لا يزال العراقيون ومع انتظارهم موجة احتجاجات واسعة جديدة، محرومين جزئياً من إمكانية الدخول لوسائل التواصل الاجتماعي، حتى بعد عودة الهدوء النسبي إلى الشارع الذي شهد احتجاجات أسفرت عن مقتل أكثر من 110 أشخاص، وجرح أكثر من 6000 آخرين، الأمر الذي يكشف عن حجم الرعب الذي ينتاب المسؤولين، من شبكات التواصل الاجتماعي، ووكالات الأنباء التي تنشر بعض المقتطفات عما يحدث، فضلاً عن فشل الإعلام الحكومي والموجه، فيما تسبب قطع الخدمة في الكثير من الخسائر الاقتصادية، لاسيّما مع انتشار طريقة البيع من خلال الإنترنت، وانتقال الأسواق إلى البيوت، بطريقة العرض والتوصيل.
وكشفت مصادر اقتصادية ومنظمات غير حكومية متخصصة في الأمن السيبراني، عن أن الخسائر التي تكبدها الاقتصاد العراقي بأكمله، تصل إلى 951 مليون دولار، حيث عادت خدمة الإنترنت في بغداد، وعموم المحافظات، بشكل جزئي بعد حجب وقطع استمر عدة أيام إثر التظاهرات التي شهدتها البلاد، وهذا يشمل فقط سبعة أيام، أما القيود المفروضة منذ 12 يوماً على شبكة الجيل الثالث للهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي فتكلف نحو 10 ملايين دولار يومياً.
وقال أحد مؤسسي منظمة «نيتبلوكس» في بغداد، إن عمليات البيع أونلاين متوقفة منذ 15 يوماً، لأنّها تعتمد خصوصاً على وسائل التواصل، وهناك أكثر من 15 ألف صفحة للمبيعات على الأقل في العراق تبيع عادة بين 10 و15 طلباً يومياً بقيمة 50 ألف دينار للطلب الواحد، أي عشرات ملايين الدولارات حتى اليوم، مشيراً إلى أنّ الركود طاول النساء المعيلات، والفتيات اللواتي لا يمكنهن العمل خارج المنزل في بلد محافظ كالعراق.
ويرى مراقبون أن الحكومة تتعامل باعتبار الإنترنت منحة يمكن تزويدها أو حجبها وقتما تريد، مشيرين إلى أنّ معظم مشاكل قطاع الإنترنت في العراق تأتي من التدخل السلبي للحكومة.
وأضاف المراقبون: «من غير الممكن فصل الإنترنت عن متطلبات الحياة في العراق، كل مفاصل الحياة، والسياسة جزء من هذه المناحي، وليست كلها، وليس خافياً أن الإنترنت وسيلة صناعة الرأي والمحرك الأكبر للجماهير، وخير مثال على ذلك ما يجري في العراق حالياً، ولعل أسوأ ما يمكن أن يحصل لحرية الرأي والتعبير هو هيمنة الحكومة على هذا القطاع، والسيطرة عليه تعني السيطرة على حياة الأمة كلها».