تعاني ليبيا منذ سنوات من الإنقسامات السياسية والاضطرابات الأمنية،التي أدخلت البلاد فى دائرة مفرغة من الفوضى كرست لإنتشار الصراعات والحروب المتواصلة،وآخرها الاشتباكات المستعرة التي تشهدها العاصمة الليبية طرابلس منذ أيام،والتي تنذر بتصعيد مخيف بعد أن بات المدنيون في مواجهة مخاطر مضاعفة جراء ويلات الحرب والنزاعات المسلحة.
إلى ذلك،أفادت تقارير اعلامية،الأحد 14 أبريل، أن ثلاثة مدنيين قتلو في قصف لطائرة تابعة لميليشيات طرابلس، استهدف مقر شركة في منطقة عين زارة جنوب شرقي العاصمة الليبية، موضحة أن القتلى الثلاثة يحملون الجنسية السودانية.
وتداولت وسائل اعلام مقطع مصور أظهر الدمار الذي لحق بمقر شركة لمستلزمات الإنتاج الزراعي وسيارات مواطنين كانت بالقرب منها، جراء القصف الجوي لميليشيات طرابلس.ويظهر في الفيديو مواطن ليبي، يبدو أنه من العاملين بالشركة، يقول إن "الطائرة التي قصفت الشركة خرجت من القاعدة الجوية في مصراتة.
ونقل موقع "ارم نيوز" عن مصدر محلي في منطقة "النواحي الأربعة"،قوله إن الطائرة ألقت حمولتها بمجرد اقترابها من الأحياء السكنية، ولم تصل لتمركزات الجيش.وأكد شهود عيان من المنطقة، أن الطائرة أصابت مقرًا لشركة أهلية وخلفت 3 قتلى من العمالة الوافدة السودانية، كانوا يقومون بحراسة في المبنى، علاوة على إصابة 4 من موظفي الشركة بجروح متفاوتة.
من جهته،أعلن الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية، أحمد المسماري، أن طائرات استهدفت منازل المواطنين ومقرات عامة وخاصة في منطقة عين زارة وقصر بن غشير في ضواحي طرابلس الشرقية.وقال المكتب الإعلامي للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، "إن طائرات المليشيات الارهابية وبعد اقلاعها من مطار مصراته استهدفت مقر لشركة في منطقة قصر بن غشير وقتلت أربعة أشخاص من الجنسية السودانية".
ويشن الطيران التابع لحكومة الوفاق غاراته انطلاقًا من مطار الكلية الجوية بقاعدة مصراته، وسبق لهذا الطيران شن عدة غارات في عدة مواقع من ضواحي طرابلس، وكان الناطق الرسمي للجيش الليبي اللواء المسماري أكد وجود طيارين مرتزقة ضمن طياري قاعدة مصراته.
وعرض المسماري خلال مؤتمر صحفي،السبت صورا لطيارين اثنين، قال إنهما يحملان جنسية غربية، ساهما اليوم بقصف معسكر للجيش الوطني الليبي ومناطق مدنية آهلة بالسكان.وقاد أحد الطيارين مقاتلة من نوع "ال 39"، وضرب مناطق آهلة بالسكان في محيط طرابلس، كما تسبب في "جرائم" الجمعة، حسب ما أكد المسماري.
ودان برلمانيون ليبيون،في بيان لهم،الجمعة، قصف طيران تابع للكلية الجوية في مدينة مصراتة منازل المدنيين وقوات الجيش الوطني في ضواحي طرابلس،مؤكدين أن هذه الأعمال تعتبر جرائم حرب.ولفت البرلمانيون في بيانهم إلى أنه،"ولأول مرة في تاريخ العالم، تمتلك ميليشيات إرهابية طائرات حربية تقلع من قواعد عسكرية، وذلك لاستهداف قوات الجيش الليبي التي تحارب الإرهاب في العاصمة الليبية".
من جهة ثانية،تحدثت صحيفة "الشرق الأوسط" عن تزايد المخاوف الدولية والمحلية من وضعية المهاجرين غير الشرعيين المحتجزين في مراكز للإيواء، تديرها حكومة الوفاق الوطني بالعاصمة الليبية طرابلس، تضم قرابة 20 ألف مهاجر، وذلك بسبب تزايد حدة الاقتتال، وتوقف إمداد بعض المراكز بمواد الإعاشة، ما دفع بعضها للجوء إلى "أهل الخير" لتوفير الطعام لهم.
ونقلت الصحيفة عن مصدر بجهاز مكافحة الهجرة بالعاصمة،قوله إن "غالبية مراكز احتجاز المهاجرين الواقعة في طرابلس مُعرضة في أي وقت للقصف"، لكنه لفت إلى أن "السلطات في الجهاز لن تتركهم للنيران العشوائية... ويتم نقل المحتجزين المضارين إلى أماكن بديلة".
وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه،الجمعة، أنه جرى في السابق نقل 150 مهاجراً من مركز احتجاز عين زارة بجنوب طرابلس، إلى مرفق التجمع والمغادرة بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عندما اقتربت الاشتباكات من مقرهم.
