أكد عضو مجلس النواب الدكتور محمد عامر العباني أن الإعلان عن وقف إطلاق النار في ليبيا جاء تنفيذا لتوجيهات السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند مضيفا في حوار مع بوابة إفريقيا الإخبارية أن وقف إطلاق النار في ليبيا متوقف فعليا منذ شهرين تقريبا.
إلى نص الحوار
في أي سياق قرأت إعلان مجلس النواب والمجلس الرئاسي وقف إطلاق النار؟
ما أعلناه رئيسا مجلس النواب والمجلس الرئاسي، جاء تنفيذا لما تلقياه من أوامر صدرت لهما من قبل السفير الأمريكي، الذي تنادي بلاده بسرت وجفرة منزوعة السلاح، وإعادة إنتاج النفط وتصديره، وقد صاغ كل منهما هذه الأوامر بالطريقة التي تحفظ ماء وجهه، وأعلناه على عجل صبيحة يوم عطلة رسمية متخذان من وقف إطلاق النار ستارا لما يخفيانه من أهداف خبيثة، في وقت أن إطلاق النار مُتوقف منذ شهرين مضيا أي منذ إعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن سرت والجفرة خطا أحمر.
برأيك لماذا أعلن رئيسا مجلس النواب والمجلس الرئاسي وقف اطلاق النار بشكل منفصل... لماذا لم يخرج الطرفين معا للإعلان عن الاتفاق؟
حتى يتمكن كل منهما على حدة من صياغة بيانه بالكيفية التي تحفظ ماء وجهه وتبرير قبول ما جاء في بيانه بإسلوبه الخاص في التدجيل والكذب على متابعيه من أجل إرضاء السفير الأمريكي التي تتأجج الحملة الانتخابية في بلاده.
لم يتمكن الجانبان من الخروج معا وإصدار بيان مشترك واحد، لأنهما لم يمنحا الوقت الكافي للقاء ومناقشة الموضوع والوصول إلى توافقات، بل كان مطلوبا منهما تنفيذ توجيهات السفير الأمريكي، فكانا في عجل من أمرهما وهذا ما تؤكده الصياغة الركيكة وإستعجالهما في إصدار بيانيهما حتى قبل إنقضاء العطلة الرسمية في البلاد.
وهذا ليس البيان الأول ولا الأخير لوقف إطلاق النار، ولن يكون مصيره أفضل مما سبقه بالرغم من أن ما تضمننه بياني الجهتين من رغبة في وقف إطلاق النار إلا أن إطلاق النار مُتوقف منذ حوالي شهرين، وبالتالي فإن البيانان لم يأتيا لوقف إطلاق النار ولكن يبدو أنهما يهدفان إلى تحقيق غايات لإرضاء أمريكا، ولم يجرأ الطرفان عن الإفصاح عنها، بالرغم أن الرئاسي كان أكثر جرأة في بيانه.
القرار يأتي بعد يومين من زيارة وزيري الدفاع التركي والقطري لطرابلس ما دلالات ذلك؟
من ضمن أهداف زيارة وزيرا دفاع تركيا وقطر نقل الأوامر الأمريكية للرئاسي، وإبلاغه بضرورة الموافقة على الخطة الأمريكية بجعل مدينتي سرت والجفرة مناطق منزوعة السلاح ليسهل على القوات التركية والمليشيات الإخوانية التي تديرها قطر الدخول لهاتين المدينتين بعد أن تعذر دخولها عنوة.
برأيك هل تستطيع حكومة الوفاق الوفاء بهكذا تعهد؟
ما يسمى حكومة الوفاق المنبثقة عن اتفاق الصخيرات غير المشرعن محليا، وغير الحائزة على ثقة البرلمان السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة من كل الليبيين، ومنتهية الصلاحية بموجب الاتفاق الذي تستند على أحكامه منذ 2017م. لا عهد ولا ميثاق لها، وكذلك فإن رئيسها لا يملك أمره، فالقرار تمتلكه المليشيات الإرهابية والإخوان المسلمين المدعومين من تركيا وقطر، وما يعلنه السراج ويلتزم به إنما هو التزام مؤقت تحركه مصالح المليشيات، وتثبيت وقف إطلاق النار والدخول في السلم والمصالحة أمران لا تقبلهما المليشيات لأنهما يؤديان إلى إنهاء المليشيات ذاتهاَ.
