عبد الأمير رويح
يسعى قادة الدول الأفريقية بصورة خاصة وباقي قيادات دول العالم الى تدارك خطر أنشار الجماعات المتمردة وفلول تنظيم القاعدة التي نجحت بتحقيق العديد المكاسب المهمة والملموسة على ارض الواقع من خلال السيطرة على بعض المناطق والمدن التي أصبحت قواعد محصنة لأعضاء هذا التنظيم الذي استفاد كثيرا من مشكلة تردي الأوضاع الأمنية في القارة الأفريقية، والتي تفاقمت بشكل خطير بعد مجمل التحولات السياسية المهمة التي حدثت في بعض بلدان المنطقة وكانت سببا مباشر في تغير أنظمة الحكم فيها، حيث أسهمت تلك التحولات السياسية بتعزيز قوة التنظيم الاقتصادية والعسكرية بحسب بعض المراقبين، الذين أكدوا أيضا على ان تنظيم القاعدة في إفريقيا قد أصبح يمتلك ترسانة عسكرية خطيرة ومتنوعة حصل عليها بعد انهيار بعض الدول القريبة وهو ما سيسهم بقلب موازين القوى إذا ما تأخرت الدول الأفريقية في إيجاد الحلول وخطط السريعة لتضمن أعادة الأمور الى سابق عهدها، يضاف الى ذلك ان قيادات التنظيم قد تمكنت أيضا من أتباع أساليب وخطط الجديدة في سبيل تمويل نفسها حيث أصبحت تعتمد على عمليات الخطف والتهديد وهو ما وفر لها مردودات مادية ضخمة تفوق ميزانيات بعض الدول في بعض الأحيان. في هذا الشأن وفيما يخص أخر التطورات فقد قال مسؤولون أفارقة إن أفريقيا تواجه تهديدا خطيرا من تنظيم القاعدة وحلفائه الذين يحاولون إقامة ملاذ آمن في شمال مالي في إطار بحث هؤلاء المسؤولين عن استراتيجيات سياسية وعسكرية تستهدف إعادة توحيد الدولة الواقعة في غرب القارة الأفريقية.
ويسعى المسؤولون لاحتواء تداعيات الانقلابين اللذين وقعا في مالي وغينيا بيساو هذا العام وتسببا في تشويه الخطوات الديمقراطية للقارة بعد أن حققت تقدما في الاستقرار والحكم الرشيد في السنوات القليلة الماضية. ويسعون كذلك إلى تحقيق المصالحة بين السودان وجنوب السودان بعد أن أدى استقلال جنوب السودان العام الماضي إلى تقسيم الدولة التي كانت تعتبر أكبر دولة أفريقية.
وعمل الرؤساء في اجتماع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي على وضع خطة للتعامل مع مالي حيث سيطرت جماعات جهادية محلية وأجنبية مرتبطة بالقاعدة على شمال البلاد الصحراوي بعد اختطاف تمرد بدأه انفصاليون علمانيون من الطوارق في وقت سابق هذا العام. وندد الحسن واتارا رئيس جمهورية ساحل العاج الذي يرأس مجلس السلم والأمن بالاتحاد بما وصفه بأنه "نية الجماعات الإرهابية إقامة ملاذ آمن في شمال مالي." وقال واتارا الذي ندد بوجود صلات مزعومة بين القاعدة في منطقة الساحل الأفريقي وجماعات إسلامية أخرى عنيفة ومتشددة مثل بوكو حرام في نيجيريا والشباب في الصومال إن هذا "يشكل تهديدا خطيرا للأمن الإقليمي."
ويطلب الزعماء الأفارقة دعما من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للتدخل العسكري في مالي وإنهاء التمرد في الشمال وإعادة توحيد الدولة الواقعة في منطقة الساحل الأفريقي التي انقسمت بعد انقلاب للجيش في العاصمة باماكو في 22 مارس آذار. ورحب مجلس الأمن الدولي بجهود دول غرب أفريقيا لإنهاء الاضطرابات في مالي لكنه لم يصل إلى حد تأييد عملية عسكرية إلى أن يحدد الزعماء الأفارقة أهدافها وكيفية تنفيذها.
