تعاني ليبيا منذ سنوات من الإنقسامات السياسية والاضطرابات الأمنية، وتتسارع الأحداث علي الأرض في عدة مناطق من البلاد،علي غرار العاصمة الليبية طرابلس،التي تعيش على وقع إحتجاجات مختلفة الأسباب،في وقت مازال التوتر الأمني يسود المدينة التي تسيطر عليها المليشيات المسلحة التابعة لفصائل عدة، منها السياسي والعسكري.
إلي ذلك، جابت العاصمة الليبية طرابلس مساء الأحد مظاهرة نددت بالتدخل الإيطالي في ليبيا وبرئيس المجلس الرئاسي فايز السراج.وحمل المتظاهرون لافتات مطالبين فيها بخروج القوات الإيطالية من البلاد وعدم تدخل أمريكا في الشأن الداخلي، حيث أغلقت مجموعة من شباب عددًا من الطرقات.وهتف المتظاهرون الذين جابوا شارع عمر المختار وساحة الشهداء "يا سراج يا جبان لا لا للطليان"، وحملوا لافتات ضد ما أسموه الغزو الإيطالي المسيطر على إقليم طرابلس.
وبحسب "إرم نيوز"،فقد نشرت المليشيات التابعة لحكومة الوفاق قواتها في محيط الوزارات والمباني الحكومية خشية المتظاهرين.وأصدر قائد مليشيا كتيبة ثوار طرابلس بيانًا يقضي بمنع المظاهرات، بدعوى الوضع الأمني.فيما قال مصدر ليبي لـ "إرم نيوز"، إن هذه المظاهرة أتت لرفض التدخل الإيطالي السافر في شؤون الدولة الليبية وزيادة تعقيد المشهد.
وأضاف المصدر الذي فضل عدم كشف هويته، أن تحركات السفير الإيطالي داخل الدولة الليبية بشكل مثير واستفزازي وتصريحات وزراء دولة إيطاليا فيما يتعلق بالسيادة الليبية واستخدام وتدويل ملف الهجرة مريب ويدعو للشك بأن هناك مؤامرة تحاك ضد الدولة الليبية ويساعدهم على ذلك بعض الخونة من الداخل.واعتبر أن تصرفات إيطاليا في الفترة الاخيرة تحمل العديد من الرسائل التي يصعب التكهن بها والتي قد تؤدي إلى تحريك عامة الشعب الليبي في الشارع.
** رفض للتدخّل الخارجي
وتأتي هذه الإحتجاجت الشعبية ضد التدخل الخارجي في ليبيا،بالتزامن مع إحتجاجات أخرى رافضة لقرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بتكليف الرائد عماد الطرابلسي بمهام رئيس جهاز الأمن العام.حيث نظم عدد من المتظاهرين من بينهم أفراد تابعين للمليشيات المسلحة، احتجاجات أمام مقر مجلس رئاسة الوزراء تعبيرا عن رفضهم لهذا القرار، وطالبوا بإلغائه فورا.
وأخلت قوات الحرس الرئاسي التابع للمجلس الرئاسي، مقر مجلس رئاسة الوزراء بطريق السكة في طرابلس، وذلك تجنبا لأي مواجهات مسلحة قد تحدث خلال هذه الاحتجاجات.ونقلت وسائل إعلامية عن شهود عيان، أن طرابلس تشهد تحشيدا أمنيا وعسكريا على خلفية تكليف الرائد عماد الطرابلسي بمهام رئيس جهاز الأمن العام والتمركزات الأمنية.
في المقابل، أكد وزير الداخلية المفوض بحكومة الوفاق الوطني، عبد السلام عاشور، أن الوضع الأمني أمام ديوان رئاسة الوزراء بطريق السكة طبيعي ولا وجود لأي توتر أمني، موضحا أن عدداً من العسكريين التابعين لإدارة الأمن المركزي قد احتجوا أمام المقر وجرت تسوية الإشكالية، بحسب تصريحاته لوسائل إعلام محلية.
** العاصمة في دوّامة الإشتباكات
من جهة أخرى،مازالت العاصمة الليبية تعيش علي وقع الإشتباكات المتجددة بين الميليشيات المسلحة،حيث شهد حي ابوسليم بالعاصمة طرابلس، عصر السبت 07 يوليو 2018، اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بين مليشيات مسلحة يقودها عبد الغني الككلي المشهور بـ"غنيوة الككلي" وأخرى يقودها محمد المشاي المشهور بـ"بوعزة المشاي"، ادت إلى إغلاق عدد من الشوارع بمنطقة طريق المطار.
وأدت الإشتباكات إلى سقوط قتلى وجرحى في الاشتباكات من ضمنهم امر سرية الدعم والاسناد ابوسليم "بوعزة المشاي"،الذي قالت وسائل إعلامية إنه، فارق الحياة فى مستشفى أبو سليم للحوادث عقب نقله له مصاباً فيما أشارت مصادر إلى أن مسلحين اقتحموا المستشفى وقتلوه داخل غرفة العناية المركزة.ونعى الاعلامي والاذاعي من قبيلة المشماشية علي موسى المشاي في منشور له على فيسبوك،بوعزة المشاي، مؤكدا بذلك خبر مقتله في الاشتباكات.
