مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر إنتبه العالم بأسره لظاهرة "الأصوليّة الدّينيّة الإسلاميّة" بسبب ضخامة الحدث أولاًّ و هوله ,و ثانيًا بسبب التغطية الإعلاميّة الكبيرة التي حضي بها في اكبر دولة في العالم في كلّ المجالات بما فيها المجال الإعلامي و الدّعائي ,و ثالثًا بسبب التوظيف السياسي للحدث من خلال إرتداداته التي عكستها الولايات المتّحدة و في إطار مشروع "الحرب على الإرهاب" إلى حروب دامية إستهدفت أفغانستان تحت حكومة طالبان المتّهمة بإيواء و دعم تنظيم القاعدة المسؤول على هذه التّفجيرات كما تبنّاها زعيمها أسامة بن لادن ,و حرب أُخرى على العراق المتّهم بإمتلاك أسلحة فتّاكة و علاقات مع القاعدة نفسها .
و بغضّ النّظر عن المواقف السياسيّة المتضاربة حول أحداث 11 سبتمبر و نتائجها و ما خلّفته من مآسي ,فإنّ تفاعل السّينما العالميّة و في إطار دورها الطّبيعي المتمثّل في التّوثيق و المقاربة الفنيّة للأحداث و التي لا تتوقّف ضرورةً عند بعد واحد أو وجه واحد من وجوه المسألة ,كان تفاعلاً كبيرًا و في مُستوى الحدث الذي لم تنحصر تأثيراته عند الواجهة السياسيّة بل تسرّبت لتشمل أعماقًا حضاريًا و تُثير مواضيع متداخلة في الثقافة و الأديان و "صدام الحضارات" و الإقتصاد و الأمن الدّولي و حقوق الإنسان و السّلم العالمي و التّوازن الإستراتيجي ,و بغضّ النّظر أيضًا عن بعض المواقف الفكريّة و حتّى الفنيّة (بما فيها السّينمائيّة) المتطرّفة إتّجاه العرب و المسلمين و التي كانت ردّة فعل مُبالغ فيها أحيانًا على مشاهد حدث دامي راح ضحيّته ألاف المدنيين في مطلع الألفيّة الثالثة ,فإنّ المقاربة السّينمائيّة الهوليوديّة للحدث جاءت متنوّعة و رصدت تأثيراته من زوايا مُختلفة في أفلام كثيرة رُصدت لها ملايين الدّولارات و أخرجتها أسماء كبيرة و شارك فيها نجوم هوليود الكبار :
- الفلم الوثائقي "Fahrenheit 911" للمخرج مايكل مور صاحب النّظرة النّاقدة دومًا للسياسة الأمريكيّة الخارجيّة و توجّهاتها ذات النّزعة الإستعماريّة و إقتصادها الرّأسمالي المنحاز للأغنياء على حساب الفئات الشّعبيّة و الذي تتحكّم فيه الشّركات الكُبرى على رأسها شركات النفط (موقفه من السياسة الإقتصاديّة الأمريكيّة ضمّنه فلمه "الرأسماليّة ,قصّة حب" حيث تناول فيه بالنّقد الأسباب التي أدّت الى الأزمة الإقتصاديّة العالميّة العام 2009 ) , ففي فلمه الوثائقي "فهرنهايت 911" -موضوع الحديث- فقد كرّسه لنقد سياسة بوش الإبن و طريقة وصوله الى الحكم و أحداث البرجين العالميين و حرب العراق و الحرب على الإرهاب و التّداخل بين الإقتصادي/النّفطي و السياسي في صياغة المواقف الخارجيّة الأمريكيّة ,و الفلم هو أحد أهم الأفلام الذي تناول كلّ هذه الملفات بطريقة خارجة على مألوف الخطاب الإعلامي المُرَوَّج موّجها نقدًا لا ذعا و موجعًا للسياسة الأمريكيّ مسفّها الكثير من أطروحاتها حول الموضوع ,و قد حصل الفيلم على أكثر من 26 جائزة عالميّة ,و عند عرضه أوّل مرّة في 2004 بمهرجان "كان" وقف له الجمهور تحت تضفيق طويل ,و أنتج الفلم بمصاريف قيتها 6 مليون دولار ,و حقّق إيرادات تجاوزت 250 مليون دولار .