وقال دبلوماسي أوروبي يتابع الوضع في المنطقة عن كثب "لا يوجد شيء جاهز في هذه اللحظة." ووصف بينج رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي هذه الأزمة بأنها "واحدة من أخطر الأزمات التي تواجهها القارة." وحث الاتحاد الأفريقي على أن يضع بشكل عاجل استراتيجية واضحة لمالي. وقال رمضان العمامرة مفوض مجلس السلم والأمن بالاتحاد الأفريقي إن الاتحاد يعطي أولوية للتوصل إلى حل سياسي سلمي في مالي ولكنه يعد لتدخل "كملاذ أخير".
وتركز الجهود التفاوضية على إعادة السلطة بشكل كامل لحكومة مدنية في النصف الجنوبي لمالي رغم أن واتارا قال إن العناصر العسكرية ذاتها التي نفذت انقلاب 22 مارس هي التي تعطل هذه التحركات. وفيما يتعلق بشمال مالي كرر واتارا موقف الاتحاد الأفريقي الذي يرفض التفاوض مع "جماعات إرهابية" ولكن هناك قدرا من الحوار يجرى مع انفصاليين علمانيين من الطوارق وزعماء جماعة أنصار الدين الإسلامية المحلية. بحسب رويترز.
وحث رئيس دولة بنين توماس بوني ياي والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي زعماء القارة على حل مشكلات الأمن والحكم في مالي وغينيا بيساو قائلا إن المشكلات تمثل انحرافا عن المهمة الاستراتيجية المتمثلة في تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية للشعوب الأفريقية. وقال بوني "دون السلام لا يمكن أن تكون هناك تنمية."
أغنى أجنحة التنظيم
في السياق ذاته قال رئيس القيادة العسكرية الامريكية في افريقيا (افريكوم) ان جناح القاعدة في شمال افريقيا هو اغنى اجنحة التنظيم وانه يهيمن على القوى الاسلامية التي تسيطر على شمال مالي. وقال الجنرال كارتر هام ان المجتمع الدولي وحكومة مالي يواجهان تحديا معقدا في محاولة التعامل مع الوجود المتزايد لهذا التنظيم في شمال مالي الصحراوي. وظلت مالي لفترة طويلة مثالا للدولة المستقرة في منطقة غرب افريقيا لكن الموقف تغير فيها خلال اسابيع قليلة بعد انقلاب وقع في 22 مارس آذار أعقبته اضطرابات أتاحت لخليط من الانفصاليين الطوارق والمتمردين الاسلاميين احتلال شمال مالي الذي يمثل ثلثي مساحة البلاد.
وعلى مدى الاسابيع القليلة الماضية سيطر الاسلاميون ومن بينهم تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي على مساحة واسعة وانشأوا ما يصفه زعماء افريقيا والغرب بملاذ امن للإرهابيين الذين يقولون انه سيمثل تهديدا للأمن الإقليمي والدولي. وقال هام ان هذه الجماعات تسيطر الان على شمال مالي مستفيدة من الاسلحة التي تسربت من الصراع الذي شهدته ليبيا العام الماضي. لكنه انتقد الجهود السابقة للتصدي لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي ووصفها بانها غير فعالة. وخطف التنظيم عددا من الاجانب ثم اطلق سراحهم مقابل فدى مالية ضخمة. بحسب رويترز.
وقال هام للصحفيين في السنغال "نحن المجتمع الدولي والحكومة المالية ضيعنا فرصة للتعامل مع تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي عندما كان ضعيفا. والان اصبح الموقف اصعب كثيرا وسيتطلب الكثير من الجهد من المجتمع الدولي وبالتأكيد من الحكومة المالية الجديدة." وقال الجنرال الامريكي ان العلاقات بين الجماعات الاسلامية المختلفة في شمال مالي معقدة وانه لم يتضح اذا كانت هذه الجماعات متحالفة على اساس عقائدي ام على اسس نفعية بحتة. وقال "نعتقد ان التنظيم الاكثر هيمنة هو تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي. نعتقد انهم الجناح الافضل تمويلا للقاعدة واغنى افرعها."