برأيك ما الفرق بين هذا الاتفاق وباقي الاتفاقات الأخرى التي تم الإعلان عنها والإخلال بها؟
لابد من التمييز بين الاتفاق وبين الإعلان، ففي الاتفاق تلتقي إرادتين على إحداث فعل أو الامتناع عنه، وترتيب حقوق والتزامات بين أطرافه، أما الإعلان فهو تصرف أحادي بإرادة منفرة على القيام بشيء معين أو الامتناع عنه، وهو غالبا ما يكون التزام أدبي غير الاتفاق، ومن استقراء اتفاقات ومواثيق حكومة الوفاق نجد أنها لم تكن قادرة على الالتزام بما اتفقت عليه، فإذا كانت لا تلتزم بالمواثيق والعهود الملزمة قانونا وعرفا، فإن عدم الالتزام بإعلاناتها وهي غير ملزمة، يكون أسهل عليها، فإنها لن تتردد أبدا في اختراقها وعدم التقيد بها.
بالرغم من الإعلان عن وقف القتال إلا أن تركيا تواصل إرسال المرتزقة لليبيا.. لماذا برأيك؟
تركيا تقَوم بتهديد السلم والأمن الدولي، وتسعى لاغتصاب ثروات الشعوب في محاولة يائسة لتجاوز الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها وخاصة انهيار قيمة ليرتها، وما يحلم به رئيسها من إعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية والخلافة الإسلامية ومدى ارتباطه الوثيق بتيار الإخوان المسلمين، ذلك كله شجع النظام التركي على التعامل مع السلطة المغتصبة للسلطة في الغرب الليبي وتقديم الدعم العسكري لها بموجب ما أبرمه معها من اتفاقات باطلة تمثلت في الأمن المشترك وترسيم الحدود البحرية، فتركيا التي تهدف للوصول إلى مكامن النفط والغاز الليبي، تواصل جهودها العدوانية بما تستجلبه من مرتزقة إرهابيين من اجل الوصول إلى الهلال النفطي الخاضع للجيش الليبي المؤيد من مصر والتي أعلن رئيسها بأن سرت والجفرة خط أحمر، وبالرغم من فشلها في الوصول إلى الهلال النفطي، فإنها تعمل من خلال المبادرة الأمريكية بنزع السلاح من سرت والجفرة ليسهل لها الوصول إلى مكامن النفط والغاز الليبي واستغلاله لدعم إقتصادها المتهاوي.
في أي سياق قرأت ردود الفعل الإقليمية والدولية على إعلان وقف القتال؟
ما أصدرته الدول الإقليمية من ترحيب بما جاء في الإعلانين، إنما هو ترحيب بوقف إطلاق النار الذي يصبغ الإعلانين ويزينهما ويخفي المثالب الحقيقية لهاتين الإعلانين وما يضمرانه من شر يحاق بالشعب الليبي وثرواته
برأيك ما فرص نجاح الانتخابات التي تحدث المجلس الرئاسي عن إمكانية إجراءها مارس المقبل؟
جاء الإعلان عن الانتخابات في شهر مارس القادم من سلطة غير منتخبة أتى بها اتفاق لم يشرعن محليا، ولم تتحصل على ثقة البرلمان الليبي السلطة الشرعية الوحيدة المنتخبة، والذي لو افترضنا جدلا شرعية الاتفاق السياسي المنبثقة من رحمه هذه الحكومة، ودعمه بقرار مجلس الأمن رقم 2259. فإن هذا الاتفاق قد حدد مدة العمل به لمدة سنة تجدد لسنة ثانية، ولو أخذنا بعين الاعتبار بأن هذا الاتفاق الذي اكتسب صفة الديمومة قد تم توقيعه بتاريخ 17 ديسمبر 2015 مما يجعل السلطة التي أتى بها هذا الإتفاق سلطة غير شرعية ومغتصبة للسلطة ومنتحلة للصفة بعد مرور عام واحد على توقيع الاتفاق السياسي، والغريب أن تعرض سلطة غير منتخبة إجراء انتخابات، فأين نحن من قول فاقد الشيء لا يعطيه، أم أننا في زمن لم تعد للمعايير فيه معنى.