-الفلم الروائي "United 93" الذي يروي قصّة ما جرى يومها داخل أحد الطّائرات التي إستُخدمت في العمليات إعتمادًا على تقارير لجنة التّحقيق في أحداث الحادي عشر من سبتمبر ,و الفلم هو من إخراج بول غرينغراس ,الذي كان يؤكّد داخل سياق الفلم على الأصول العربيّة لمنفّذي العمليّة من خلال تكراره الدّائم داخل أحداث الفيلم على هتاف "الله أكبر" و هو أوّل فلم أمريكي تناول هذه الأحداث و أنتج العام 2006 .
-الفلم الروائي الطّويل "World Trade Center" و يروي قصّة رجال الانقاذ الذين فقدوا حياتهم تحت حطام المباني وهم يحاولون البحث عن المفقودين بعد عملية التفجير وسقوط البرجين و هو من إخراج أوليفر ستون العام 2006 كذلك .
إضافة إلى أفلامٍ أخرى كثيرة منها Zero Dark Thirty من إخراج كاثرين بيجلو .
السّيمنا المَغَاربيّة و "التطرّف الدّيني" :
كما أنّ الكثير من البلدان في العالم قد عرفت عمليات "جهاديّة" عديدة ,و كثيرٌ منها حصل في بلدان عربيّة و إسلاميّة كان بدوره ردّة فعل على "تواطؤ" حكومات هذه البلدان في الحرب الامريكيّة على الإرهاب و صمتها على ما تعرّضت له أفغانستان و العراق من غزو ,كما إندرجت تلك العمليات في أطر أخرى مختلفة كعولمة الجهاد ,و إنشاء الدّولة الإسلاميّة و محاربة الأنظمة التي لا تُطبّق الشّريعة و ضرب المصالح الأمريكيّة و كلها تقريبا تندرج إمّا في سياق ثأري/إنتقامي أو في إطار خلق بؤر توتّر أو "بؤر ثوريّة" لإنهاك الدّول المُستهدفة و ضرب عصابها الإقتصادي و الأمني ,إضافة إلى ظهور فروع عديدة لتنظيم القاعدة كفرع "الجزيرة العربيّة" و "المغرب الإسلامي" التي قامت بالعديد من العمليات في هذه المناطق ,فالمغرب العربي نفسه لم يكن بمنأى عن هذه الاحداث التي ضربت -مثلاً- في تونس العام 2002 أو ما يعرف باحداث الغريبة التي إستُهدف فيها كنيس الغريبة اليهودي في جزيرة جربة السياحيّة ,او المغرب في أحداث متفرّقة لعلّ اهمها تفجيرات 16 أيّار/مايو 2003 التي راح ضحيتها 12 إنتخاريًا و 33 مدنيًا ,و تفجير مقهى أركانة الذي أودى بحياة اكثر من 15 شخصًا في إبريل 2011 ,إضافة إلى ما تعرفه الجزائر من عمليات لم تتوقّف كتركةٍ ثقيلة من مخلّفات "العشريّة السّوداء" أو كإمتداد لعمليات القاعدة في المنطقة التي إستثمرت كثيرًا و بلا شك المناخ الامني في البلاد و تقاطع مشروعها مع أجندات المجوعات المسلّحة المتحصّنة في جبالها الشمال-شرقيّة الحدوديّة مع تونس و في صحرائها الجنوبيّة الشّاسعة .
