغة الحساسية حيث لم يجرؤ المسؤولون على المساس بدعمه القائم منذ عهد معمر القذافي. وتبلغ تكلفة الرغيف الواحد ما يعادل سنتين اثنين فقط. وقال مسئولون في فبراير الماضي إن احتياطيات القمح تكفي لسد احتياجات شهرين أو ثلاثة وخفضوا الإمدادات للمخابز.

وبات من الصعب الحصول على الخضراوات وغيرها من الأغذية الطازجة في الجنوب ا بعدما عطل القتال بين القبائل الطريق إلى طرابلس لكن الإمدادات لا تزال جيدة بمتاجر العاصمة وغيرها من المدن الرئيسية.

لكن أسعار الأغذية ارتفعت لا سيما في الشرق حيث أغلق القتال ميناء بنغازي الرئيسي لستة أشهر. ولا يزال ميناء طبرق الصغير مفتوحا لكن الشحنات المتجهة لبنغازي تميل لتجنب الطريق الساحلي الرئيسي المار بدرنة وهي معقل للجهاديين في منتصف الطريق بين المدينتين.

وتنقل وكالة رويترز عن “حسني بي” رئيس مجموعة اتش.بي إحدى أكبر شركات استيراد الغذاء والسلع الاستهلاكية في ليبيا قوله ” إن واردات القمح انخفضت 30 بالمائة هذا العام وإن أحجام المناولة بالموانئ تراجعت 50 بالمائة مع تزايد عزوف البنوك وشركات الشحن الأجنبية عن التعامل مع ليبيا “.

وأضاف أنهم يواجهون أزمة وأن عددا قليلا من البنوك مستعد للتصديق على خطابات ائتمان مصرفي ليبية بسبب المدفوعات المتأخرة. وقال إن صندوقا حكوميا موكلا بتمويل القمح وغيره من السلع الغذائية المدعومة متأخر في دفع مستحقات المطاحن التي تملك فواتير غير مدفوعة بقيمة مليار دينار ليبي بسبب أزمة الماليات العامة للدولة.

ومن المتوقع أن يتراوح متوسط واردات القمح السنوية الليبية بين 1.7 مليون و2.1 مليون طن ومن غير الواضح ما إذا كانت ستلبي احتياجات البلاد في الوقت الحالي. لم يكن الوضع أحسن حالا في العاصمة طرابلس التي يوجد بها حكومة إنقاذ ومؤتمر وطني عام منتهية ولايته حيث أكد مدير إدارة صندوق موازنة الأسعار جمال الشيباني، أن عدم تسديد الحكومة لمستحقات شركات المطاحن هو السبب وراء أزمة دقيق الخبز التي تعاني منها ليبيا حالياً.

وبلغت الديون المُتراكمة لشركات المطاحن العامة والخاصة، ملياري دينار ليبي “حوالي 1.44 مليار دولار”، حسب ما ذكر الشيباني. وأوضح الشيباني أن الاتفاق بين حكومة الإنقاذ الوطني بطرابلس، وشركات المطاحن، يقضي أن تدفع الحكومة 30% من الديون المُرحلة، ومن ثمة يتم فتح اعتمادات مستندية لتوريد الحبوب وأن أزمة نقص الدقيق ناجمة عن عدم دفع مخصصات المطاحن لمدة 18 شهراً. قال الشيباني إنه جرت مخاطبة الجهات المختصة، لدفع جزء من مستحقات اتحاد المطاحن، بغية فتح الاعتمادات من أجل استيراد القمح، “ولكن لم نتلقَّ أي رد”. وكشفت دراسة حكومية بأن استهلاك الفرد في ليبيا من الدقيق يبلغ 144 كيلوغراماً سنوياً وتستهلك ليبيا سنوياً مليوناً و260 ألف طن كطحين للمخابز.

ويشكل دعم المخابز نسبة 51% من الدعم السلعي الذي تقدمه الحكومة ويتحصل السكان الأجانب البالغ عددهم 9% من سكان ليبيا على رغيف الخبز المدعوم. وقال مدير صندوق موازنة الأسعار جمال الشيباني لـصحيفة “العربي الجديد”، إن ليبيا من الدول الأولى عالمياً في استهلاك الدقيق وإن استهلاك الفرد من الدقيق يعادل 12 كيلوغراماً شهرياً وإن هناك ثلاثة كيلو زيادة عن المعدل الطبيعي.

وأوضح بأن ليبيا يوجد بها 4160 ألف مخبز موزعة على مختلف أنحاء البلاد، وأن هناك كميات هدر كبيرة في أرغفة الخبز معظمها يذهب علفاً للحيوانات وتوجد 57 شركة مطاحن. وأشار بأن كميات الدقيق الممنوحة للمواطنين قلصت بعدما تم إلغاء الدقيق الموزع عبر الجمعيات الاستهلاكية بـ 24 كيلو شهرياً للفرد الواحد، وذلك وفق خطة لإلغاء الدعم السلعي واستبداله بالنقدي.

وأضاف الشيباني، أن غالبية مصانع الدقيق على وشك التوقف عن العمل بعد تزايد مستحقاتها لدى الصندوق، مما يجعلها غير قادرة على استيراد قمح من الخارج. وصندوق موازنة الأسعار، صندوق عام، تأسس من أجل تحقيق استقرار في أسعار السلع والخدمات، وتوفيرها بتكلفة مناسبة لجميع المواطنين.

ومن ناحية أخرى، أكدت الدراسات، بأن جلّ المخابز في ليبيا تستخدم حصتها من الدقيق في صناعة الخبز والحلويات وبعضها الآخر في إنتاج خبز موجه أساساً لاستخدامه كعلف حيواني وبعضها مخابز وهمية تقوم ببيع حصتها من الدقيق في السوق السوداء، وتباع في سوق مخصص لها بالقرب من وسط العاصمة بمنطقة سيدي المصري بسعر 5 دنانير للكيس. ويستهلك المواطن الليبي 12 كيلوغراماً شهرياً.