تحت عنوان "التاريخ العثماني.. تصحيح مصطلحات ومفاهيم. العرب نموذجاً" نظمت وحدة الدراسات التاريخية وعلم الآثار في المعهد العالمي للتجديد العربي، ندوة رقمية عبر تطبيق زووم (Zoom) في تاريخ 5 أكتوبر 2020 بإدارة رئيس وحدة الدراسات التاريخية وعلم الآثار أ.د محمد مظفر الأدهمي، وقام بتقديمها أستاذ التاريخ العثماني في جامعة اليرموك – الأردن أ.د وليد العريض، بحضور كل من رئيس المعهد د. خضير المرشدي، ونائب رئيس المعهد لشؤون الوحدات الفكرية والتخطيط الاستراتيجي أ. سميرة رجب، ونخبة من رؤساء الوحدات الفكرية والتنفيذية وعدد من أعضاء المعهد.
وأوضح الأدهمي خلال الندوة، أن الدولة العثمانية قوة مؤثرة في آسيا وأوروبا خلال عصر الإمبراطوريات الكبرى قبل الحرب العالمية الأولى، مشيراً إلى أن السلاطين العثمانيين الأوائل تمكنوا من بناء قوتهم ودولتهم في آسيا الصغرى بعد اعتناقهم الإسلام في عهد عثمان الأول في القرن الثالث عشر الميلادي، مستفيدين من الفراغ السياسي الذي ولده ضعف السلاجقة والبيزنطيين، وتوسعوا في أوروبا وتمكنوا من فتح القسطنطينية عام 1453، لافتا إلى أن ذروة التوسع بلغت لدرجة أنهم هددوا عاصمة الإمبراطورية النمساوية فيينا، ثم اتجهوا للسيطرة على الوطن العربي بعد الانقلاب الاستراتيجي العسكري الذي أحدثه السلطان سليم الأول، مبينا أن هناك عوامل ساعدت على تأجيج النزاع بين العثمانيين والمماليك وبما يخدم استراتيجية سليم الأول في احتلال الوطن العربي، أبرزها موقف سلطان المماليك غير الودي من العثمانيين في حربهم مع الصوفيين.
الأستاذ في قسم التاريخ بجامعة اليرموك أ.د وليد العريض، أضاف أن التاريخ العثماني يعد الأكثر إثارةً للجدل، قائلا :"من المفاهيم المهمة جداً أنه لا يوجد في التاريخ العثماني ما يسمى بالأتراك والعرب"، لافتاً إلى أن ذلك لم يرد في أي وثيقة تاريخية، وأن مصطلح العرب الذي يرد في القاموس العثماني تعني "الأعراب البدو في الباديات" وأطلق هذا اللقب على شبه الجزيرة العربية، كما يرى العريض أن هناك محاولات لإثارة الفتنة بين الشعوب الإسلامية باسم العثمانيين، وأن كثير من الأوروبيون عندما لا يستطيعون نقد الإسلام نقداً مباشراً فإنهم ينتقدون الدولة الإسلامية، أي إنهم ينتقدون الإسلام من بابٍ آخر، ومع هذا كتب وبين كثير من المستشرفين عيوب الدولة العثمانية إلا أن هنالك بعض المستشرفين الكبار قد أشادوا بالدولة العثمانية بقوتها واتساعها وحضارتها.
كما أشار العريض إلى أنه لم تذكر في الوثائق والمصادر العثمانية أي قومية أو بمعنى النفس القومي مهما صغر، ولم يفكر العثمانيين بمحو أي قومية من القوميات، قائلا :"هذه الألفاظ القومية غير موجودة، حتى الأرمن الذين كان لهم مشكلة كبيرة مع الدولة العثمانية كانوا يشكلوا ثلث موظفي القصر... وختم العريض محاضرته مبينا أنه منذ بداية الاستعمار الأوروبي وحتى عام ١٩١٨ كانت هناك مجموعات تحاول زرع بذور الفتنة ما بين العرب والأتراك، وقدم مثالًاًّ على ذلك بأن الثورة العربية من منظور الأتراك تختلف تماماً عن مفهوم سياسة الدولة العثمانية تجاه أشراف مكة؛ فلا بد من احترام النسب الشريف، واستمرارية الدعم المادي لأمراء مكة وأشرافها وتأمين احتياجاتهم، وعدم إخضاعهم لأي نوع من العقوبات مهما بلغ جرم أحدهم، وأوضح بأن هناك ثوابت سياسية تجاه الأشراف في منح أكبر عدد منهم منصب الإمارة سواء بالوكالة أو بالأصالة وتعود. وأرجع العريض أسباب هذه السياسة إلى أن استئثار أحدهم بالسلطة لمدة طويلة يمنحه الفرصة الكافية لاستخدام نفوذه على أقربائه، إضافةً إلى عدم منح أمراء مكة بالتفكير بالانفصال عن جسم الدولة، ومن الأسباب أَيْضًا ضمان ولاء جميع فروع العائلات من الأشراف والأمراء في بلاد الحجاز واتباعهم، والمحافظة على التقاليد الموروثة المتوارثة في مراسم تعليم أمراء مكة.