و هذه العمليات التي عرفها المغرب العربي و هذا الإنتشار للفكر الجهادي في العقد الأخير كانت من الملهمات لمشاريع سينيمائيّة متنوّعة في هذه البلدان و إن كان الإنتاج من ناحية الكم ليس كبيرًا بما يتوازى مع أهميّة الظّاهرة من النّاحية الفكريّة و الأمنيّة و بالتالي إنعكاساتها الإقتصاديّة و السياسيّة على دول المنطقة ,فمقاربة موضوع "العنف الجهادي" و إنتشار "التشدّد الدّيني" كان من المفروض -لأهميّتها- أن تكون من أولويات المخرجين و المبدعين المغاربة ,و لكن قلّة المُنتج كَمّيًا لا تعني بالضّرورة غياب أعمال متميّزة من النّاحية الفنيّة و الرّؤية الإبداعيّة و التفكيك و الطّرح الفكري ,و يذهب النّقاد بالسبب الكامن وراء قلّة المنتجات السينمائيّة التي تناولت الموضوع بضرورة أخذ المسافة الزّمنيّة اللاّزمة الفاصلة عن تاريخ الأحداث و التروّي و إنتظار وضوح الرّؤية و إكتمالها و هي مسألة تستلزم الكثير من الوقت قد تمتد لعشرات السّنين حتّى يكون العمل بعيدًا عن الإنطباعيّة و متخلّصًا من كلّ تاثيرات اللّحظة بإنفعالتها و تشجّنتها العاطفيّة و متشّيعا بالمعطيات الدّقيقة و الواضحة و هو ما لا يُتاح إلاّ بعد فترة زمنيّة طويلة نسبيًا ,ففي المغرب مثلاً إنتظرنا قرابة العشر سنوات لنشاهد أوّل فلمٍ روائي طويل يتناول بصفة مُباشرة أحداث الدّار البيضاء و هو فلم "يا خيل الله" للمخرج نبيل عيّوش في 2012 ,و الفلم مُقتبس عن رواية "نجوم سيدي مومن" للكاتب و الفنّان التشكيلي المغربي ماحي بنبين ,و "سيدي مومن" هو الحي الشعبي الذي ترعرع فيه و خرج منه منفّذو هجومات 16 مايو الدّامية ,و حيث كان هؤولاء الفتية يمارسون رياضة كرة القدم وسط الفقر و الخصاصة و البؤس و إنتشارٍ للجريمة و المخدّرات و الإنحراف في فريق يحمل نفس إسم الرّواية "نجوم سيدي مومن" ,نبيل عيّوش الذي كتب سيناريو الفلم مُقتبسًا عن الرّواية صحبة الكاتب جمال بلماحي ,إختار شبابًا من الحي نفسه ,و صوّره في حي قريب من نفس المكان له نفس الخصوصيات مما أعطى الفلم الكثير من الواقعيّة و جعله قريبًا من الحدث الأصلي ,حيث و في ذلك الحي و الأحياء المماثلة يستغلّ "المتشدّدون" حالة البؤس الإجتماعي التي يتردّى فيها الشّباب و الفقراء ليجعلوا منهم أسلحة و قنابل في مشاريع "جهاديّة" ينخرطون فيها بعد عمليّة شحن ذهني و نفسي طويلة .
الفلم تدور أحداثه بين عامي 1994-2003 ينتقل بنا بين بيوت أطفال الحي حيث البؤس العائلي و التفكّك الأسري و العنف الأبوي ,و تأخذنا الكاميرا في جولات داخل الحي الشّعبي الفقير و البائس حيث الإنحراف و الجريمة و المخدّرات ,و المخرج إذ يركّز على هذه العناصر بعينها فإنّه يُريد القول بأنّ بيئة كهذه لا يُمكن ان تنتج في النّهاية إلاّ التطرّف أو الشّذوذ الإجتماعي في معانيه المختلفة ,و هو الأمر الذي حصل فعلاً بعد دخول الطّفل "حميد" أحد أبطال الفلم ,السّجن حيث حصل له هناك التّحوّل ليخرج مشحونا بالفكر الدّيني المتشدّد تحت تأثير بعض أفراد مجموعة دينيّة كانوا مسجونين معه ,على الرّغم أنّ المخرج لم يعطي لتلك اللّحظة المفصليّة حقّها سينيمائيّة و لم يُشبّعها زمنيًا داخل أحداث الفلم لنفهمها بعمق أكثر و ندرك أيضًا الدّور الذي يمكن أن يلعبه السّجن كمؤسّسة عقابيّة و كفضاء مغلق معزول في صنع تحوّلات نفسيّة و فكريّة مماثلة ,لتبدأ مرحلة اخرى في حياة "حميد" و رفاقه حيث أقنعهم بافكاره و قناعاته الجديدة خاصة مع تداخل الجريمة و الفقر و البحث عن الحماية في سياق حياتهم مع رغبة المتشدّدين في إستثمارهم "جهاديًا" ,فكانت النّهاية المعروفة و الدّامية و المؤلمة في 16 أيّار/مايو 2003 ,و قد صوّر نبيل عيّوش فلمه بين مدينتي فاس و الدّار البيضاء بكلفة إنتاج قاربت الثلاثة ملايين يورو.