يشار إلي أن أبوعزة وهو الذراع الأيمن السابق لغنيوة ،وتشير التقارير إلى إن سبب الاشتباكات بين الحليفين السابقين هو محاولة غنيوة إخلاء مقر شركة ريبسول إضافة الى إتهام أبوعزة بالتخطيط لـ"مؤامرة انقلابية" ضد قوات غنيوة وكلاهما تابعان لداخلية الوفاق التابعة لحكومة السراج. وجرت الاشتباكات التي سُمِعَ دويُّها في كل أرجاء طرابلس بحي أبو سليم قرب مواقع سيطرة مليشيا غنيوة الككلي.
وتشير تقارير إعلامية إلي حشد للجماعات المسلحة،التي تسعي للإنتقام لمقتل محمد أبوعزة المشاي.وتعيش العاصمة منذ سنوات على وقع تهديدات بإمكانية نشوب اشتباكات مسلحة جديدة بين الميليشيات المسلحة، التي تتنافس للسيطرة عليها،في استكمال لمسلسل الصراع على العاصمة والذي بات جزءا من المشهد الليبي العام.
** تفاقم ظاهرة الإختطاف
على صيد آخر،تعاني العاصمة الليبية،من ظاهرة الإختطاف والتى تستهدف جميع الفئات دون إستثناء.وآخر هذه العمليات اختطاف مدير الإدارة العامة للأمن المركزي في حكومة الوفاق، العميد محمد الدامجة،،الإثنين 09 يوليو 2018،من أمام منزله في العاصمة الليبية طرابلس.وقال مصدر رفيع في وزارة داخلية الوفاق لمراسل بوابة إفريقيا الإخبارية في طرابلس، إن الاتصال انقطع مع العميد محمد الدامجة،مرجحا خطفه أثناء مروره بمنطقة جنزور.
ونقلت "إرم نيوز"،عن مصدر أمني،تأكيده اختطاف العميد الدامجة، دون تقديم مزيد من التفاصيل، في حين تتردد أنباء عن أن المجموعة الخاطفة تتبع لمليشيا كتبية ثوار طرابلس، التي يقودها هيثم التاجوري.وكان الدامجة قد اشتكى في لقاء مع نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معتيق عقد قبل أيام، من العراقيل والصعوبات التي تعيق عمل الإدارة، ما أدى إلى ضعف أداء منتسبي الإدارة بسبب نقص الدعم.
وتمارس الكتائب والميليشيات المسلحة فى العاصمة طرابلس بطشها بالمواطنين الليبيين وخطف وابتزاز كل من يعارضها الرأي،حيث اختطف مجهولون أحد مؤسسي حراك صوت الشعب بطرابلس عبد المهيمن المعاوية الشهير بـ"الرمانة".وسبق ذلك إختطاف مؤسس الحراك محمد البوعة، على خلفية احتجاجات بمنطقة رأس حسن لاخراج ميليشيا "باب تاجوراء"،التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق،والتي وسبق أن إرتبط إسمها بإعتداءات على ناشطين في العاصمة الليبية.
كما تم الاعتداء من قبل مسلحين على منزل عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فتحي المجبري، بغية اختطافه أو اغتياله.والمجبري من مدينة أجدابيا الليبية، وكان قد أصدر بيانا قبيل ذلك أيد فيه قرار القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر بشأن تسليم المواني النفطية للمؤسسة الوطنية للنفط في بنغازي.
** طرابلس تحت جكم الميليشيات
وتسيطر الجماعات المسلحة على السلطة الفعلية في الشارع في طرابلس منذ العام 2011،وينتقد مراقبون ما آلت إليه الأوضاع الأمنية في العاصمة طرابلس لتساهل المجلس الرئاسي ولجنة الترتيبات الأمنية المنبثقة عنه مع هذه الجماعات وعدم تطبيق ما جاء في بنود الاتفاق السياسي بخصوصها.
ويعتمد المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق،على ميليشيات لتأمين مقراته، وقد كشف بحث حديث أن الوضع السياسي والاقتصادي في ليبيا، بات في قبضة تحالف لميليشيات العاصمة أطلق عليه البحث اسم "كارتل طرابلس"، بدعم من حكومة الوفاق ومجلسها الرئاسي.وبحسب مركز "سمال آرمز سيرفي" للدراسات، فإن "كارتل طرابلس" أصبحت شبكة إجرامية تضم ميليشيات أهمها ما يعرف باسم "قوة الردع الخاصة" بقيادة عبد الرؤوف كارة، و"كتيبة ثوار طرابلس" بقيادة هيثم التاجوري، و"كتيبة أبوسليم" التي يتزعمها "اغنيوة"، بالإضافة إلى "كتيبة النواصي" بزعامة علي قدور.
وتبقى العاصمة الليبية بحسب المراقبين،أسيرة للصراعات والإشتباكات وغياب الأمن،مع تواصل وجود الميليشيات التي تتمركز فى عدة أحياء مختلفة ماجعل أغلب سكانها يعيشيون على وقع الخوف الدائم،وهو ما دفع لخروج عدة احتجاجات شعبية على تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية،والمطالبة بخروج الميليشيات من المدينة.