رأى الكاتب والمحلل السياسي الليبي الدكتور محسن ونيس القذافي، أن الموقف الدولي صنع مناخاً خصباً للتجاوزات التركية للمنظومة الدولية.
وقال القذافي في ورقة تحليلية بعنوان (الموقف التركي...تحت المجهر) خص بوابة إفريقيا بها، :"تتجاذب السياسة الخارجية التركية وموقفها "مساران واختياران"، يذهب الاختيار الأول إلى: الانتظار وارتقاب الأحداث واستمالة أوروبا للتنسيق والتعاون والمشاركة، والاستمرار في تقديم الدور التقليدي سياسياً واقتصاديا. غير أن الاختيار الثاني (والذي يبدو أكثر تأثيرا): يكمن في عدم هدر مزيد من الوقت، وانتظار الانعكاسات الدولية والإقليمية، بل اللجوء لسياسة الاستباق والمبادرة، والدفع بالصراع شرق وجنوب المتوسط لحده الأقصى. لقد أخضعت تركيا الخيار الأول للتجربة ولم تجد له أثر ذا جدوى، ومن ضمن أهم المحاولات التركية الكثيرة والمتكررة والتي قامت باختبارها، وبائت معظمها بإخفاق وفشل، (الجانب السياسي): لم تسمح، بل رفضت، أوروبا دخول تركيا ضمن الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، وعلى (الجانب الاقتصادي) :عدم السماح لتركيا باستكشافات المتوسط، بشكل مباشر وغير مباشر، وانهيار المعاهدة التركية-الإسرائيلية عام 2009 للتنقيب على النفط والغاز شرق المتوسط، وبغض النظر عن إيجابيات الاختيار الأول الا أنه لم يعد كافياً".
وتابع، :"ولأسباب عديدة، نستطيع أن نوجز أهمها، الوهن والانقسام والفراغ الأوروبي، التعافي الروسي، الصراع الليبي والسوري، الكساد الاقتصادي العالمي، ميزان المدفوعات المرهق لاستيراد الطاقة (النفط والغاز)، والكثير، كلها، محددات ودوافع ساهمت في مفاضلة الاختيار الثاني، والتخلي عن الاختيار الأول لتركيا اليوم. لقد صنع الموقف الدولي مناخاً خصباً للتجاوزات التركية للمنظومة الدولية، وساهمت هشاشة الأوضاع بعد الثورات التدخل والتصرف، فاذا نظرنا للواقع التركي - الليبي بعد توقيع اتفاقيتين (بشكل مرفوض)، وقادم لترسيم حدودي بحري، يتضح لنا بشكل دقيق بأن الاستباق والدفع بالاختيار الثاني قد أفضي واجتذب خسائر كبرى، ومن ضمنها: الدخول في صراع إقليمي، الاستنزاف العسكري وتعطيل الدور التركي بمنظمة حلف شمال الأطلسي، التعجيل باتخاذ قرارات دولية تمهيداً لـــ "عقوبات اقتصادية"، دفع دول منتدى حوض شرق المتوسط لتسريع سياسات المشاركة والاستكشاف والتنقيب وترسيم البحار في مواجهة الخطر القادم، الاستمرار لمنع تركيا حق الاستكشاف بشرق المتوسط وبحر ايجا".
وأضاف القذافي، :"لم تحقق تركيا تقدما، فعلى المستوى الدولي، خسرت الثقة والشركاء، وعلى المستوى الإقليمي، خسران الحلم الاقتصادي والريادة، وفي الملف الليبي البديل للطاقة، فلم تستطع الوصول بمركبها "الوفاق" للهلال النفطي" ومن ثم خسران الرهان، الأمر الذي عجل التضامن وتفعيل أدوار دول الطوق في مواجهة التطلع لتركي، ومنها مصر واليونان وقبرص، مع احتمالية تخلي إيطاليا عن وموقفها لصالح الموقف الأوروبي تعزيزاً واستمرارا".