أفلام مغربيّة كثيرة أخرى تطرّقت للموضوع و لكن بصفة متفاوتة بين الإشارة العابرة و التوظيف الجزئي في سياق الأحداث أو الصّورة كفلم "الدّار البيضاء نهارًا" في العام 2004 لمصطفى الدّرقاوي الذي ختمه بمشهد تفجير إرهابي ,و فلم "ملائكة الشياطين" للمخرج أحمد بولان العام 2007 ,و فلم "اليد اليسرى" للمخرج فاضل شويكة التي تتقاطع احد تفاصيل حياة بطله مع تفجيرات كازابلانكا المذكورة ,و الفلم الذّكي للمخرج محمد بنعزيز "قلب مكسور" العام 2010 الذي تناول فيه بطريقة فريدة الجذور الفكريّة للإرهاب و التطرّف الدّيني من خلال حوار بين استاذة فلسفة و طلبتها التي طلبت منهم تلاوة الفاتحة على أرواح ضحايا احداث 16 مايو و لكنّ أحد الطّلبة إمتنع بحجج كانت مادة النقاش الذي اراد الفلم إيصاله كبحث في ذهنيّة التحجّر و التطرّف ,إضافة إلى افلام أخرى كثيرة كفلم "زمن الإرهاب" للمخرج سعد الله عزيز الذي حاول فيه الكشف عن بعض الجذور الإجتماعيّة للإنغلاق الفكري و التّطرّف الدّيني ,لكن يبقى فلم نبيل عيّوش المذكور هو الأكثر عمقًا في مُقاربته السّينمائيّة و الذي إختار له عنوانًا مُثقلاً برمزيّة دينيّة/جهاديّة ترجع الى حديث نبوي شريف تُوظّفه كثيرًا في الجماعات الإسلاميّة في أدبياتها و خطبها المنبريّة و الدّعائيّة و التّعبويّة كالقاعدة -مثلاً- التي تنشر الكثير من الأغاني و القصائد الحماسيّة على بعنوان قريب من عنوان الفلم حيث تردّد دومًا "يا خيل الله إركبي" ,غير انّ ما يؤاخذه النقّاد على نبيل عيّوش هو المقاربة الضيّقة التي عادت بهذه الظّاهرة إلى أصل إقتصادي و إجتماعي فقط مهملاً بصفة كبيرة الجذور الفكريّة العميقة ,و كأنّ الفقر وحده هو من يصنع التطرّف أو كأنّ هذا الاخير لا يخرج فقط إلاّ من مناخات الخصاصة و الحرمان ,فالأمر نسبي في النّهاية ,و إن كانت هذه من الاسباب المهمة التي تنتج الظّاهرة و لكنّها ليست الوحيدة .
