ككل الدول الإسلامية تتميز تونس ببعض المدن التي للجانب الروحاني فيها مكانة خاصة، حيث تكون للمناسبات الدينية مكانة خاصة يتم الإعداد لها والاحتفال بها بشكل لا يخلو أحيانا حتى من الفلكلور أين تمارس فيها طقوس مميزة يشارك فيها الكبار والصغار وتخصص لها ملابس تقليدية كل واحد يحاول التباهي بنفسه أمام الناس وأصدقائه إلى درجة الغرور أحيانا وهذا يظهر في المدن العتيقة وأساسا في العاصمة أين مازالت للباس التقليدي لدى الكبار قيمة كبيرة.
شهر رمضان يعتبر من المناسبات التي يتم الاحتفال بها في المدن التونسية الكبرى، حيث يستعد الناس بشراء "الجبة" والعطور المستوردة، خاصة من العائلات المتعلمة والتي تتوارث عاداتها في الملبس والثقافة المحافظة أو العائلات التي تُعرف بالـ"بلدية" أي المتجذّرة في المكان منذ قرون طويلة.
العاصمة التونسية من بين المدن التي يتم الاحتفال فيها بشهر رمضان احتفالا خاصا. فالمدينة العتيقة وباب سويقة والحلفاوين وغيرها من الضواحي تجل للشهر الكريم مكانة مميزة. وجود جامع الزيتونة وسيدي محرز وصاحب الطابع وأخرى غيرها ساهمت بشكل كبير في توارث الاحتفال بالشهر الكريم. والمار بهذه الأمكنة سيحس بنفسه أن هناك تغيرا في حياة الناس خاصة ليلا عندما تمتلئ المساجد في صلاة التراويح ويلبس الرجال الجبة والشاشية بتقريطة خاصة، في حين ترتدي النساء السفساري وهو لفافة تضعها المرأة كنوع من الستر المتوارث عن الثقافة المحافظة وهو شبيه بما تلبسه النساء الليبيات والجزائريات في المدن القديمة ما يرجح أنه متوارث عن إحدى الحضارات التي مرت بالمنطقة.
القيروان أيضا من المدن التي يتم فيها الاحتفال بشهر رمضان، خاصة في العشر الأواخر منه، حيث تكون ليلة القدر قبلة للألاف من التونسيين الذين تعودوا على زيارة المدينة لاكتشاف عاداتها وزيارة مسجد عقبة بن نافع الشهير فيها. القيروان التي توجد جغرافيا شرق العاصمة باتجاه الوسط تعتبر عاصمة إسلامية قديمة وكان لها دور كبير في نشر الإسلام شمالا نحو الجزائر والمغرب والأندلس وإفريقيا. ويسميها بعض المسلمين "رابعة الثلاث" بعد مكة والمدينة والقدس بالنظر إلى القيمة الكبيرة التي تحتلها في الوجدان الإسلامي. ولا يزال مسجدها (عقبة بن نافع) منارة شاهدة على هذا التاريخ الذي يفتخر به أهلها إلى اليوم.
مدينة أخرى لها قيمة دينية لكن بطابعها الصوفي وهي مدينة توزر بالجنوب الغربي للبلاد. وهي من المناطق التي تعتبر قبلة لحفاظ القرآن والمتأثرين بالتديّن الطرقي، ويسعى سكانها إلى الحفاظ عليه في مواجهة التيارات المتطرفة التي تريد طمس أثاره. وعلى الرغم من أن أشكال هذا التدين بادية في مختلف أيام السنة لكن في رمضان الأمر يصبح لافتا حتى من خلال الملابس التي يقبل عليها الشباب في إطار الحفاظ على خصوصيات أهلها.