لم يغب عن بال الأردن ومن خلفه الخارجية المصرية وممثل ليبيا في مجلس الأمن الدولي، أن الغرب والولايات المتحدة الأمريكية وفي جرابهما قطر، لن يوافقوا على مشروع قرار يطالب برفع حظر التسليح على الجيش الليبي.. لكن كان يحدوهم الأمل..

إرهاب "داعش" الذي بدأ مؤخرا عملياته الدموية في ليبيا، لم يكن ليثني بريطانيا وأعوانها عن حظر تزويد ليبيا بالمساعدات الأمنية الضرورية، في خطوة للضغط على حكومة عبد الله الثني واللواء خليفة حفتر لقبول خيارات التوافق مع حكومة الإسلاميين الموازية ومؤتمرها العام..

ليبيا التي تجني ثمار الشوك الذي زرعه العقيد الراحل معمر القذافي في 2011 بعد شنه حملة لقمع المحتجين، تقف اليوم بين كفي الرحى.. فالليبراليون بدعم من الجارة مصر لا يرون في حكومة عمر الحاسي وميليشيات فجر ليبيا إلا وجها من أوجه الإرهاب، وفي المقابل يصر الغرب على التوافق، حتى وإن كانت الميليشيات تضم "أنصار الشريعة" المصنفة على قائمة الإرهاب..

قالت بريطانيا، الخميس، إن ليبيا بحاجة إلى حكومة موحدة قبل أن يمكن لمجلس الأمن الدولي أن يغير حظرا على السلاح من أجل تجهيز الجيش الليبي على نحو أفضل لمقاتلة "تنظيم الدولة" ومتشددين أخرين.

ووزع الأردن، العضو بمجلس الأمن مسودة قرار في المجلس المؤلف من 15 عضوا، الأربعاء، تدعو إلى رفع الشروط على استيراد الحكومة الليبية، المعترف بها دوليا، للأسلحة وتحث على تزويدها "بالمساعدة الأمنية الضرورية".

وقال وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، أثناء زيارة إلى مدريد: "المشكلة هي أنه لا توجد حكومة في ليبيا فعالة وتسيطر على أراضيها. لا يوجد جيش ليبي يمكن للمجتمع الدولي أن يدعمه بفعالية".

وأضاف هاموند: "الشرط الأول يجب أن يكون إنشاء حكومة وحدة وطنية، ثم يجب أن يتكاتف المجتمع الدولي على وجه السرعة حول تلك الحكومة ويضمن أن يكون لديها الوسائل للتعامل مع الإرهاب" الذي يشكله المتشددون.

عطلت الأردن، عضو مجلس الأمن، يوم الجمعة الماضي، إصدار بيان للمجلس، يدعم الحل السلمي للأزمة السياسية والمؤسساتية في ليبيا، ويستبعد الحل العسكري.

وتقدمت بريطانيا بالبيان ووزعته على الدول الأعضاء بالمجلس، محددة الساعة الرابعة عصرا بتوقيت نيويورك لصدوره، إذا لم تعترض عليه أي دولة عضو، إلا أن اعتراض الأردن في اللحظات الأخيرة، منع صدوره.

ونص البيان الذي لم ير النور، على أن أعضاء مجلس الأمن "يدعمون بشكل الكامل الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، برناردينو ليون"، ويحثون جميع الأطراف في ليبيا على "المشاركة البناءة مع جهوده لتسهيل التوصل إلى حل سياسي للتحديات المتزايدة التي تواجه ليبيا".

ووفق البيان ذاته، يؤكد أعضاء المجلس في بيانهم على "الحاجة الملحة لتهديدات الإرهاب والأزمة السياسية والأمنية المستمرة، تتطلب الاتفاق علي وجه السرعة على تشكيل حكومة وحدة وطنية، على أساس جداول زمنية واضحة".

وتابع البيان أنه "لا يوجد حل عسكري للأزمة السياسية في ليبيا"، وكرر الدعوة إلى "وقف إطلاق النار الفوري وغير المشروط، والذي يحظى باحترام وتأييد من قبل جميع الأطراف في ليبيا".

ويبدو أن قطر لم ولن تغادر معسكر أمريكا، ففي الوقت الذي اجتمع فيه العرب خلال جلسة الجامعة العربية على ضرورة تسليح الجيش الليبي وتثمين الضربة الجوية المصرية في درنة، تحفظت الدوحة على الفقرة الثانية من البيان، والخاصة بالضربة الجوية التي وجهتها القوات المسلحة المصرية ضد مواقع تنظيم داعش الإرهابي في مدينة درنة الليبية"، وعلى العبارة الأخيرة من الفقرة الخامسة التي تنص على "رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي".

أكد إدريس الطيب، المستشار الإعلامي للمندوبية الليبية بجامعة الدول العربية، أن "مواجهة الإرهاب لا تكون بالإدانة فقط، ويجب رفع حظر تسليح الجيش الليبي حتى يتمكن من مواجهة الإرهاب".

وقال الطيب، في مداخلة هاتفية ببرنامج "غرفة الأخبار" على قناة "أون تي في" يوم الخميس الماضي، إن "الولايات المتحدة الأمريكية تخلط بين أمرين، وهو أن الحل السياسي يكون بين خصوم سياسيين وليس بين الدولة وبين جماعات إرهابية تريد التدمير".

وأضاف الطيب أن "أمريكا ترفض تسليح الجيش الليبي خوفا من استخدامها ضد الخصوم السياسيين وهو أمر خاطئ، ومطالبتها بوجود حكومة قوية من أجل السماح بتسليح الجيش الليبي هو وضع للعربة أمام الحمار"، مشددا على ضرورة مرور قرار تسليح الجيش الليبي بمجلس الأمن وأي قرار مخالف سيعتبر عملا عدائيا للجيش الليبي.

ذكرت قناة "روسيا اليوم" يوم الجمعة الماضي أن الإدارة الأمريكية طلبت من السعودية مساعدتها في الدفع باتجاه المصالحة بين الحكومة المصرية والإخوان المسلمين، حسبما كشفت عنه مصادر دبلوماسية غربية.

وقالت المصادر، إن "الإدارة الأمريكية أبلغت القاهرة وعددا من الأنظمة الخليجية الداعمة لها، أنها لا تعتبر أن "الإخوان بأي حال مثل داعش".

وطلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، خلال زيارته الأخيرة للسعودية، من الملك سلمان الوساطة بين الحكومة المصرية والإخوان للتوصل إلى حل يرضي كل الأطراف، حسب نفس المصادر.

وأكدت المصادر الغربية أن الإدارة الأمريكية على يقين من أن استمرار الإجراءات المصرية ضد الإخوان غير مبرر ولن يقود إلى أي حل بل سيعقد الأمور.

وأضافت المصادر الغربية أن الولايات المتحدة تصر على عدم إقصاء الإخوان و"أن هذه المحاولات ستأتي بردود عكسية بما في ذلك تعزيز فكر داعش بأن لا مكان للإسلام السياسي الوسطي في الديمقراطية".

وحسب يومية التحرير فإن هذا الموقف الذي يتخذه البيت الأبيض، يعكس بشكل واضح موقف واشنطن وحلفائها بضرورة تشكيل حكومة موحدة في ليبيا يمثل الإخوان المسلمين فيها بشكل كبير، مما يضفي عليهم نوعا من القانونية والشرعية، وهي المساعي التي تفسر إلى حد كبير تصريحات المسئولين الأمريكيين والبريطانيين بأن "الحل العسكري لن يجدي نفعا في ليبيا".