النّوري بوزيد "آخر فيلم" و فن صناعة الموت :
المخرج التّونسي النّوري بوزيد صاحب التّجربة السّينمائيّة الكبيرة و صاحب الرّؤية الإبداعيّة الواضحة و المشروع الفكري المتماسك الذي لا يتوافق أحيانًا مع أهواء و افكار الكثيرين ,و بغضّ النّظر عن الموقف من النّوري بوزيد و مشروعه الإبداعي و الفنّي فإنّه كان في كلّ مرّة بجرأته في الطّرح و قدرته على طرق المواضيع الحسّاسة يُثير حوله اللّغط و الجدل بسبب أفلامه أوّلاً و مواقفه ثانيًا ,فمن "ريح السّد" عام 1986 إلى "مانموتش" العام 2012 ,كانت التّجربة السّينمائيّة لهذا المخرج موسومة بخاصية تجاوز الخطوط الحمراء و إقتحام فضاءات المسكوت عنه ,و ما يهمّنا في هذا المقام هو فلمه قبل الأخير الذي أنتجه العام 2006 و سمّاه "آخر فلم" و هي جملة إقتطعها من سياق الفلم حين دمج مشاهد من كواليس الإخراج و حواره مع الممثّلين في سياق البناء السّينمائي ,و هي جملة قالها في أحد اللقطات إحتجاجًا على تردّد بطله "لطفي العبدلي" ("بهتة" في الفيلم) بانّ هذا سيكون "آخر فيلم" في مسيرته الإخراجيّة .
يتناول الفلم قصّة الشّاب "بهتة" يعيش في حيّ شعبي فقير ,و في وضعيّة أسريّة ميزتها العنف الأبوي ,مُغرم بالرّقص و يبحث مع مجموعة من الشّباب عن فضاء يُمارسون فيه هواياتهم من رقص و غرافيتي و غناء تحت ملاحقات رجال الأمن و مضايقاتهم ,الشّيء الذي دفع "بهتة" و أمام إنسداد الأفق الفنّي في وجهه و تبخّر أحلامه إلى البحث عن منافذ للهجرة السريّة ,الأمر الذي دفعه إلى سرقة المال من جدّه كثمنِ لرحلة هجرة سريّة ("الحَرْقَة" باللهجة التّونسيّة) التي لم ينجح في النّهاية في القيام بها بسبب تحيّل المُهرّب الشيء الذي جعله هدفًا سهلاً لجماعة تشدّدة نتيجة الإحباط و إنسداد الأفق ,الجماعة التي شحنته بفكر مغلق و حقنته بالتطرّف ,الأمر الذي حوّله من فنّان يحبّ الرّقص و الفن إلى شحص عنيف و متزمّت ,و كانت النتيجة أن فجّر نفسه في ميناء بحري عقب ملاحقات أمنيّة ,و ربّما يكون في ذلك رمزيّة بين رغبته في الهجرة و نهايته المأساويّة في ميناء بما هو حافة العبور إلى الأوروبا ,أي حافة الحلم القديم .
و الملاحظ أنّ النّوري بوزيد لم يبتعد كثيرًا عن المقاربة التي تعود بمشكلة التطرّف الى أسباب إقتصاديّة و إجتماعية فقط مبتعدًا هُو الآخر عن البحث في الجذور الفكريّة العميقة للظاهرة و الغوص في أسباب أخرى كالتّعليم و الإعلام و غيرها ,لكن و مع ذلك فإنّ الفلم يعتبر أحد أهم الأعمال التي إقتربت بشجاعة كبيرة من مسألة إستقطاب الشّباب إلى الحركات الجهاديّة و غسل الأدمغة و الشّحن الإيديولوجي في إتّجاه الإنغلاق و نبذ الحياة و تقديس الموت و القتل بإسم الدّين .
و رغم كلّ هذا فإنّ المُنتج السّينمائي المَغَاربي الذي تناول هذه المسألة الشّائكة و "الحادثة" مازال ينتظر أعمالاً أخرى ترى الأشياء من زوايا مختلفة و تقطع مع نمطيّة الطّرح و تحاول خاصة البحث في الجذور الفكريّة و التاريخيّة لهذه الظّاهرة التي طفت منذ مطلع الألفيّة الثالثة على المشهد في مجتمع مَغَاربي عُرف عبر التّاريخ بنبذه للعنف و وسطيّته الدّينيّة المتمثّلة في العقيدة الأشعريّة في إطار مذهبي مَالِكي و بقوالب صوفيّة روحانيّة متسامحة على الرغم من وجود "أقليات" لم تعرف في أي حقبة من الحقبات الإقصاء أو الإضطهاد ,فكيف بالحديث عن التّكفير و القتل بين المسلمين أنفسهم .