على صعيد متصل قال مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأمريكية إن المتشددين الإسلاميين يعتمدون بشكل متزايد على تمويل أنفسهم من خلال عمليات الخطف حيث من المرجح أن يكون تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي قد جنى عشرات الملايين من الدولارات في صورة فدى خلال السنوات القليلة الماضية. وقال ديفيد كوهين وكيل وزارة الخزانة لشؤون الارهاب والمخابرات المالية إن التقديرات الأمريكية تشير إلى أن المنظمات المتشددة حصلت على 120 مليون دولار خلال العقد الماضي بينها فدى دفعت لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.
واضاف للصحفيين في برلين إن أعمال الخطف من أجل فدية "تهديد ملح" لاسيما في منطقة الساحل الافريقي وهي حزام يشمل نحو 12 من افقر دول العالم على الطرف الجنوبي للصحراء الكبرى. وقال "هذا ما بات على الأرجح الأسلوب الذي ينطوي على تحديات كبيرة والأسرع نموا الذي تستخدمه المنظمات الارهابية لاسيما التابعة للقاعدة في شمال افريقيا وفي اليمن لتمويل أنشطتها خلال العامين الماضيين." وأضاف أن متوسط الفدية ارتفع باطراد على مر السنين وهو في نطاق خمسة ملايين دولار للمرة الواحدة. بحسب رويترز.
وقال "لذلك هذا تهديد متنام وملح للغاية لاسيما في شمال افريقيا .. في منطقة الساحل وفي مالي خصوصا حيث تمكن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي من السيطرة على أراض واسعة." وقال كوهين الذي يقوم بجولة في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا إنه يتحدث مع الحكومات الأخرى على أمل التوصل إلى نهج موحد للتصدي لمشكلة الخطف. وبينما تتبنى الحكومة الأمريكية سياسة عدم دفع فدى فقد دفعت بعض الحكومات الأوروبية فدى. وقال كوهين إن المحادثات تركزت حول خطوات لمنع وقوع عمليات الخطف في المقام الأول والتعامل مع حالات احتجاز الرهائن عندما تحدث واقتفاء أثر الأموال عندما تدفع الفدى.
مجابهة القاعدة
من جانب اخر دعا وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا دول المغرب العربي، ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، إلى "تطوير مجهود إقليمي قوي لمجابهة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وللتأكد من عدم امتلاك (التنظيم) قاعدة يشن انطلاقا منها عمليات ارهابية في المنطقة أو في أجزاء أخرى من العالم". وأعلن بانيتا خلال زيارته إلى تونس استعداد واشنطن لمساعدة الجيش التونسي على تطوير قدراته العملياتية والاستخباراتية للتصدي لتنظيم القاعدة مشيرا إلى أنه يؤيد رفع مثل هذا التعاون مع دول المغرب العربي.
وهذه أول زيارة يؤديها وزير دفاع أميركي إلى تونس منذ الإطاحة في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وقال بانيتا للصحافيين إنه "مسرور لبدء حوار (مع المسؤولين التونسيين) حول تعميق تعاوننا في قضايا ذات اهتمام مشترك (مثل) مكافحة التطرف العنيف والإرهاب". وتابع "هناك مجالات معينة يمكن أن نساعد فيها (التونسيين) على تطوير نوعية العمليات والاستخبارات التي تساعدهم بشكل فعال في التصدي لتهديد" تنظيم القاعدة.
وأضاف أن واشنطن مستعدة أيضا لمساعدة الجيش التونسي على المستوى "المؤسساتي" (دعم وسائل التخطيط والممارسات الجيدة) مثنيا على "الدور الإيجابي" الذي لعبه الجيش التونسي منذ "الثورة" التي اطاحت ببن علي. وذكر بانيتا بأن الجيشين الأميركي والتونسي كانا "شريكين منذ مدة طويلة".
من ناحيتها أعلنت الرئاسة التونسية في بيان أن بانيتا أكد خلال محادثات مع الرئيس منصف المرزوقي "أهمية نجاح التجربة الانتقالية التونسية باعتبارها الأنموذج الأمثل في الثورات العربية وشدد على دعم واشنطن اللامحدود لتونس خاصة في ظل وجود صعوبات اقتصادية واجتماعية" تمر بها البلاد. وقالت انه تم خلال المحادثات "دراسة سبل التعاون الأمني بين البلدين والآليات الكفيلة لمواجهة التحديات الأمنية في المنطقة خاصة في ظل حالة اللااستقرار التي تعيشها دولة مالي في الآونة الأخيرة".
