تمرّ كلّ من تونس وليبيا، منذ حوالي 8 سنوات على سقوط النظامين السابقين، بمرحلة صعبة ودقيقة تتميّز ببطء عملية استعادة العافية الاقتصادية والأمنية في الأولى وتفكّك أجهزة الدولة واحتدام الصراع بين الفرقاء السياسيين في الثانية، في فترة مازال فيها التونسيون والليبيون مع اختلاف الظروف بين البلدين يتحسّسون طريقهم الصعب نحو المستقبل خاصة في ظل مرحلة إنتقالية غير مستقرة.
فرغم التقاء البلدين حدوديًا على شريط يبلغ طوله 459 كيلومترًا، ورغم الانسياب التجاري خاصة في منطقتي بن قردان والذهيبة، فإن العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين بعدم الإستقرار في مختلف المراحل.
قبل الفاتح من سبتمبر 1969، اتّسمت العلاقة بين ليبيا وتونس بالهدوء والاستقرار النسبي، وانقلب الوضع مع حلول السبعينات، فبعد فشل تجربة الوحدة عام 1974، تم طرد 14 ألف عامل تونسي، ثم دخل بورقيبة والقذافي في حرب إعلامية.
دخلت العلاقات التونسية الليبية مرحلة هدنة وهدوء خلال حوالي ربع قرن من حكم الرئيس السابق بن علي، إذ ساند النظام الليبي وصول بن علي الى السلطة وعمل نظام بن علي على كسر الحصار المفروض على ليبيا من قِبل المجتمع الدولي.
إثر تغير أنظمة البلدين سنة 2011،لم تكن العلاقة واضحة بين البلدين نتيجة لحالة الفوضى التي شهدتها ليبيا و إنقسام السلطة بين مختلف المناطق إلا أنه خيط التعاون و التواصل لم ينقطع.
إذ أفاد عمر الباهي وزير التجارة التونسي، بأنَّ هناك مؤشرات إيجابية لعودة العلاقات التجارية بين تونس وليبيا، موضحا أنه من المرجح خلال الفترة القادمة عقد مبادرات ثنائية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، من خلال تنظيم بعثة أعمال تونسية إلى ليبيا.
وأشار الباهي، إلى أن اجتماع القمة العربية المقرر عقده نهاية الشهر الجاري في تونس، سيكون حاسما لإزالة العوائق، وتحقيق التقدم في الشراكة الاقتصادية العربية.
ولفت الباهي، إلى أنَّ تونس ستسعى خلال أعمال القمة العربية إلى مواصلة توطيد العلاقات الثنائية مع العديد من الدول.
من جانب آخر،اتخذت وزارة الاقتصاد الليبية قرارا بالسماح للتجار التونسيين بتوريد سلع لا تزيد قيمتها اليومية عن 10 آلاف دينار ليبي في أواخر شهر فبراير، هذا القرار يسمح للتونسيين بعبور الحدود نحو ليبيا أكثر من مرة يوميا، شرط عدم تجاوز السلع الموردة المبلغ المحدد.
وحول نوعية السلع المسموح بتوريدها، فإن المواد التموينية المدعومة من الحكومة الليبية ستكون مستثناة من قائمة المواد التي سمحت ليبيا بتوريدها.
مؤخرا،دعت الحكومة التونسية رجال الأعمال الليبيين إلى الاستفادة من امتيازات الاستثمار في البلاد، في إطار مساعيها لعودة التبادل التجاري مع ليبيا إلى مستويات 2011.
في وجه آخر لتعاون البلدين،اختتمت في العاصمة التونسية، اليومين الماضيين، فعاليات دورة التدريبية بعنوان "أساسيات أمن الطيران"، المنفذة في الأكاديمية التونسية للتدريب
وذكرت إدارة مطار بنينا الدولي، أن الدورة جاءت بناءً على الاتفاقية المبرمة مع الأكاديمية التونسية للتدريب للقيام بمجموعة برامج تدريبية لصالح مصلحة المطارات في مجالي الأمن والسلامة، باعتبارها المركز الإقليمي لمنظمة الطيران المدني الدولي في تونس.
وأضاف أن الدورة شارك فيها عدد 32 متدرب من موظفي مصلحة المطارات ومطارات بنغازي وطرابلس ومعيتيقة ومصراته والابرق وطبرق وغات واوبارى وغدامس والجفرة والكفرة وتمنهنت والزنتان وزوارة وسبها.
في هذا الصدد،يشير مراقبون أن العلاقات بين البلدين تتخذ بعدا إستراتيجيا بالأساس يصل إلى درجة إرتباط المصائر حيث لا يمكن لليبيا أن تتقدم دون حضور تونسي قوي و العكس صحيح فضلا عن أن العلاقة تتجاوز البعد البراغماتي إذ أنه العلاقة تكتسي طابعا وثيقا يظهر من خلال الترابط الأسري فرغم سحب الصيف العابرة التي تشوب العلاقة فإنه تظل متينة لا محالة.