حذرت منظمة الأغذية والزراعة بالامم المتحدة "الفاو" من أن إقليم الشرق الاوسط وشمال افريقيا يواجه عجزا متناميا في تلبية احتياجاته الغذائية، حيث يستورد حالياً أكثر من 50 بالمائة من الحبوب التي تستهلكها بلدانه، ويعتمد على الواردات لتلبية احتياجاته الغذائية. 

وقال المدير العام لمنظمة "الفاو" جوزيه غرازيانو دا سيلفا، في تصريح له اليوم عشية انعقاد الدورة 32 للمؤتمر الاقليمى للمنظمة لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، انه من المرجّح أن فاتورة الاستيراد الغذائي الباهظة التكلفة التي يتعين على الإقليم تسديدها لقاء ذلك ستنمو في المستقبل، ومعها سيتفاقم التعرّض لصدمات أسعار الغذاء، مشيرا الى أن العديد من بلدان الإقليم فقدت ثقتها في السوق الدولية بسبب إجراءات حظر الصادرات التي رافقت قفزات أسعار المواد الغذائية. 

ونبه دا سيلفا الى إن إقليم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بات المنطقة الوحيدة، التي ستعجز خلال المستقبل المنظور عن إشباع احتياجاتها الغذائية رغم التكنولوجيا والمعارف المتوافرة فعلياً في عالم اليوم.

ومن المقرر ان يجتمع يوم الاثنين المقبل وزراء الزراعة من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمقر المنظمة في العاصمة الإيطالية روما، لتعزيز التفاهم والحوار والعمل المشترك في مجال الأولويات الإقليمية الحاسمة والأكثر إلحاحاً فيما يخص الأمن الغذائي والزراعة على صعيد الإقليم.

ويأتي انعقاد المؤتمر خلال فترة من التحديات غير المسبوقة في عموم المنطقة، إذ شهدت السنوات القليلة الماضية جملة من العوامل المعقدة التي دفعت إلى مطالب شعبية بتغييرات اجتماعية واقتصادية؛ في حين كشف الركود في اقتصادات بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بالاضافة إلى قفزات أسعار المواد الغذائية، والنزاعات التي طال أمدها عن مدى تعرّض الإقليم لخطر انعدام الأمن الغذائي.

وكشف المدير العام لمنظمة "الفاو"عن أن الإقليم يعاني من "عبء مزدوج لسوء التغذية"، بالنظر إلى أن ما يقرب من ربع أطفال الإقليم مصابون بتقزّم النمو بسبب نقص التغذية المزمن، وفي الوقت ذاته فإن ربع سكانه يعانون من السمنة.

وقال ان الإقليم قد يواجه أسوأ أزمات ندرة المياه عبر تاريخه خلال العقود المقبلة، إذ لا يكاد يملك 10 بالمائة من موارد العالم المائية. بل ويتجه نصيب الفرد من توافر المياه على صعيد الإقليم إلى التراجع بنسبة 50 بالمائة بحلول عام 2050 نتيجة للنمو السكاني، والتوسع الحضري السريع، وتغير المناخ. كذلك يتعرض ما يقرب من 90 بالمائة من أراضي الإقليم للتدهور، حيث لم تعد نسبة كبيرة من الأراضي متاحة للاستخدام الزراعي تحت ضغوط التوسع العمراني، والممارسات غير السليمة في إدارة الأراضي، والتصحر.

ودعا المسئول الدولى الى ضرورة احتضان نموذج الإنتاج الزراعي المستدام على نطاق أوسع، وتعزيز نهج النظام الايكولوجي في التنمية الزراعية لصون المياه والاستفادة المثلى من الموارد الطبيعية. كما يتطلب الإقليم استثمار المزيد في إنتاجية صغار المزارعين، وفي سبل المعيشة وتهيئة فرص العمل للشباب والنساء، وتنفيذ تدابير الحماية الاجتماعية القابلة للتطبيق ضماناً لوصول الفئات الأشد ضعفاً إلى الغذاء.

وحث على إيلاء مزيد من الاهتمام لصغار المزارعين والرعاة وصيادي الأسماك، الذين يشكلون الجزء الأكبر من منتجي الإقليم. وإذ تمثل الزراعة الأسرية مفتاح التنمية الزراعية فهي قادرة على أن تساعد أيضاً على تطوير نظم غذائية أكثر استدامة، والتقليل من البصمة البيئية للأضرار الممكنة، وكذا اعتماد إجراءات كفيلة بإحداث تحوّل في أنماط استهلاك المواد الغذائية والتي تعتمد بقوة على المتحصلات المرتفعة من السعرات الحرارية، لصالح استهلاك مزيد من الأطعمة ذات القيمة التغذوية الأفضل؛ مشيرا الى انه من شأن تقليص فاقد الأغذية وهدرها على طول سلسلة القيمة أن يساعد إلى حد بعيد في سد الفجوة القائمة بين إنتاج الغذاء واستهلاكه.

وشدد المدير العام لمنظمة "الفاو" على إن التحديات التي يواجهها الإقليم هائلة بحق، لكن الفرص المتاحة أمامه هي كذلك أيضاً، فما زالت الزراعة تساهم بمتوسط مقداره 13 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي إقليمياً، وتوفر فرص العمل والدخل لنسبة 38 بالمائة من السكان النشطين اقتصادياً فيه.

وضرب أمثلة بقصص نجاح حيث تصدِّر مصر بالفعل ما قيمته 2 مليار دولار سنوياً من منتجات الخضروات، أي ما يكفي لتغطية تكاليفها الهائلة لاستيراد القمح؛ وتحتل تونس موقع الريادة عالمياً في صادرات زيت الزيتون؛ كما يعدّ المغرب مصدِّراً رئيسياً للحمضيات والطماطم على الصعيد الدولي.. أما الأردن، كواحدة من أكثر البلدان شَحاً في العالم من الموارد المائية، فلديه قطاع دينامي للصناعات الزراعية.