وفي 19 حزيران/يونيو 2012 طلب وزير الدفاع التونسي عبد الكريم الزبيدي "دعما لوجستيا" أميركيا للجيش التونسي "لتعزيز قدراته العملياتية، ومساعدته على القيام بمهامه الاصلية ضمانا للاستقرار بالمناطق الحدودية" مع الجارتين ليبيا شرقا، والجزائر غربا. وترتبط تونس بحدود برية مشتركة طولها نحو 1000 كلم مع الجزائر وحوالي 500 كلم مع ليبيا. ومنذ الإطاحة بنظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي الذي قتل في تشرين الأول/أكتوبر 2011، انتشر تهريب الأسلحة على الحدود بين ليبيا وتونس. بحسب فرنس برس.
وأعلنت تونس في وقت سابق أن عناصر مسلحة من تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي" تسللت إلى البلاد عبر الحدود مع ليبيا والجزائر. وفي 23 نيسان/أبريل 2012 كشف الجنرال كارتر هام القائد الأعلى للعمليات العسكرية الاميركية في افريقيا في ختام زيارة رسمية إلى تونس، ان الولايات المتحدة قدمت لتونس، مساعدات عسكرية بقيمة 32 مليون دولار، منذ الإطاحة بنظام بن علي لافتا إلى أن هذه المساعدات "تضاعفت مقارنة بالسنوات السابقة".
في السياق ذاته قال الرئيس التونسي منصف المرزوقي إن المتشددين الإسلاميين يحولون اهتمامهم من جنوب غرب اسيا إلى منطقة المغرب العربي ويصعدون أعمال العنف في المنطقة. ووصل إسلاميون معتدلون تعرضوا للقمع في عهد أنظمة دكتاتورية عربية إلى السلطة او صعدوا إلى الساحة السياسية في أعقاب انتفاضات شعبية في تونس وليبيا ومصر.
لكن الجماعات الإسلامية المسلحة ومنها جناح تنظيم القاعدة في شمال افريقيا استفادت كذلك من انتكاسات في الامن الداخلي في المنطقة الناتجة عن التحول الفوضوي في أغلب الاحيان لحكم أكثر ديمقراطية. وقال المرزوقي لصحيفة الحياة إن بعض السلفيين المتشددين في تونس كانت لهم صلات بتنظيم القاعدة وان دول شمال افريقيا ستعمل على بلورة جبهة موحدة قبل نهاية هذا العام في مواجهة التهديد المتصاعد من التشدد الإسلامي.
وقال المرزوقي "وكأن مركز الثقل في الجهاد بين قوسين الحركة الارهابية ينتقل الآن من افغانستان وباكستان إلى منطقة المغرب العربي والخطر الكبير اصبح علينا الآن على أبواب بيوتنا." وقال إن نحو ثلاثة آلاف من السلفيين في تونس يقدر انهم يشكلون خطرا محتملا "وفق تقارير البوليس لأنهم كلهم مرصودون ومعروفون ولا ينتظرون الإرادة السياسية لإيقاف هذا السرطان."
وفي وقت سابق أضرم حشد من المتظاهرين الذين يهيمن عليهم السلفيون النار في السفارة الأمريكية في تونس احتجاجا على فيلم يسخر من النبي محمد ما أسفر عن مقتل شخصين. وقتل السفير الامريكي في ليبيا على أيدي متشددين إسلاميين. وحث تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي في ذلك الوقت المسلمين على قتل المزيد من ممثلي الحكومة الأمريكية خاصة في ليبيا وتونس والمغرب وموريتانيا.
أجانب في القاعدة
الى جانب ذلك رصد فرنسيون للمرة الأولى في صفوف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، الوجهة غير المسبوقة ل"المتطوعين الجهاديين" الذين تعودت اجهزة الاستخبارات الفرنسية ان ترصدهم في البوسنة والعراق او على الحدود الباكستانية الأفغانية. وافاد مصدر مقرب انه تم التعرف على فرنسيين، احدهما معروف من اجهزة مكافحة التجسس الفرنسية، في كتيبة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي في مالي. وقد اكدت هذه المعلومة صحيفة لوموند الفرنسية.
