من الأيام العالمية التي أقرتها الأمم المتحدة في هذا الشهر، اليوم العالمي للعبة الشطرنج المصادف ليوم غد الأربعاء (20 يوليو). والشطرنج لعبة استراتيجية ذهنية لا تتسع إلا للاعبين اثنين. واعتمدت الأمم المتحدة اليوم العالمي للشطرنج لعدة أسباب لعل أهمها:قدرة الرياضة على إزالة العوائق السيكولوجية والأيديولوجية، مكافحة التمييز، المساعدة في النهوض من ناحية التعليم إضافة إلى التنمية المستدامة، كون هذه اللعبة من الألعاب غير المكلفة، والتي يمكن ممارستها في أي وقت وبإمكانيات بسيطة.
لكل لعبة قواعد، ولكل لاعب متمرس خطته المحكمة، بل لكل لاعب مواصفات يجب أن تتوفر فيه حتى يمكنه ممارسة اللعبة بشرف وبكفاءة، ومن مواصفات لاعب الشطرنج: الذكاء، الصبر وطول النفس، والروح الاستباقية والقدرة على الاستشراف، وبالتالي فإن لاعب الشطرنج هو لاعب استراتيجي. ومن هنا جاءت نظرية الألعاب.
ونظرية الألعاب (Game theory) مجال خاص بالرياضيات، يهتم بالتفاعلات الإستراتيجية للفاعلين/اللاعبين. وتصنف هذه النظرية الألعابإلى فئات بناءً على مناهج حلها.وهي وسيلة من وسائل التحليل الرياضي لحالات تضارب المصالح للوصول إلى أفضل الخيارات الممكنة لاتخاذ القرار في ظل الظروف المعطاة لأجل الحصول على النتائج المرغوبة.
وتأسس علم نظرية الألعاب سنة 1944 على يد جون فون نويمان، واللافت أن هذه النظرية كانت متزامنة مع جملة من النظريات على غرار نظرية الكاوس وهي نظرية سياسية، ونظرية العلاج بإبطال النمط وهي نظرية سيكولوجية. يمكن القول أن القاسم المشترك بين هذه النظريات هو التحدي والرهان.
ولأن الحياة جملة من التحديات والرهانات. فما هي تحدياتنا، نحن المؤمنين، بفضاء مغاربي يطيب فيه العيش المشترك وتسود فيه القيم الإنسانية؟ وما هي رهاناتنا، نحن المؤمنين، بذلك الفضاء؟
كيف نقرأ فضاءنا المغاربي الجيوسياسي في ضوء نظرية الألعاب؟ من هم اللاعبون المحليون في هذا الفضاء؟ ومن هم اللاعبون الإقليميون؟ ومن هم اللاعبون الأمميون؟
ما هي حدود الفضاء الجيوسياسي المغاربي؟ وما هو فضاؤه الحيوي في الجنوب؟ وكيف يشكل كل بلد مغاربي فضاء حيويا للبلد المغاربي الآخر؟ وكيف شكل الفضاء المغاربي فضاء حيويا لفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وأمريكا، وكيف تحول إلى فضاء حيوي لروسيا والصين وتركيا وإيران...؟
ما هي قواعد اللعبة الجيوسياسية في هذا الفضاء؟ وهل يعي اللاعبون المحليون قواعد اللعبة وحجم اللاعبين الأمميين في كل قطر مغاربي؟
وهل هناك خيط ناظم أو خلفية ناظمة لكل ما يحدث في كل قطر مغاربي؟
وعلى سبيل التساؤل، لماذا لا نجد في الأقطار المغاربية نواد تهتم بلعبة الشطرنج بشكل منهجي ومدروس؟ لماذا لم يهتم الإعلام بثقافة الشطرنج؟ ولم يخصص بعضا من وقته لهذه الرياضة/الثقافة؟ ولماذا لا تهتم المؤسسات التربوية بهذه الرياضة بالرغم من أنها غير مكلفة ولا تحتاج إلى إمكانيات كبيرة؟
وفق الموسوعة السياسية، "توفر نظرية الألعاب وسائل محددة، ليس فقط لفهم الحقائق المختلفة، بل وأيضاً للتأثير على التفاعلات ذات الفوائد الواسعة. وتعتمد نظرية اللعبة أو الصراع بين أطراف اللعبة على تحليل إستراتيجيا مواقف الصراع أي اعتماد إستراتيجيا أحد الجوانب، بشكل عام، على توقعات الجانب لإستراتيجيا الجانب الآخر، وذلك للتمكن من أقصى فرص الحصول على نتائج ملائمة وعليه يكون من الضروري وضع مجموع من القوانين أو القواعد المعقولة للتصرف. إن اللجوء إلى نظرية اللعبة في العلاقات بين الدول يُجنب الدول صراعات الحروب وغالبًا ما يلجأ صناع السياسة إلى نظرية الصفر لأنها أكثر فعالية في تجنب الحروب ومع القليل من الحذق السياسي والمهارة في اللعب يمكن تحويل هذا الموقف إلى جانب اللاصفر وهذا ما ينقص الكلفة المطلوبة لإستعادة الدائم في لعبة الصراع".
نظرية الصفر، حسب ما فهمته في ضوء عدد من الدراسات، هي انتهاج الأطراف المتصارعة نهجا عقلانيا يتوخى فيه المتصارعان حسابات الربح والخسارة بشكل براغماتي. وتتلخص نظرية الصفر في وضعيتين: وضعية الصفر ووضعية اللاصفر.
الوضعية الأولى يترتب عنها طرف رابح في حدود معقولة وطرف خاسر في حدود معقولة أيضا، وهذه الوضعية يصنعها الطرف الأقوى. أما في وضعية اللاصفر، فهي الوضعية التي تقود الطرفين أو (الأطرف المتصارعة) إلى احتواء الأزمة دبلوماسيا ونبذ الصدام، والجنوح رأسا إلى الحوار والتعاون. وهذه الوضعية تسمح للأطراف المعنية بتقاسم ثمار الربح وهذا ما يسمى في لغة الخلافات والعلاقات الأممية (رابح- رابح).