وتسارعت وتيرة العمليات العسكرية مع اشتداد المواجهات المسلحة بين قوات الجيش الوطني الليبي والقوات التابعة لحكومة الوفاق،وسط محاولات لاخراج المدنيين من مناطق الاشتباكات.
وفي هذا السياق،أكدت جمعية الهلال الأحمر الليبي-فرع طرابلس، تواصل عمليات الإخلاء للمدنيين العالقين في مناطق الاشتباكات بالعاصمة.وأوضحت الجمعية، أنه تم إخلاء 6 عائلات بالتحديد من منطقة عين زارة (الكحيلي) وتسليمهم لذويهم بسلام، كما تم إخلاء 24 عائلة من داخل مناطق الاشتباكات بمنطقة السواني.
وأعلنت "منظمة الصحة العالمية" الأحد أن 121 شخصا على الأقل قتلوا وجرح 561 شخصا منذ بدء العمليات العسكرية لتحرير العاصمة الليبية في الرابع من أبريل/نيسان.فيما تحدث "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" عن نزوح 13 ألفا و500 شخص بينهم 900 تم استقبالهم في مراكز إيواء.
وتتزايد المخاوف من سقوط ضحايا في صفوف المدنيين،وأكد المتحدث باسم الأمم المتحدة في جنيف، ريبال ليبلانك، في مؤتمر صحافي سابق، أن "الأمم المتحدة تواصل الدعوة إلى هدنة إنسانية للسماح للمدنيين بالوصول إلى خدمات الطوارئ، بمن فيهم الجرحى، في مناطق النزاع".
فيما أكد المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، خلال لقاء جمعه مع رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج،الجمعة، رفضه التام لأي اعتداء على المدنيين والمنشآت المدنية الذي يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي، مؤكداً أن الجهود لم تتوقف لإنهاء هذه الحرب.
وتلقي هذه التطورات بظلالها على العاصمة الليبية التي تعاني منذ سنوات من تغلغل المليشيات المسلحة ذات التوجهات المختلفة.وقد مثلت المدينة ساحة حرب بين هذه المليشيات المدعومة من أطراف خارجية والتي تسعى للسيطرة على مقاليد السلطة ومد نفوذها في البلاد بهدف استنزاف ثرواتها.
وكان المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، قال، السبت، إن تركيا متورطة في معركة طرابلس بإرسالها للسلاح والعتاد للإرهابيين عبر مالطا.وخلال مؤتمر صحفي، أكد أن الجيش الوطني الليبي يخوض معركة مع الجماعات الإرهابية، التي تحصل على إسناد مباشر من تركيا.
وأوضح المسماري أن هناك قوارب تبحر من تركيا محملة بالسلاح والعتاد والإرهابيين، تمر بمالطا وصولا لمصراتة، مضيفا " تنقل رحلات جوية من تركيا مقاتلي النصرة السابقين ممن قاتلوا في سوريا باتجاه ليبيا".كما أشار إلى تزايد أعداد الإرهابيين الأجانب في ليبيا، موضحا: "نتوقع في الأيام القادمة وقوع عمليات انتحارية وتفخيخ، ولكن قواتنا الوطنية المسلحة قادرة على التعامل معها".
وبدوره طالب المتحدث باسم البرلمان الليبى، عبد الله بليحق، مجلس الأمن الدولى بضرورة رفع قرار حظر تسليح الجيش الليبى المفروض عليه منذ عام 2011.وقال بليحق ـ في تصريح لقناة "العربية الحدث" الإخبارية،السبت إن "الدول الداعمة للارهاب تمد المليشيات والمنظمات الإرهابية في ليبيا بأحدث الأسلحة والمعدات، مما يؤدي إلى تقوية هذه الجماعات أمام قوة الجيش الوطني فمن الضروري تسليح القوات المسلحة من أجل القضاء على الإرهاب في البلاد".
وأضاف أن المليشيات المسلحة ستقف عائقا أمام الاستحقاقات الانتخابية المقبلة لذلك نتطلع لإنهاء تواجد كافة التشكيلات المسلحة في البلاد.مشيرا إلى أن القوات المسلحة حققت انتصارات كبيرة في شرق وجنوب البلاد خلال الفترة الماضية بعد القضاء على عدد كبير من الإرهابيين المطلوبين دوليا من تنظيمي القاعدة وداعش.
وقال رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح، خلال كلمة ألقاها، إنه عقب سيطرة الجيش الليبي على العاصمة طرابلس سيتم تنظيم الانتخابات في البلاد مباشرة، مشيراً إلى أن حكومة الوفاق تحت سيطرة المجموعات المسلحة في طرابلس تحت أنظار البعثة الأممية.وأكد صالح أن مهمة الجيش الليبي في طرابلس محددة وواضحة، وتتمثل في الدفاع عن الديمقراطية ودولة المؤسسات، عبر التخلص من التنظيمات الإرهابية والجماعات الخارجة عن القانون الذين نهبوا ثروات الشعب الليبي.