سلط وكيل وزارة الخارجية السابق بالحكومة المؤقتة حسن الصغير، الضوء على الملف الليبي خلال الفترة بداية من توقيع اتفاق الصخيرات في 2015، وحتى الاستعداد لإطلاق قمة برلين حول ليبيا.
وقال الصغير، في ورقة تحليلية بعنوان (ليبيا بين ماضي اتفاق الصخيرات ومستقبل قمة برلين)، خص بوابة إفريقيا الإخبارية بنسخة منها، "أبرم الاتفاق السياسي الموقع بمدينة الصخيرات المغربية، نهاية عام 2015، برعاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا واستضافة من المملكة المغربية، هذا الاتفاق أوجد لينقل الليبيين من حوار البنادق لحوار العقل وليحقق استقرار نسبي يمهد الطريق لمرحلة سياسية مستقرة ودائمة... انبثق المجلس الرئاسي من رحم هذا الاتفاق، كأحد أدوات الحل وهدفه الرئيس إنهاء الانقسام السياسي وإعادة توحيد المؤسسات ومن ثم توحيد الجهود لتحقيق الأهداف الحقيقية لأي حكومة وطنية يهمها مصلحة ليبيا وشعبها، وعلى رأس تلك الأهداف محاربة الاٍرهاب ورفع المعاناة عن المواطنين ومكافحة الهجرة غير الشرعية والتأسيس لدولة المواطنة من خلال رعاية وحماية الانتقال السلمي والسلس للسلطة وفق قواعد دستورية متينة. هذه الأهداف الواردة نصاً وروحاً بالاتفاق السياسي وملاحقه، لم تتجسد كلها أو أغلبها ، إذ اصطدم المجلس مبكراً بجملة من الصعوبات من خارجه وداخله، كرست الانقسام وعززت ازدواجية المؤسسات، بالإضافة للسياسات المنفردة لرئيس المجلس، والتي تمثلت باستئثاره وانفراده بالقرارات المهمة والمصيرية، والأدلة كثيرة في هذا الصدد كقرارات المناطق العسكرية وأمرائها ، وقرارات الاستثمار وتعيين وعزل وزراء مفوضون ورؤساء بعثات دبلوماسية ، علاوة على استئثاره بالشأن السياسي العام والتواصل باسم المجلس وعنه دولياً ، دون مشاركة أعضاء المجلس باتخاذ أي من هذه القرارات المفصلية. والحال كذلك زادت حدة الانقسامات وتهلهلت مؤسسات الدولة، بل زاد التشظي ليطال أدوات الحل نفسها (المجلس الرئاسي) فلا يتصور تحقيق الوفاق وتعزيز السلم مع نهج الاستئثار، ولن تحقق السياسة القائمة على الإقصاء إلا مزيداً من التشتت، كما لن تفلح التحالفات الإقليمية والاعترافات الدولية في إيجاد حلول لمشكلات وصراعات داخلية بعيداً عن الليبيين أنفسهم".
وتابع الصغير، "يوشك المجلس الرئاسي وحكومته على النهاية، والذي تطلع الليبيون كما المجتمع الدولي لأن يكون أداة للحل، وأنصرف الليبيون والمجتمع الدولي في وقت سابق بقيادة البعثة الأممية للتطلع للمؤتمر الجامع، متجاوزين الخروقات الحالية بتنفيذ الاتفاق السياسي، وانصراف كامل اهتمامهم للمؤتمر الجامع، والذي انهار مبكراً قبل أن يبدأ بتراجع السراج عند السير قدماً في اتفاق أبو ظبي والذي كان يمثل حجر الاساس للمؤتمر الجامع".
وأضاف، "تأسيساً على كل ذلك، يجب أن يأخذ الليبيون ومن بعدهم المؤتمرون في برلين الثوابت والاعتبارات التالية والتأسيس عليها وهي: -إن أي حل مرتقب يجب أن يكون استراتيجيا وتكتيكياً ليبي المنشأ، وطني المقصد، محلي الآليات، ودولي التطمينات والضمانات، وهو ما يجب أن يتجسد بل ويفرض على الأدوات والآليات الدولية استباقا من قبل القوى الوطنية الليبية.- عدم الخضوع لأي إملاءات وأجندات مسبقة فيما يتعلق بالحوار وألياته، والتأكيد على أن الدافع والهدف الوحيد للحوار هو وحدة البلاد وسلامة أراضيها ووحدة مؤسساتها المدنية والعسكرية والتشريعية وإنهاء معاناة المواطنين وتحقيق المصالحة الشاملة فيما بين الليبيين.- التأكيد على أهمية التوازن بين سيادة القرار الليبي والانشغال الدولي بالشأن الليبي، وأن الحلول المستوردة والتجارب الاممية المعاد تأهيلها لن تنهي الازمة الليبية بل ستزيد من تفاقمها، وهذا ما فعله اتفاق الصخيرات القائم على محاصصة بين المتصارعين على الشرعية حينها، وهي تجربة يجب ألا يسمح الليبيين بتكرارها بكل ما حملته من مآسي وما تركته من تشوهات. - إن قرار تمديد وتوسيع عمل بعثة الامم المتحدة بليبيا لا يبشر بخير، ويبعث برسائل سلبية جداً، يراد لها أن تلقي بظلالها وتأثيرها على المؤتمر الدولي كما على الأطراف الليبية، وباختصار شديد يجب التأكيد على أن ليبيا ليست لبنان وإن تشابهت الحروف والظروف. - تكون مآلات أي حل ومحطته النهائية انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، تجرى في مناخ أمن ومستقر في بلد مؤمن الحدود وخالي من الجماعات المسلحة والإرهاب".