افتتح العاهل المغربي الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس بعد ظهر الجمعة الدورة العشرين للجنة القدس بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس والوفد الفلسطيني المرافق ومبعوثين عن الولايات المتحدة  الامريكية والدول العربية والاسلامية والامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي
  وفي كلمته امام الحضور قال العاهل المغربي أن هذه الدورة " تأتي في ظل تراجع ملحوظ، في التضامن مع القضية الفلسطينية، سواء من حيث الدعم السياسي والمادي، أو على المستوى الإعلامي " مضيفا "    غير أن انعقاد هذا الاجتماع يعد خير دليل على إرادتنا المشتركة، في مواصلة الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وعن الهوية العربية والإسلامية للقدس الشريف.
وأضاف أن الأمر يقتضي بلورة مقترحات جدية وعملية، والإقدام على مبادرات واقعية، مع ضمان وسائل تنفيذها، وآليات تمويلها 'ذلك أن القضية الفلسطينية، بما فيها القدس الشريف، هي قضية الأمة الإسلامية جمعاء'.
وتابع: أن الأمر مسؤولية كبرى، أمام الله والتاريخ، مذكرا بالجهود المبذولة من قبله بتشاور مع الأشقاء والشركاء للدفاع عن الطابع العربي والإسلامي للقدس، وصيانة هويتها الحضارية، كمهد للديانات السماوية، ورمز للسلام والتعايش بين الثقافات .
ودعا العاهل المغربي إلى تعبئة قوية للوسائل والإمكانات الذاتية، وتسخيرها للدفاع عن مدينة القدس المحتلة، باعتبارها قضية الأمة الإسلامية جمعاء.
وقال إن المساعي الدبلوماسية على أهميتها، لا تكفي وحدها لتغيير الوضع على الأرض، مؤكدا حرصه 'على تعزيز عمل لجنة القدس، بتكثيف وكالة بيت مال القدس الشريف لأعمالها الميدانية، التي لها أثرها المباشر والملموس في تحسين ظروف عيش المقدسيين'.
وأوضح أن الوكالة قامت، تحت إشرافه، بإنجاز العديد من المشاريع، التي تهدف للنهوض بالتنمية البشرية لأهل القدس، لتوفير سبل العيش الكريم لهم، ودعم صمودهم في وجه المضايقات الرامية لدفعهم لمغادرة أرضهم وممتلكاتهم بالمدينة المقدسة.
وأضاف أن الوكالة تبذل، بتعاون مع مختلف المؤسسات الرسمية بالدول الإسلامية، والمنظمات الأهلية لدعم القدس، مجهودات دؤوبة للنهوض بقطاع التعليم والتكوين، من خلال صيانة المؤسسات التربوية، وشراء المباني وتحويلها إلى مدارس، وتشجيع تديرس الأطفال، كما تقوم بتحفيز الأنشطة الاقتصادية المدرة للدخل القار، ولفرص الشغل، وإصلاح وتجهيز المرافق الصحية، وإنجاز البرامج السكنية، وتوفير المرافق الاجتماعية والثقافية، خاصة لفائدة الشباب.
وخص بالذكر ترميم المركز الثقافي المغربي، بقلب المدينة المقدسة، الذي تم إنجازه بتمويل كامل من المغرب.
و في مجال الحفاظ على الموروث الديني والثقافي للقدس، أبرز رئيس لجنة القدس أن الوكالة تعمل جاهدة على صيانة المسجد الأقصى المبارك، وباقي الأماكن المقدسة والمعالم الحضارية، وتسعى للتصدي لإغلاق المؤسسات الفلسطينية الحيوية، ولمصادرة الأراضي والممتلكات بهذه المدينة السليبة.
 وذكر أن وكالة بيت مال القدس الشريف قامت في إطار مواصلة هذا النهج التضامني، ببلورة مخطط خماسي، للفترة الممتدة من 2014 إلى 2018، مضيفا أن الوكالة حرصت، لتوفير شروط النجاح لهذا المخطط، على إعداد دراسة دقيقة لمختلف المشاريع التي تعتزم إنجازها، مع تحديد آجال تنفيذها، ووسائل تمويلها.
وقال إن 'طموحنا يتجاوز بكثير الإمكانات المحدودة، التي تتوفر عليها الوكالة، بسبب ضعف المساهمات المنتظرة في ميزانيتها'، داعيا إلى تعبئة قوية للوسائل والإمكانات الذاتية، وتسخيرها للدفاع عن مدينة القدس المحتلة، باعتبارها قضية الأمة الإسلامية جمعاء.

