فاجأ المشير خليفة حفتر  -قائد الجيش الوطني الليبي- الجميع بشن هجومه العسكري "طوفان الكرامة" على العاصمة طرابلس، وبينما كانت العملية متوقعة لإان الشروع في ذلك الآن هو الأمر مذهل، هكذا استهل الصحفي والسياسي الليبي مصطفى الفيتوري مقاله الأسبوعي الذي خصصه للحديث عن أخر مستجدات الأوضاع في ليبيا.

وقال الفيتوري لقد حذرت سابقًا من أن وجهة حفتر التالية هي طرابلس ولكن هذا قد يتغير، والآن هذا ما يحدث. حتى الدبلوماسيون الأوروبيون الذين زاروه أخفقوا مؤخراً في اكتشاف أنه كان يستعد لحملة عسكرية بينما لم تلتقط أقمار التجسس قافلة الشاحنات تتحرك غربًا.

ومع ذلك فإن توقيت حفتر محير، فهو يأتي قبل أيام قليلة الؤتمر الوطني الليبي الذي دعا له مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة  والذي كان مقرر له 14 أبريل الحالي، والذي تم تأجيله نتيجة الهجوم الأخير.

وأضاف الصحفي الليبي أن المجتمع الدولي منقسم حول ما إذا كان يجب كبح جماح الجيش الوطني الليبي وحفتر. وهناك شعور بأن القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا مستعدة للسماح لحفتر بالسيطرة على طرابلس شريطة أن يفعل ذلك بسرعة وبأقل الخسائر في الأرواح بين المدنيين.

وعندما اجتمع مجلس الأمن الدولي في 5 مارس كان منقسمًا حول هذه القضية. وهددت روسيا باستخدام حق النقض ضد أي قرار يعتبر الجيش الوطني الليبي هو المعتدي. واستقر المجلس في بيان صحفي يطالب بإيقاف التصعيد مؤكداً دعمه لخارطة طريق الأمم المتحدة. وأصدرت دول مجموعة السبع والإمارات العربية المتحدة تصريحات مماثلة تلاها آخر من قبل الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك بدا حفتر مصمما على فرض حل عسكري واستمر في هجومه.

وبدأ الهجوم العسكري للجيش الوطني الليبي في 4 أبريل بهجوم على غريان ، على بعد حوالي 100 كيلومتر جنوب طرابلس. إنه مستمر اليوم في عدد من المناطق في نفس الوقت. يبدو أن استراتيجيتها ليست السيطرة على أي بلدة أو قرية ما لم تكن هناك أسباب تكتيكية للقيام بذلك لأن العديد من المراكز السكانية على الطريق المؤدية إلى طرابلس موالية بالفعل للجيش الوطني الليبي وترغب في المساعدة. وبعض المناطق لديها بالفعل وحدات عسكرية جاهزة للانضمام إلى القوات المسيرة ويمكن لقوات الجيش الوطني الليبي اجتيازها دون خوف من الخيانة.

ومع استمرار الهجمات على العاصمة من الجنوب والجنوب الغربي يظل الجناح الشرقي والجنوبي الشرقي من الجيش الوطني الليبي عرضة للخطر. فالطريق السريع الساحلي الذي يربط طرابلس بمصراتة على بعد 300 كيلومتر إلى الشرق هو طريق إمداد حيوي للقوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني. ومصراتة لديها أقوى الميليشيات والقوات شبه المهنية المعروفة باسم البنيان المرصوص التي تشتهر بطرد داعش من سرت في عام 2016

وصلت بالفعل تعزيزات من مصراتة إلى طرابلس للانضمام إلى أولئك الذين قاموا بمهاجمة قوات حفتر. إن ميليشيات مصراتة سعيدة فقط بالمساعدة لأنه يعني أنها ستعود إلى العاصمة التي طردت منها قبل ست سنوات.

ومع ذلك مع تطور الوضع ستكون معركة طرابلس دموية وطويلة.

لكن كلما طالت المعركة سيصبح موقف حفتر الأضعف. في حين أنه يتمتع ببعض الدعم الشعبي في غرب ليبيا إلا أن قتال طويل الأمد سيقلل من حدته. وعسكريا يقف الجيش الوطني الليبي ضد تحالف قتال مسلح تسليحا جيدا يضم ميليشيات وقوات شبه عسكرية ذات خبرة.

ويبدو حفتر  -حتى الآن على الأقل- غير مصمم على الاستيلاء على العاصمة فحسب، وإنما أيضًا على إعادة تنشيط قاعدته الشعبية في غربي ليبيا من خلال التواصل المباشر مع مختلف زعماء القبائل في البلدات والقرى القريبة من طرابلس مما يشجعهم على الانضمام إلى المعركة. ويقال إن مبعوثيه مشغولون بزيارة ترهونة وبني وليد وزنتان في الجبال الغربية لحث أكبر عدد ممكن من القبائل على الانضمام إلى الجيش الوطني الليبي. وفي الواقع من بين الصفوف الأولى  لدى الجيش الوطني الليبي كوادر من القبائل من جميع أنحاء ليبيا وتصويره كقوة شرق ليبيا مضللة. ويشمل أيضًا أشخاصًا من قبائل معروفة بدعم نظام الرئيس الراحل معمر القذافي.

وأي نوع من وقف إطلاق النار لا يساعد الجيش الوطني الليبي وأي تسوية سياسية للنزاع في هذه المرحلة يمكن أن تكتب نهاية حفتر. هذا هو السبب في أن الرجل القوي عازم كما كان دائماً على أخذ طرابلس بأي ثمن.

 ومن ناحية أخرى فإن أولئك الذين يدافعون عن العاصمة ليسوا أقل عزمًا على القتال من أجل مصالحهم الخاصة وليس من أجل الديمقراطية والسلام كما يزعمون. ومرة أخرى من المرجح أن يتضاءل الدعم الشعبي بسرعة مع إطالة المعركة!

إذن أين يترك كل هذا جهود الوساطة التي يقوم بها سلامة وكيف يمكن إعادة تشكيل المشهد السياسي والعسكري في البلاد؟

في الأسبوع الماضي تعهد سلامة بعدم الاستسلام، مؤكدًا أن خططه للمؤتمر في غدامس لا تزال في طريقها. وبحلول 8 أبريل غير رأيه وأجل الآن المؤتمر إلى أجل غير مسمى. كما أصر على أنه لن يترك الليبيين وحدهم.

وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها الأمم المتحدة والقوى الإقليمية والدولية، وربما بسببها فشلت جميع مبادرات التسوية السياسية لمعالجة الأزمة الليبية حتى الآن. وفي الوقت نفسه ترتفع الخسائر في صفوف المدنيين وعدد العائلات النازحة خاصة من جنوب طرابلس بينما تستمر الحرب.

وأضاف الفيتوري يالقول: "في بعض الأحيان يبدو أن القوى الغربية التي سارعت لتدمير ليبيا في عام 2011 تدرك الآن أخطائها ، وتتمنى أن يظهر رجل قوي محلي لإصلاح الفوضى بأي ثمن. وقد يكون هذا الرجل القوي هو حفتر حتى لو كان ذلك يعني وجود انسخة اخرى من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في ليبيا. والحقيقة المؤسفة هي أن التسوية السياسية مستحيلة طالما أن السياسة الليبية تهيمن عليها النخبة الفاسدة الحالية" بحسب تعبيره.




*"بوابة إفريقيا الإخبارية" غير مسؤولة عن محتوى المواد والتقارير المترجمة