وبحسب لوموند فان الرجلين تم التعرف عليهما على كليشه حصلت عليها اجهزة الاستخبارات الفرنسية في اواخر اب/اغسطس الماضي. وقال المصدر المقرب من الملف ان اجهزة مكافحة التجسس تعرفت على الفرنسيين واحدهما شارك في استجواب رهائن فرنسيين خطفوا في منطقة الساحل جنوب الصحراء الكبرى.
وذكرت لوموند ان الرجلين يناهزان الثلاثين من العمر، واحدهما شارك في الثورة الليبية قبل الانضمام الى كتيبة في مالي. وافاد مصدر امني مالي في باماكو ان احدهما جهادي حقيقي و"هو الاخطر". واضاف هذا المصدر الامني المالي ان الاخر "مواطن فرنسي يعرف عن نفسه باسم عبد الجليل ويعيش مع زوجته وهي من المغرب العربي واطفالهما في شمال مالي، وهو ليس جهادي حقيقي. لنقل انه اعتنق قضية الجهاديين".
وذكر مسؤول في شمال مالي ايضا بان "عبد الجليل كان يعيش في شمال مالي قبل وصول الاسلاميين"، و"عندما وصلوا بقي وتبنى أفكارهم". وقال مدير المركز الفرنسي للابحاث عن الاستخبارات اريك دونيسيه "ان وجود فرنسيين في احدى كتائب تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي يشكل سابقة" في شمال هذا البلاد الذي تحتله مجموعات اسلامية مسلحة منذ ستة اشهر.
وقد بدأ المتطوعون الفرنسيون بالانضمام الى صفوف الاسلاميين منذ اواسط تسعينات القرن الماضي تحديدا في البوسنة والشيشان، ثم اعتبارا من بدء الالفية الثانية في افغانستان والعراق قبل ليبيا في العام 2011 بحسب اريك. ولفت الى ان الذين انضموا الى صفوف هؤلاء المقاتلين كانوا يعدون بضعة عشرات في الاجمال وقد لقي بعضهم حتفهم وهم يحملون السلاح. لكن حالات العودة الى فرنسا والانتقال الى الافعال تبقى نادرة نسبيا بحسب دونيسيه.
واضاف "ان معظم هؤلاء الفرنسيين ذهبوا الى هذه البلدان للقتال وليس مع فكرة العودة الى فرنسا لتنفيذ هجمات"، "فضلا عن ذلك فان اجهزة الاستخبارات شلت حركة معظم العائدين منهم من افغانستان او العراق". واشار الى عصابة روبيه التي تم تفكيكها في 1996 وكان في صفوفها الفرنسي ليونيل دومون وهو مقاتل سابق في احدى كتائب المجاهدين العرب في البوسنة. وهذه العصابة التي كانت تضم عددا من الفرنسيين الذين اعتنقوا الاسلام كانت تنظم عمليات سطو في فرنسا لتمويل القضية الاسلامية". بحسب فرنس برس.
وراى لوي كابريولي المسؤول السابق في اجهزة مكافحة الارهاب والمستشار الخاص للمجموعة الامنية جيوس ان ما يثير "القلق" هو التدريب الذي يمكن ان يكون تلقاه هذان الفرنسيان على استعمال الصواريخ ارض-جو التي نقلت من ليبيا الى مالي بعد سقوط نظام معمر القذافي. وقال "حتى ولو تم الاستيلاء على خمسة الاف من العشرين الف صاروخ من القذافي وقسم منها لم يكن صالحا للاستخدام بسبب عدم الصيانة، لا شيء يجزم ان ليس بامكان هذين الفرنسيين ان يرتكبا اعتداءات في فرنسا بصواريخ يمكن ادخالها الى اوروبا". لكن لويس كابريولي اكد ايضا انه يقلق من احتمال وجود فرنسيين في سوريا في صفوف المتمردين.
شبكة النبأ