وأكد أن القدس هي جوهر القضية الفلسطينية، وأنه لا سلام دون تحديد الوضع النهائي للقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة.
وحذر الملك محمد السادس من خطورة تهويد القدس بالقول " ان حماية المدينة المقدسة من مخططات التهويد، ودعم المرابطين بها، لن يتأتى بالشعارات الفارغة، أو باستغلال هذه القضية النبيلة كوسيلة للمزايدات العقيمة    بل إن الأمر عظيم وجسيم، يتطلب الثقة والمصداقية، والحضور الوازن في مجال الدفاع عن المقدسات الإسلامية ،     كما يقتضي بلورة مقترحات جدية وعملية، والإقدام على مبادرات واقعية، مع ضمان وسائل تنفيذها، وآليات تمويلها. ذلك ان القضية الفلسطينية، بما فيها القدس الشريف، هي قضية الأمة الإسلامية جمعاء.
واضاف العاهل المغربي في كلمته "  نواصل مساعينا ومشاوراتنا الدبلوماسية، في مختلف المحافل والمناسبات، لحث المجتمع الدولي، على تحمل مسؤولياته كاملة تجاه معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق،    وفي هذا الصدد، عبرنا ، مؤخرا، لقداسة البابا وللأمين العام للأمم المتحدة ، عن انشغالنا العميق، بخصوص عزم الفاتيكان توقيع اتفاقية مع اسرائيل ، حول الوضع القانوني لممتلكات الكنيسة في القدس المحتلة .
وفي شأن السلام مع اسرائيل بين العاهل المغربي أن " تحقيق السلام رهين بتنفيذ إسرائيل لالتزاماتها، ولا سيما منها خارطة الطريق، التي اعتمدها الرباعي الدولي، وأقرها مجلس الأمن فضلا عن الآفاق التي تفتحها مبادرة السلام العربية ، مضيفا "بقدر ارتياحنا لمنح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو بالأمم المتحدة، فإننا ندعو لتفعيل جميع القرارات الأممية ذات الصلة بالقدس وبالقضية الفلسطينية عموما"
كما اشار الملك محمد السادس الى وجوب تحقيق مصالحة فلسطينية معتبرا ان ذلك بمثابة حجر الزاوية في تقوية الموقف الفلسطيني قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس: إن القدس هي البداية والنهاية، ومفتاح السلام، والقلب النابض لدولة فلسطين وعاصمتها التاريخية الأبدية، وينبغي أن تكون العُنوانَ المركزي والأساس في علاقات الدول العربية والإسلامية مع مختلف دول العالم.

الرئيس الفلسطيني يحذر من جسامة الاخطار التي تهدد القدس

و في كلمته امام المشاركين حذر الرئيس  الفلسطيني محمود عباس فمن جسامة الأخطار التي تتهدد القدس والأقصى هذه الأيام، مشددا على حجمِ المسؤوليةِ الملقاة على عاتق الجميع للدفاع عن المدينة المقدسة ، وقال عباس " لم يكن الأقصى في مرمى التهديد كما هو الآن، فالاحتلال الإسرائيلي يُسَرِّعُ وبشكل غير مسبوق، في تنفيذ ما يعتبرهُ المعركةَ الأخيرةَ في حربه الهادفةِ لمحو وإزالة الطابع العربي الإسلامي والمسيحي للقدس الشرقية .
وأوضح أن سلطات الاحتلال تواصل العمل لتحقيق هدفها النهائي المتمثل بتهويد القدس بالعمل على محاولة تغيير معالم وبنية المشهد المقدسي بأدق تفاصيله، وإحلالِ مشهدٍ مُغايرٍ يخدم أوهامَ الخُرافاتِ وغَطرسةَ القوة، وتنفيذ مخطط تطهير عرقي ضد الفلسطينيين لجعلهم أقلية في مدينتهم، لهم صفة المقيم فقط، مقابل تعزيز الوجود اليهودي ببناء المزيد من المستوطنات، كذلك إفقار المدينة المقدسة وتدمير بنيتها التحتية وضرب مواردها الاقتصادية.
وأكد عباس أنه في مواجهة كل ذلك، ينبغي أن  نركز  على أن تكون  القدس العُنوانَ المركزي والأساس في علاقات الدول العربية والإسلامية السياسية والاقتصادية مع  مختلف دول العالم.
وقال: يجب السعي لتعزيز البنية التحتية للمجتمع المقدسي عبر تبني المشاريع المخصصة لدعم المؤسسات التعليمية والصحية والاجتماعية والثقافية ومساعدة مختلف قطاعات الاقتصاد في القدس للبقاء والنمو والتطور لدعم صمود المقدسيين .
وستشكل هذه الدورة  التي تستمر يومين مناسبة لتحديد رؤية موحدة للبلدان الإسلامية وبحث الوسائل والآليات الكفيلة بالتصدي للمحاولات الإسرائيلية الرامية لتهويد وطمس معالم مدينة القدس الشريف التاريخية والحضارية والإنسانية وللخروقات السافرة والمتكررة التي تمس طهارة وقداسة المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، الذي يحظى بمكانة خاصة في قلوب المسلمين كافة.