أعلن  راشد الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة الإسلامي في تونس  عن بدء وساطة بين الفرقاء السياسيين في ليبيا وقال  في تصريحات صحفية أن "هناك بداية للاتصال مع زعماء ليبيا من أجل الإسهام في إجراء حوار وطني بين كل الفرقاء الليبيين توصّلاً إلى توافق، وإلى وضع المسار الانتقالي الليبي على طريق النجاح الديمقراطي".
وعن ما تم إنجازه بهذا الشأن، قال الغنوشي "نحن لا نزال في بداية الطريق" ،غير أن النظر الى الوضع الليبي والفاعلين فيه يؤكد أن المسألة لا تتعدّى أن تكون فرقعة إعلامية ، وأن الغنوشي لا يمكنه لعب دور الوسيط بين الفرقاء الليبييين لأسباب عدة منها تحالفه المعلن مع أحد أضلاع  صراع وهو حزب العدالة والبناء الجناح السياسي لجماعة اإخوان المسلمين في ليبيا والذي يسيطر على المؤتمر الوطني العام المنتهية صلاحيته من خلال كتلة « الوفاء » ، كما أن حركة النهضة التونسية شريكة في التحالف القطري التركي الإخواني الذي إنتفض الليبيون رفضا له خلال الأسابيع الماضية ، ويتهمه الشارع الليبي بالحؤول دون بناء مؤسسات الدولة كالجيش والأمن وبالتحالف مع المتشددين الدينيين والجماعات المسلحة الخاضعة لجماعة الإخوان مثل غرفة ثوار طرابلس التي يتزعمها أبوعبيدة الزاوي وهو أحد قادة الجماعة الليبية  المقاتلة التي كانت ذراعا من أذرع تنظيم القاعدة ،وكذلك الدروع التي توصف بأنها سرايا الجيش الليبي الحكومي في حين أن مناوئيها يرونها مجرد ميليشيات مدعومة من قبل الدوحة وأنقرة 

موقف القبائل

وترفض أغلب القبائل ذات التأثير البالغ في المجتمع الليبي أي تفاوض مع الإخوان كما لا يخفي أعيانها أن المسألة باتت مرتبطة بدم وثأر بعد تورط الإسلاميين في سفك دماء الليبيين بمناطق عدة مثل بني وليد وورشفانة والعجيلات وسرت وترهونة وسبها وغيرها ، وتؤكد القبائل التي لا تزال موالية للنظام السابق أن التحالف القطري التركي الإخواني المدعوم أمريكيا خرّب البلاد وجعلها عرضة للتقسيم كما بدّد الثروات وأطاح بمؤسسات الدولة ، وفي هذا التوجه يتفق الموالون للنظام السابق مع قبائل الشرق التي قادت الإنتفاضة في العام 2011 والتي تتهم الإسلاميين وخاصة جماعة الإخوان ومسانديها بالتورط في الإغتيالات اليومية وسفك دماء الإبرياء وتبديد الثروة النفطية وسرقة المال العام والوقوف دون أي مبادرة للمصالحة الوطنية 

الجماعات المتشددة

ومما يؤكد إستحالة مهمة الغنوشي أن القوى المدنية والديمقراطية في ليبيا باتت تتهم جماعة الإخوان المسلمين بالتبعية لقوى خارجية وبتخريب الإقتصاد والمجتمع وتهديد السلم الأهلي وبالتحالف مع القوى المتشددة ومنها تنظيم أنصار الشريعة الذي صنفته تونس كتنظيم أرهابي غير أن عناصره يجدون في ليبيا مساحة للحركة والعمل والتسلّح والمشاركة في الحكم ، وكان وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو أكد أن نسبة من تمويل الإرهاب في بلاده يأتي من ليبيا كما تؤكد المصادر الأمنية التونسية أن بعض المتورطين في الإرهاب بتونس يجدون ملاذا آمنيا في الجارة الشرقية ومن بينهم أبوعياض زعيم تنظيم أنصار الشريعة التونسي وأحمد الرويسي المتهم بالتورط في إغتيال القياديين المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي 

منفذ وحيد 

هناك مسار واحد يمكن إعتماده في الوساطة وهو فتح أبواب الحوار بين القوى المهيمنة على الحكم في ليبيا ورموز النظام السابق ،حيث لا يزال ثلث الشعب الليبي مهجرا خارج بلاده ، وتبرز الأرقام وجود مليونين و300 ألف ليبي في دول الشتات من بين ستة ملايين هو العدد الجملي لليبيين ، كما يعاني عشرات الألاف من التهجير من مناطقهم وخاصة من سكان مدينة تاورغاء التي أخليت من سكانها من قبل مسلحي مدينة مصراتة المعروفين بإرتباطهم بالتحالف القطري التركي ، 

ولكن هذا المسار قد يصطدم بحقيقة مهمة وهي العداء بين الإخوان والنظام السابق والذي أإتخذ أبعاده الحقيقة بعد إنتفاضة 17 فبراير ، حيث إنقلب رموز الحركة الإسلامية الليبية على إتفاقات سابقة مع النظام المطاح به كان قد وقف وراءها سيف الإسلام القذافي الذي لا يزال سجينا في مدينة الزنتان 

وأكدت مصادر من داخل الحركة الشعبية الوطنية الليبية أن أي تفاوض مع الإخوان غير ممكن نظرا لتناقض المرجعيات والمواقف والتحالفات بين الطرفين خصوصا بعد إصدار قانون العزل السياسي الذي حرم مئات الآلاف من الليبيين من المشاركة في الحياة السياسية بدعوى إرتباطهم بالنظام السابق ، كما تشير المصدر ذاتها الى أن جماعة الإخوان ليس لها حضور فعلي ولا مؤثر في المجتمع الليبي وتم فرضها على المشهد من خلال علاقاتها مع قوى خارجية بعينها تحاول وضع يدها على ثروات البلاد من خلال فرض قيادات إخوانية في الحكم رغم رفض الشعب لها