تدرس إدارة أوباما اتخاذ إجراءات جدية ضد تنظيم داعش في ليبيا، حيث بات التنظيم يتمتع بنفوذ كبير على البحر الأبيض المتوسط. ولسوء الحظ، فإن هزيمة داعش لن تشكل سوى جزء من المعركة ضد الإرهاب. فتنظيم القاعدة في ليبيا يتحين الفرصة التي يتيحها له إضعاف داعش أو هزيمته.

والحقيقة أن تنظيم القاعدة في ليبيا، يتعمد تعتيم وجوده على أرض الواقع بالعمل بشكل أساسي من خلال شريك يدعى أنصار الشريعة، الذي اخترق الجماعات المحلية، ويسيطر على مناطق في الجزء الشرقي من البلاد. إن استراتيجية تركز فقط على هزيمة داعش يمكنها تاليا أن تترك ليبيا في مشكلة خطيرة مع القاعدة.

مقاتلو القاعدة المخضرمون شكلوا "أنصار الشريعة" خلال الثورة في ليبيا عام 2011، بناء على أوامر من أمير تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وبدعم من شبكة القاعدة الأوسع. وقد بنى تنظيم "أنصار الشريعة" سمعته كقوة مقاتلة ضد نظام القذافي، وكمصدر للسلطة بعد انهيار النظام. وهو يعمل الآن في عدة مدن في شرق ليبيا، حيث يتعاون مع الجماعات الإسلامية الأخرى، ويقدم نفسه على أنه المدافع عن الشعب الليبي.

ومع ذلك، تركز حكومة الوحدة الوطنية الجديدة في ليبيا وداعموها الدوليون، بشكل خاص على هزيمة داعش، الأمر الذي سيفسح المجال أمام تنظيم أنصار الشريعة للنمو والانتشار. هزيمة داعش في ليبيا لن تزيل مقاتليه وقدراته من ساحة المعركة - إذ من المرجح أن تنضم بقايا التنظيم إلى فرع القاعدة في ليبيا. ومع هؤلاء الأعضاء الجدد ، سيكتسب تنظيم القاعدة قدرات متقدمة، بما في ذلك الخبرة العسكرية في التخطيط والأساليب القتالية، وخبرة المتفجرات.

وعلى العالم أن لا يقع في كمين تنظيم القاعدة الذي يعمل في الخفاء في ليبيا، بينما يركز الغرب على داعش.

وعلاوة على ذلك ، يرجح أن يعود المجندون الليبيون الذي يقاتلون مع تنظيم القاعدة في سوريا إلى وطنهم للقتال ضد الحكومة المدعومة من الغرب، أو أي قوة غربية تتدخل في ليبيا. فقد أرسل تنظيم القاعدة ليبيين للقتال من أجل فرعها في سوريا ، وأيضا للتحضير والتدريب في أفق المعارك القادمة.

كما أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ينشط أيضا في ليبيا، ومن المرجح أن يقوم بتعبئة شبكته الواسعة من المقاتلين المدربين والأسلحة والتمويل لدعم أنصار الشريعة هناك.

إن السماح لتنظيم القاعدة بالامتداد في الملاذ الليبي الآمن يهدد مصالح واشنطن ومصالح حلفائها الأوروبيين. وانطلاقا من موطىء في ليبيا، يمكن لتنظيم القاعدة أن يخطط وينفذ المزيد من الهجمات ضد الغرب، وأن يتسلل ضمن أمواج اللاجئين، وأن يزعزع استقرار جيران ليبيا. لذلك، ينبغى أن لا نسقط في فخ تنظيم القاعدة الذي يحاول الاختباء في ليبيا، بينما يركز الغرب على داعش. باختصار ، نعم ، يجب بكل الوسائل، وضع استراتيجية لمكافحة داعش ليبيا - ولكننا نحتاج أيضا إلى استراتيجية لمكافحة تنظيم القاعدة والقضاء عليه أيضا مع تنظيم داعش.