س : 1 : كيف تابعتم جرائم الحرب التي ارتكبها الإحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، وما هو السر في تدني الموقف العربي العام في الوقت الذي اتخذت فيه بعض الدول اللاتينية اجراءات صارمة تجاه اسرائيل احتجاجاً على هذا  العدوان الغاشم؟

  ما حصل في غزة هو جريمة حرب، قامت بها دولة عضو في الأمم المتحدة ولها علاقات مع دول العالم، والمفترض فيها أن تكون ملتزمة بالقانون الإنساني والقانون الدولي وقانون الحروب، ولكن رأينا جيش حديدي يعتبر واحداً من أقوى جيوش العالم، يقوم بحرب صاعقة ووحشية على مدينة مسالمة، هي مدينة غزة المحاصرة التي يحتاج أهلها إلى الدواء والطعام، وإلى مقومات الحياة، وعوض أن يقوم الاحتلال بالواجب الذي يفرضه عليه القانون الدولي، وهو حماية الشعب الواقع تحت الاحتلال، فإذا به يفرض عليه الدمار والموت فيهدم نصف المدينة ويهجر نصفها الآخر ويقتل نحو 2200 شخصاً، ويجرح أكثر من 10 آلاف، وقد كان ربع القتلى من الأطفال والشيوخ والنساء، والغريب في الأمر أن دول العالم بقيت صامتة، ولم تحرك ساكناً، ومجلس الأمن أيضاً لم يحرك ساكناً، كما المنظمات الدولية. صحيح أن الرأي العام العالمي اهتز ونحن نقدّر وسائل الإعلام الحرة التي نقلت للعالم جرائم الاحتلال الوحشية ونقدّر ضمائر الشعوب الحرة التي خرجت في مظاهرات في مختلف بلاد العالم تطالب بوقف العدوان وتصرخ بوجه الصهاينة، ونقدر أيضاً مواقف الدول اللاتينية التي سحبت سفراءها. وفي ذات الوقت نندد بالدول الأخرى، العربية والغير عربية التي وقفت صامتة، وفي الحديث الشريف "الساكت عن الحق شيطان أخرس" وهنا لا بد أيضاً أن نشيد بصمود الفلسطينيين في مواجهة هذه الوحشية التي استمرت أكثر من خمسين يوماً وهم صامدون، وقد استطاعوا بفضل صمودهم أن يفشلوا المخطط الإسرائيلي الذي كان يريد احتلال غزة وتجريد المقاومة من سلاحها، ولا شك أنه فشل في ذلك فشلاً ذريعاً. لذلك، نحن نهنئ شعب غزة على انتصاره على هذا العدوان، ونحي صموده في مواجهة الوحشية الإسرائيلية وندعو دول العالم أن تستيقظ ضمائرها، وأن تدرك أن السياسة أخلاق أو لا تكون، وليست مجرد مصالح حتى ولو كانت على حساب الشعوب الضعيفة.

 

قلتم في لقاء سابق: "لقد تخلينا عن الحكم وغادرنا السلطة لأن الأهم هو تونس" .. هل يمكن اعتبار أن هذا هو المفتاح أو السر في نجاح حركة النهضة في تونس؟ 

تونس الآن متجهة قدماً تجاه استكمال مسارها الإنتقالي، بعد أقل من شهرين ستجرى ثاني انتخابات حرة في تونس، ونحن ما يهمنا قبل كل شيء في هذه الإنتخابات أن تفوز الديمقراطية، بمعنى أن تجرى هذه الإنتخابات بموعدها وأن يشارك بها الجميع، وأن يقبل الجميع بنتائجها، هذه هي مصلحة تونس، مصلحة تونس في نجاح الخيار الديمقراطي، ومن أجل ذلك نحن تركنا الحكومة، عندما رأينا أن بقاءنا في الحكومة، كان يهدد المسار الإنتقالي، واستقرار البلاد والديمقراطية، لذلك نحن اعتبرنا أن أهم من أن تبقى النهضة في السلطة، أن يكون البلد آمناً، حراً، مستقراً، وأن يتجه إلى استكمال مساره الإنتقالي، لإجراء الإنتخابات الحرة النزيهة وهذا الذي حصل، لذلك حين سؤلنا لماذا تركتم السلطة التي وصلتم إليها بانتخابات، وتتركونها الآن بلا إنتخابات، قلنا: "تونس أغلى عندنا من السلطة" ونحن نعتبر أن النهضة هي الحزب الأقوى في البلاد، والحزب الأكثر تنظيماً، واستعداداتنا جيدة للذهاب إلى الإنتخابات المقبلة، ونقدر أن تونس ماتزال تحتاج إلى حكومة وفاق وطني، وسواء نجحنا نحن أو نجح غيرنا، المهم أن تنجح الديمقراطية، وأن تقوم في تونس حكومة إئتلاف وطني، حتى تشترك جميع الأحزاب في تحمل مسؤولية البلاد.

 

س : 2: كيف تقيم تجربة حركة الإخوان المسلمين في مصر؟ 

الإخوان في مصر وصلوا إلى الحكم بالديمقراطية والإنتخابات، واقصوا بنهج غير ديمقراطي وغير شرعي، وقد كانت لهذا النهج  نتائج وخيمة وسلبية على مصر وعلى المنطقة العربية. آمل أن يتم تصالح عام يعيد إلى مصر الإنتظام والوحدة الوطنية ويضمد ما يمكن تضميده من جراحات ما زالت مفتوحة حتى هذه اللحظة، ففي الديمقراطية تقع أخطاء ويتم إصلاح هذه الأخطاء بالديمقراطية عن طريق صناديق الإقتراع، حتى ولو كانت سابقة لأوانها، وليس بالإنقلاب على نتائج الإنتخابات.

س :3 : ذكرت لنا أنك ستحل ضيفاً علينا في الصين، هل يمكن أن تحدثنا عن أهداف هذه الزيارة؟

ستكون زيارتي للصين خلال الشهر الجاري بإذن الله، وذلك لتوطيد العلاقة بين الصين والعالم العربي والعالم الإسلامي، ولنقول أن تونس علاقاتها الخارجية ليست ذات بعد واحد، وليست مقصورة على البعد الغربي، تونس منفتحة على كل العالم، والصين تعتبر من أعظم دول العالم، بل أكبر دولة في العالم، ونحن نتطلع حقيقة إلى إقامة علاقات قوية وإستراتيجية مع الصين.

مجلة صوت العرب - الصين